لقد ضاقت مدينة القاهرة الكبرى بسكانها وزوارها وأصبحت الحياة فيها مرهقة وبالغة الصعوبة حتى صارت مستعصية على حل مشاكلها التى استفحلت، بدءا من التلوث والضوضاء والزحام والاختناق المرورى الشديد، وانقطاع الكهرباء والماء والصرف فى مياه النيل.. مما سبب لها ما يشبه الجلطة الدماغية، وإذا كان السيد رئيس الجمهورية قد انتقل بصورة شبه دائمة إلى شرم الشيخ وأصبحت شرم الشيخ محطة لعقد المؤتمرات واللقاءات العربية والدولية، فلماذا لا تنتقل الوزارات والسفارات والهيئات والمؤسسات الحكومية الكبرى إلى مدينة جديدة فى موقع مناسب فى شمال أو جنوبسيناء؟ وحيث إنه يقع على مشارف سيناء ثلاثة موانئ هامة فى بورسعيد والسويس والعريش ومناطق صناعية كبرى جاذبة للسكان مثل شرق التفريعة والسخنة والطور وبها جامعة ومعاهد ويقع فى شمالها أراضٍ جاهزة للزراعة مثل سهل الطينة وما حولها من الأراضى التى تتوسطها ترعة السلام وهى مهيأة بما تملكه من مقومات وثروات ومعادن وسواحل وبحيرات ووديان ومناطق أثرية وسياحية لأن تكون نموذجا لبناء دولة وليست مدينة أو مدينتين فحسب، وقد تكون دولا أصغر منها مساحة وأقل ثراء منها تحيا بين الدول، فما أحوجنا إلى الخروج من القوقعة التى خنقتنا وأذلتنا اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا على ضفتى نهر النيل الضيقتين، وأرض الله واسعة من حولنا فى مصر، وما ننفقه على تطوير وتوسيع وتجديد شبكات المياه والصرف الصحى والكهرباء وأنفاق المترو فى المدن العتيقة المزدحمة يمكن أن يصرف على البنية التحتية فى سيناء. كما يمكن إيقاف تراخيص البناء السكنى داخل المدن الكبرى والصغرى فى أنحاء الجمهورية لتوفير مواد البناء اللازمة للمشروع القومى فى سيناء. ولن نشعر بأن ما جنيناه من اتفاقية السلام وتحرير سيناء ذو أهمية ونفع للوطن وللشعب المصرى حتى نعمر كل شبر فى سيناء وقد فاتنا الكثير بسبب التراخى الشديد والإهمال فى تعمير سيناء تعميرا حقيقيا أضاع علينا كل الجهود والدماء التى بذلت على أرضها فى الحرب والسلام.. فهل نترك لإسرائيل امتياز الفائز الوحيد فى معركتى الحرب والسلام؟ إن انتقال عاصمة مصر إلى سيناء سوف يكون بمثابة قفزة مصرية إلى الأمام وحلا لمشاكل مزمنة تتذرع الحكومة باستعصائها على الحل كما تدعى دائما فى مشكلات الزيادة السكانية وقصور الإنتاج والبطالة.. ألا يستحق أبناؤنا والأجيال القادمة أن يعيشوا حياة حرة كريمة فى وطنهم، لماذا لا نعطيهم الفرصة فى تعمير وطنهم بدلا من الفراغ الغارقين فيه على المقاهى بين مباريات الكأس والدورى والحفلات التافهة لمدعى الغناء، علاوة على وقوع الكثير منهم فى شرك المخدرات والانغماس فى الملذات الحرام.