دعا الشاعر محمد إبراهيم أبو سنة الهيئات الحكومية المعنية بالنشر والثقافة فى مصر إلى القيام بطباعة الأعمال الشعرية الكاملة "فى نسخة شعبية فاخرة" للشاعر الفلسطينى الراحل محمود درويش فى ذكرى رحيله الثانية، واتفق معه فى ذلك الشاعر فولاذ عبد الله الأنور. وقال أبو سنة من المؤسف إن محمود درويش أصبح أيقونة تجارية لدى أصحاب دور النشر الخاصة، موضحًا "إن القيام بطبع أعمال محمود درويش فى نسخة شعبية قيمة سيعطى فرصة كبيرة للأجيال الحالية والقادمة أن تقرأ محمود درويش باستمرار". وأضاف أبو سنة "لا شك وأن الشعر العربى بأكمله يفتقد محمود درويش، لأنه استطاع أن يعطى للشعر العربى تراثًا حقيقيًا للحداثة الشعرية فى التجديد والتطور والإبداع، مما جعله يحتل مكانة كبيرة فى الوجدان العربى، فطوال أربعين عامًا استطاع أن يتحدى نفسه وكافة المشكلات التى واجهته كشاعر فلسطينى مغترب عن وطنه المحتل، فاستطاع أن يظل كطائر فريد بموهبته الشعرية التى ظل يغذيها بكل عناصر الثقافة، فكان الشعر العربى يزداد تطورًا مع كل ديوان شعرى يصدره محمود درويش". وقال فولاذ عبد الله الأنور "لا تعود قيمة محمود درويش إلى كونه كشاعر فلسطينى بارز فحسب، وإنما تعود قيمته إلى كونه مناضلاً ومقاتلاً حقيقيًا، تتحول من حجر فى يد الطفل إلى قلم فى يد الشاعر، ومن موكب الشهيد إلى عرس كونى محفوفًا بالأفراح والزغاريط، الأمر الذى مكن لقصائد درويش أن تتشكل بطعم البقاء المناضل الذى عرفته الإنسانية بجميع لغاتها وعلى اختلاف أجناسها، ذلك أن للظل الجاثم على أرض فلسطين وجهًا مقابلاً يتمثل فى المقاومة التى لا تستمد جمالها وعناصرها إلا من شعر محمود درويش". بينما رفض الشاعر عبد المنعم رمضان هذه الدعوة قائلاً "إننا بهذه الدعوة نتعدى على رغبات محمود درويش التى أصر عليها فى حياته، فمحمود درويش لم يفكر قط فى طباعة أعماله طباعة شعبية واختار لها هذا الشكل الفخم التى تطبع فيه حاليًا، وقال لا شك أن المسئولين فى وزارة الثقافة المصرية سعوا إلى ذلك خاصة بعد فوزه بجائزة مؤتمر الشعر فى القاهرة، وأظن أن درويش يصر دائمًا على يحيط نفسه وشعره بذلك الجمال وبتلك المسافة التى يريد لها أن تكون بينه وبين قارئه، فهذا هو اختيار درويش، ونحن عاصرناهن وإذا كنَّا نحبه فلا بد أن نكون حريصين على رغبته". وأضاف رمضان "إن الفارق بين محمود درويش والشعراء الآخرين الذين لم يستطيعوا أن يكونوا نجومًا مثله يكمن فى شىء بسيط وهو أن الروائى يؤلف الحكايات ولكن لا يهمنا أن يكون هو نفسه حكاية، والرسام أيضًا بلوحاته قد يؤلف حكايات ولكن لا يهم أن يكون هو حكاية، ولكن الشاعر قط هو من يؤلف قصيدته وإلى جوارها يؤلف حكايته، وكما أن القصيدة يمكن أن تخفى شخصية الشاعر ولا تكشفها لنا، وكذلك فإن حكاية الشاعر تساوى إلى حد كبير قصيدته، وهذا ما فهمه أبو نواس، والمتنبي، والجواهرى، ونزار قبانى، وأدونيس، ومحمود درويش، وجزء من حكاية محمود درويش شكل كتابته وطريقة توزيعه، أما الشعراء الطيبون فيكتفون بالشعر ولا يألفون الحكايات". وتابع رمضان "كان محمود درويش يفاجئنا بما لا نتخلف به، بقدر ما يفاجئنا بما نتفق معه فيه، فكنَّا نحن الذين نكتب قصائده، وكنَّا نقترح عليه أماكن اللقاء، وكان هو من ينوب عنَّا فى اختيار مفردات اللقاء، كنَّا نحدد المنزل واسم الشارع وهو يحدد أسماء الضيوف ممن نرغبهم، وإلى هذا الحد كان محمود درويش هو الحاضر فى نفسه، والحاضر فينا، وكان الغائب عن نفسه، والغائب فينا".