«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مستقبل المجتمعات العربية في مكتبة الإسكندرية‮:‬التخلص من إسرائيل قبل أي شيء آخر

نظمت وحدة الدراسات المستقبلية في مكتبة الإسكندرية الأسبوع الماضي مؤتمراً‮ ‬تحت عنوان‮ "‬مستقبل المجتمعات العربية‮...‬المتغيرات والتحديات‮"‬،‮ ‬والذي شارك فيه عدد من الخبراء والباحثين العرب والأجانب لمناقشة ما تمر به المنطقة من أزمات وحروب بعد ثورات الربيع العربي،‮ ‬ولتقديم رؤية عن المستقبل ووضع معالم له،‮ ‬خصوصاً‮ ‬أن الأوضاع تتعقد‮ ‬يوماً‮ ‬بعد آخر،‮ ‬حيث‮ ‬يتزايد عدد التنظيمات المُسلحة في مختلف البلاد مثل مصر وسوريا والعراق واليمن وليبيا،‮ ‬في الوقت الذي تتزايد فيه قوة إسرائيل،‮ ‬وذلك لأن الاثنين؛ الإرهاب والعدو،‮ ‬يساندهما الغرب ويقدم لهما الدعم والأسلحة،‮ ‬وهو ما تناولته الجلسات والمحاضرات التي رأت ضرورة التخلص منهما،‮ ‬كي‮ ‬يفيق العرب لمشكلاتهم الأساسية،‮ ‬ويضعوا الخطط والاستراتجيات التي من شأنها أن تعيد المنطقة إلي سابق عهدها‮.‬
افتتح المؤتمر الدكتور إسماعيل سراج الدين مدير مكتبة الإسكندرية،‮ ‬بكلمة قال فيها إن المتغيرات العاصفة التي ألمت بالعديد من دول المنطقة في السنوات القليلة الماضية فرضت سؤالاً‮ ‬هامًا‮ ‬يتعلق بمستقبل المجتمعات العربية،‮ ‬ومستقبل الأجيال القادمة الشابة،‮ ‬والذي‮ ‬يشغل أيضا كثير من دول العالم،‮ ‬وبخاصة أوروبا التي تتأثر من التحولات التي تشهدها المنطقة العربية في بنيتها الاجتماعية والثقافية،‮ ‬باعتبارها امتدادًا لتاريخ هذه المجتمعات من ناحية وجزء من التحولات الأعمق التي تلف العالم من ناحية أخري،‮ ‬وهو ما‮ ‬يضاعف من التحديات أمام المجتمعات العربية التي ما زالت في جدل عميق،‮ ‬ومخاض تحولات صعبة تتعلق بموقعها في العالم اليوم،‮ ‬في الوقت الذي لا تزال فيه التساؤلات حول الهوية،‮ ‬والحرية،‮ ‬والتنمية،‮ ‬والعدالة الاجتماعية،‮ ‬والديمقراطية تحتاج إلي إجابات معمقة‮. ‬
وأوضح سراج الدين أن المؤتمر‮ ‬ينطلق من عدة قناعات؛ أولها أن الوقت لم‮ ‬يفت بعد،‮ ‬فلا‮ ‬يزال أمام الشعوب العربية فرصة لتشكيل مستقبلها،‮ ‬حتي لا‮ ‬يكون مستقبلها مفروضًا عليها،‮ ‬علي الرغم من أن النظرة الأولي إلي حال العالم العربي تشي بأزمات عميقة وشاملة تتراوح ما بين فشل مشروع‮ "‬الدولة الحديثة‮" ‬الذي انشغلنا به،‮ ‬وصعود الحركات الإرهابية واتجاهات التكفير والتطرف وتفشي الانقسامات المذهبية والطائفية والأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي توصف في معظم الأحيان ب‮ "‬الأمراض المزمنة‮"‬،‮ ‬إلا أن من عناصر الاستبشار الكامنة في هذه المجتمعات أجيالها الشابة،‮ ‬التي تحلم بالحرية وبالغد الأفضل‮..‬
ثانيًّا؛ أن المستقبل ليس واحدًا،‮ ‬فهناك مستقبلات عديدة‮ ‬يمكننا الاختيار من بينها،‮ ‬وما زالت أمام المجتمعات البشرية الفرصة لصياغة مستقبلها الخاص بها،‮ ‬مع العلم بأن هذه المستقبلات‮ ‬غير منفصلة بل‮ ‬يؤثر كل منها في الآخر،‮ ‬فجزء من مستقبل الشعوب العربية مرتبط بمستقبل صعود الصين أو الهند أو البرازيل في مواقع القوي العالمية،‮ ‬وجزء كبير من مستقبل العالم وتوجهاته‮ ‬يتحدد أيضًا علي أرضنا‮. ‬وثالثًا‮: ‬إن النظرة إلي المستقبل‮ ‬ينبغي لها أن تتسم بالكلية والشمولية،‮ ‬فالمستقبل بطبيعته لا‮ ‬يتعلق بجانب واحد من جوانب الظاهرة دون الآخر،‮ ‬فهو إدراك كلي تستدعي الإحاطة به نقاشات موسعة ومستمرة تجمع العلماء والباحثين من كافة التخصصات والمشارب والخلفيات لبناء تصورات حول المستقبل وكيفية تحقيقه حاليًّا والعبور إليه لاحقًا‮.‬
من جانبه،‮ ‬أكد الكاتب حلمي النمنم وزير الثقافة أن سؤال المستقبل أصبح ضروريا وحيويا لمواجهة المخاطر التي تهدد المجتمعات العربية،‮ ‬وأن هناك عددا كبيرا من التساؤلات المتعلقة بقضايا حاضرنا أولها حالة التشدد والتطرف التي بات الجميع‮ ‬يعاني منها،‮ ‬إذ لم تسلم منها أي دولة عربية مع اختلاف مستوياتها من دولة لأخري‮. ‬مضيفاً‮: "‬علينا أن نسأل أنفسنا كيف سنواجه مشكلة التطرف والإرهاب في مصر وسوريا والعراق واليمن والسودان وغيرها من البلدان،‮ ‬وكيف سنواجه ما ترتب عليها من حالة استقطاب مذهبي وطائفي وعرقي‮.. ‬وماذا عن مستقبل القضية الفلسطينية،‮ ‬ففي ظل الدعم الذي تحصل عليه إسرائيل،‮ ‬يتباعد حلم الدولة الفلسطينية،‮ ‬ويزيد من عدم الاستقرار في الدول العربية خاصة البلاد الحدودية‮".‬
تطرق أيضاً‮ ‬الدكتور عبد المجيد الشرفي،‮ ‬رئيس المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون‮ "‬بيت الحكمة‮"‬،‮ ‬في محاضرته‮ "‬الدولة القُطرية إلي أين؟‮" ‬للقضية الفلسطينية،‮ ‬إذ‮ ‬يري أن زرع الكيان الصهيوني في قلب المنطقة ومساندته من قبل الغرب بشكل عام خلق للعرب وضعاً‮ ‬في منتهي الصعوبة نظرًا لتفوق إسرائيل علي كل دول المنطقة عسكريًا،‮ ‬وتقدمها العلمي والتكنولوجي،‮ ‬والذي تسعي من خلاله بألا تكون محاطة بدول قوية بل بكيانات ضعيفة متناحرة مبنية علي أساس طائفي أو إثني،‮ ‬في ظل ذلك نجد أن الدولة القومية الموحدة حلم قد تبخر ولم‮ ‬يعد‮ ‬يدعو له سوي قلة قليلة لديها وعي متنام بالمصير المشترك الذي‮ ‬يجمع أبناء المنطقة‮.‬
وقال الشرفي‮: "‬لا‮ ‬يمكن التنبؤ بمستقبل للدولة القُطرية أو الوطنية في الفترة الحالية نظرًا لهشاشة الأسس التي قامت عليها تلك الدول،‮ ‬والتي عجزت عن القيام بالواجبات الدنيا؛ فلا هي قادرة علي حماية نفسها،‮ ‬ولا متفاعلة مع محيطها،‮ ‬ولا هي حققت الكرامة لمواطنيها كي‮ ‬يدافعوا عنها،‮ ‬ولا وفرت قواعد العيش المشترك بين مواطنيها،‮ ‬فبرزت الطائفية،‮ ‬فضلاً‮ ‬عن الحروب الأهلية الداخلية التي تغذيها القوي الإقليمية والخارجية أصحاب المصالح‮.. ‬والوضع البديل‮ ‬يتطلب في مجمله حلولاً‮ ‬تأخذ في الاعتبار ما‮ ‬يجمع سكان المنطقة،‮ ‬والبعد عما‮ ‬يفرضه الظرف العالمي واقتصاديات السوق والنظرة العدائية للإسلام،‮ ‬وذلك لن‮ ‬يتم إلا بإرادة حرة قادرة علي التغلب علي كل الصعاب،‮ ‬وهو ما تتجه حركة التاريخ نحوه‮".‬
وأضاف‮: "‬رغم ضبابية المشهد في المنطقة العربية إلا أن ثورات الربيع العربي لم تبُح بكل أسرارها،‮ ‬وتمثل‮ - ‬رغم كل ما جلبته وراءها من صعاب‮ - ‬النهاية لكل الأنظمة الفاسدة،لذلك‮ ‬يجب أن تسعي المنطقة إلي إقامة علاقات بين الدول وشعوبها لوضع حد للتناحر،‮ ‬فمصير الدولة القطرية أو الوطنية من المحيط الأطلسي إلي الخليج ليس واضحًا،‮ ‬لأن المنطقة العربية لم‮ ‬يعد لها نفس الدور والوزن اللذان كانا لها أيام ازدهار الحضارة الإسلامية العربية،‮ ‬وأنه مع اكتشاف النفط وقيام الدولة الحديثة أصبحت مناطق أخري تستحوذ علي الاهتمام بسبب وزنها الاقتصادي،‮ ‬وعلي رأسها الصين والولايات المتحدة الأمريكية ودول وأوروبا‮".‬
وأوضح أن العالم المعاصر‮ ‬يشهد ظاهرتين إحداهما مترتبة علي الأخري ونتيجة لها،‮ ‬هي البحث عن التكتل وتجميع القوي لمواجهة العولمة وحرية انتقال رؤوس الأموال والسلع،‮ ‬وفي المقابل الحركات التي تدافع عن الخصوصية وتحارب التنميط الذي تفرضه العولمة‮.. ‬هذا الظرف العالمي المتناقض من شأنه زيادة التعقيد في المنطقة؛ فالنمط المٌعَوّْلم محل انبهار ولكنه في نفس الوقت محل رفض‮. ‬متابعاً‮: "‬الدولة الوطنية العربية‮ ‬غير مكتملة نظرًا لحداثتها وافتقادها المقومات الأساسية،‮ ‬تتجاذب مواطنيها تيارات لا سبيل للتوفيق بينها،‮ ‬وتعيش حالة حرب أهلية معلنة حينًا وخفية أحيانًا أخري‮". ‬
وفي جلسة بعنوان‮ "‬مسارات الجماعات الراديكالية في العالم العربي‮"‬،‮ ‬قال الدكتور السيد أبو فرحة مدرس العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة بني سويف،‮ ‬إن التحديات التي تواجه الدولة القومية بصفة عامة وصيغتها العربية بصفة خاصة خطيرة،‮ ‬منها ظاهرة الإرهاب التي شهدت تحولاً‮ ‬نوعياً‮ ‬جديداً‮ ‬خلال الفترة التي أعقبت التغيير السياسي الذي شهدته عدد من النظم العربية‮. ‬طارحاً‮ ‬عدداً‮ ‬من سيناريوهات مستقبل الدولة القومية في المنطقة العربية،‮ ‬في ظل التحول النوعي في جغرافيا الظاهرة الإرهابية في المنطقة بالتطبيق علي تنظيم الدولة الإسلامية المعروف ب"داعش‮"‬،‮ ‬من بينها انكفاء الدولة القومية العربية علي ذاتها في سبيل الحفاظ علي استمراريتها،‮ ‬وهو سيناريو مكلف للدولة في ضوء تأثيرات الخارج وتسارع تكنولوجيا المعلومات‮.‬
وحذر أبو فرحة من سيناريو تداعي الدولة القومية العربية وتفككها لصالح صيغ‮ ‬جديدة للحكم والسيطرة قد تنقلها إلي شكل قومي بالمعني العرقي وليس الوطني،‮ ‬وهو ما قد‮ ‬يؤدي إلي تغير واسع في جغرافيا المنطقة العربية‮. ‬كما حذر أيضًا من تداعي صيغة الدولة القومية العربية لصالح التنظيمات الإرهابية الجديدة في إطار زحف الأخيرة جغرافياً‮ ‬وتنظيمياً‮ ‬علي الأول في اتجاه تأسيس تنظيمات إرهابية مستقرة جغرافياً‮ ‬ومؤسسياً‮. ‬مشيراً‮ ‬إلي أحد السيناريوهات المتوقعة أيضا،‮ ‬والذي‮ ‬يتمثل في تنامي التدخل الخارجي في الداخل العربي بصورة تسمح بالحفاظ علي الصيغة الراهنة للدولة القومية العربية ولكن في حدودها الدنيا بحيث لا تفي بطموحات شعوبها المتنامية‮.‬
وقدم اللواء خالد عكاشة مدير المركز الوطني للدراسات الأمنية في هذه الجلسة ورقة بحثية بعنوان‮ "‬تأثير
‮ ‬الجماعات الراديكالية علي مستقبل الأمن العربي‮: ‬نظرة من الداخل‮"‬،‮ ‬اعتمدت علي أربعة محاور رئيسية؛ أولها أن التنظيمات الإرهابية تشكل خطراً‮ ‬ملموساً‮ ‬علي معادلات السياسة والاستقرار والمشهد العربي،‮ ‬فهي متداخلة في كل المشكلات التي تواجه المنطقة وحاضرة بقوة،‮ ‬وثانيها أن التنظيمات المسلحة حققت طفرة‮ ‬غير مسبوقة منذ عام‮ ‬2011؛ فأصبحت تضم عقليات مُدربة،‮ ‬وطورت من أساليبها في تجنيد أعضائها،‮ ‬كما طورت مرجعياتها الفكرية وصنعت خطابًا سياسيًا خاصًا،‮ ‬وطورت حواضن الإرهاب‮.‬
أما المحور الثالث فيتمثل في المساحة الواسعة من استثمار أطراف إقليمية ودولية لتلك التنظيمات مما وسع مفهوم‮ "‬صراعات الوكالة‮"‬،‮ ‬فبدأت القوي العظمي تفتح خطوط اتصال مع الجماعات الإرهابية،‮ ‬وأصبح هناك رعاة رسمييون من الدول لتنظيمات بعينها‮. ‬ويتناول المحور الرابع من ورقة اللواء خالد عكاشة،‮ ‬آفاق وأدوار المواجهة لتلك التنظيمات؛ مشيرًا إلي أن هناك أدوارا أمنية وعسكرية وسياسية ومجتمعية وفكرية وثقافية،‮ ‬وأنه لابد من وجود مواجهة شاملة وإرادة من قبل الدول وحكوماتها للقضاء علي تلك التنظيمات،‮ ‬حتي لا تفتح الأفق الزمني لتنامي هذه الظاهرة‮.‬
بينما تناول الدكتور قيس الهمامي،‮ ‬الباحث والخبير بالمعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية،‮ "‬الاستشراف الاستراتيجي في الفكر المعاصر فلسفيًا وثقافيًا‮" ‬وهو عنوان محاضرته التي قال فيها إن الدراسات التي أجريت في مجال الاستشراف ضعيفة والكثير منها وضعها خبراء أجانب لا‮ ‬يعرفون وضع وخصوصيات العالم العربي،‮ ‬وهو ما‮ ‬يدعو لضرورة وجود دراسات عربية تتناول هذا المجال‮. ‬مضيفاً‮: "‬الدراسات الحديثة في هذا المجال أكدت أنه لا‮ ‬يمكن قياس تقدم الشعوب إلا بالنظر إلي مستقبلها،‮ ‬وفي نفس الوقت الذي‮ ‬ينقلنا فيه الاستشراف نحو المستقبل فإنه‮ ‬يجعلنا ننظر إلي الماضي،‮ ‬والدراسة التي أعددتُها في هذا الشأن تركز علي التثبت من معايير الاستشراف الاستراتيجي في الفلسفة العربية عمومًا والإسلامية خصوصًا،‮ ‬بداية من العصر الجاهلي والعصور اللاحقة له‮".‬
ودلل الهمامي علي كلامه بما أقبل عليه‮ ‬يعقوب بن اسحاق الكندي الذي وضع معجماً‮ ‬يضم جميع المصطلحات الفلسفية العربية،‮ ‬محاولًا ايجاد التوافق بين الفلسفة والعلوم الأخري،‮ ‬خاصة العلوم الدينية،‮ ‬والذي اعتبر أن كل عنصر سببه العنصر الذي‮ ‬يسبقه،‮ ‬وأيضاً‮ ‬أبو نصر محمد الفارابي الذي‮ ‬يري أن العقلانية عنصر لأي فعل متعمد،‮ ‬وما كتبه حول‮ ‬المدينة الفاضلة في حال طبقت بعض السنن والأحكام بين الناس‮. ‬وأطروحة ابن سينا للقانون والفلسفة،‮ ‬وكذلك ابن خلدون حول فكرة الاستشراف ودلائل سقوط الأنظمة وعلاقة الزمن بالإمبراطوريات‮. ‬لافتاً‮ ‬إلي أن تطور فكرة الاستشراف حدث بسبب أربع موجات تاريخية؛ أولها استقلال الشعوب العربية،‮ ‬وثانيها سقوط حائط برلين،‮ ‬وثالثها أحداث سبتمبر‮ ‬2011،‮ ‬وآخرها العصر الذهبي المتمثل في الربيع العربي‮.‬
وكان من ضمن المشاركين في المؤتمر الدكتور إدجار جول،‮ ‬رئيس قسم بحوث الدراسات المستقبلية بمعهد الدراسات المستقبلية وتقييم التكنولوجيا ببرلين،‮ ‬والذي ألقي محاضرة بعنوان‮ "‬الدراسات المستقبلية في العالم العربي في ضوء خطة الأمم المتحدة‮ ‬2030‮"‬،‮ ‬إذ تحدث عن تجربته في تناول الدراسات المستقبلية في مصر حيث عمل لمدة عامين كباحث مشارك في مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء،‮ ‬وخرج بتقييم لأوضاع الدراسات المستقبلية والمراكز والشخصيات الرائدة القائمة عليها،‮ ‬قائلاً‮ ‬إن الاهتمام بالمستقبل‮ ‬يعد أحد أهم أسباب استمرار المجتمعات وربما نجاحها؛ فكثير من الحضارات اختفت نتيجة عدم معرفتهم بما سيواجهونه في المستقبل من متغيرات اقتصادية وبيئية‮ ‬واجتماعية،‮ ‬وعدم فهم التحديات المستقبلية،‮ ‬لذلك‮ ‬يجب علي صانعي القرار في العالم العربي أن‮ ‬يدركوا أن الاعتماد علي الدراسات المستقبلية في اتخاذ القرارات المصيرية بمجتمعاتهم ودولهم ستساعدهم علي بقائها،‮ ‬وأنه‮ ‬يجب أيضًا علي الرجال والنساء وكل المؤسسات أن‮ ‬يغيروا أنشطتهم حتي لا‮ ‬يعيشوا علي حساب الأجيال القادمة‮". ‬
ولفت جول إلي أن عملية التنمية المستدامة هي عملية معقدة،‮ ‬وأن هناك متطلبات لهذه التنمية أهمها‮: ‬التقبل،‮ ‬والمعرفة،‮ ‬والاستشراف والقدرة علي الاختيار،‮ ‬والعمل،‮ ‬والدعم المعرفي،‮ ‬والنقود‮ ‬،‮ ‬والمعرفة المجتمعية،‮ ‬وكذلك أيضًا التمكين؛ حيث‮ ‬يجب أن‮ ‬يكون هناك قرارات داعمة من الوزارات،‮ ‬والمجتمع،‮ ‬وصانعي القرار‮. ‬مضيفاً‮: "‬ما نتخذه من قرارات اليوم،‮ ‬وما نقوم به من تصرفات في الحاضر سوف‮ ‬يؤثر بصورة أو بأخري علي مستقبلنا ومستقبل أبنائنا من بعدنا‮. ‬وإذا أردنا لهذا المستقبل أن‮ ‬يكون مقبولاً‮ ‬من وجهة نظرنا،‮ ‬فعلينا أن نتخذ قراراتنا اليوم آخذين في الاعتبار النتائج والتداعيات المحتملة لهذه القرارات علي مدي زمني طويل،‮ ‬وليس فقط علي المدي القصير أو المتوسط‮".‬
ويري جول أنه لا‮ ‬يوجد مستقبل واحد بل عدة مستقبلات‮ ‬يكون علي كل مجتمع الاختيار من بينها؛ فهناك المستقبل الممكن والمعقول والمحتمل وهناك المستقبل المفضل الذي‮ ‬يسعي البشر شعوريًا إلي تكوينه،‮ ‬ويعود اختلاف وتنوع المستقبل إلي اختلاف الثقافات الإنسانية،‮ ‬وكذلك اختلاف استجابتنا البشرية تجاه هذا المستقبل،‮ ‬فهناك استجابة استسلامية وهناك استجابة تتسم بالرد الفعل علي حسب الظاهرة وهناك استجابة فعالة تحاول إعادة تشكيل الفعل وتتفاعل إيجابيًّا،‮ ‬متناولاً‮ ‬أجندة الأمم المتحدة لعام‮ ‬2030،‮ ‬وهي خطة عالمية موضوعة من أجل ضمان التنمية المستدامة في المجتمعات البشرية وتستهدف القضاء علي الفقر وتحسين فرص التعليم والصحة ونوعية الاقتصاد فيها بحلول العام‮ ‬2030.‬‮ ‬
كما استعرض مشروع منارة،‮ ‬وهو مشروع عربي أوروبي تقوم عليه عدد من المراكز البحثية في أوروبا والعالم العربي ويهدف إلي وضع سيناريوهات التنمية المستدامة في منطقة شمال أفريقيا علي المستوي المتوسط والطويل‮. ‬ويسعي هذا المشروع عبر أعمال الخبراء واجتماعات مشتركة بين الباحثين علي امتداد المنطقة إلي التركيز علي الفرص والموارد المشتركة التي‮ ‬يمكن البناء عليها لتحقيق‮ "‬قفزة عربية‮" ‬في مجال التنمية المستدامة‮.‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.