بكى الفنان محمود الجندى وهو يروى التفاصيل التى جمعت بينه وبين الكاتب الراحل "أسامة أنور عكاشة"، قائلا: على الرغم من أن المواقف التى جمعت بيننا كانت قليلة إلا أنها كشفت عن شىء واحد وهو أن هذا الرجل كان بمثابة جوهرة فى الدراما العربية. وأضاف الجندى أنه سعد كثيرا بتقديم أحد أدوار مسرحية أولاد الذين والتى كانت من تأليف الراحل عكاشة، وقال "كان صدره رحبا للغاية فلم أعرف يوما أنه انزعج أو غضب عندما يغير أحد فى الألفاظ الواردة بنصه وسبق أن حدث هذا معى، حيث قمت بتبديل بعض الكلمات أثناء تأديتى لدور فى مسرحية أولاد الذين، والتى كانت من تأليفه، وقتها حاولت أن أختبئ منه فى حجرة تبديل الملابس حتى لا تأت عينى بعينه وأعجز عن تفسير ما قمت به ولكنه كعادته الطفولية ابتسم وقال لى"أنا أكتب النص وأنا أجلس فى مكتبى، وأنت لك الحق فى توصيله للجمهور أيا كانت الطريقة". جاء ذلك خلال الندوة التى عقدت صباح اليوم، بهيئة الكتاب حول مختارات من مؤلفات الراحل أسامة أنور عكاشة المسرحية وهم "الناس اللى فى التالت أولاد الذين ليلة 14، فى عز الظهر"، حضر اللقاء الفنان محمود الجندى، الناقدة الدكتورة نسرين بغدادى، الناقدة الدكتورة نهاد صليحة، الفنان محمود الحدينى والمخرج محمد عمر، وأدارت الندوة الدكتور هدى وصفى. وقالت نهاد صليحة عن بدايات عكاشة المسرحية، كان من المفترض أن يكتب للمسرح خلال فترة الستينيات مثل كثير من الروائيين فى تلك الفترة، لأن المسرح كان المنبر الأساسى الذى يعبر الكتاب من خلاله عن هموم الشعب، ولكن عندما وقعت النكسة تبدد الحلم المسرحى بداخل عكاشة واكتفى بكتابة النصوص الدرامية حتى عاد إلى المسرح مرة أخرى بنصه "الناس اللى فى التالت" خلال فترة الانفتاح الاقتصادى. وأضافت: نجاح أسامة فى الدراما التليفزيونية كان ساحرا، وحظى بحب جماهيرى واسع المدى داخل مصر وخارجها، وعلى الرغم من أجره فى المسرح كان لا يصل لنصف ما يتقاضاه من حلقة واحدة فى مسلسل، إلا أن الكتابة المسرحية كانت عشقه الأول والأخير وهذا يدل على أنه لم يسع يوما للشهرة بل كانت هى التى تسعى إليه، ومن وجهة نظرى أرى أن عكاشة قدم أحدث طفرة فى المسرح المصرى، وكان لديه المزيد والمزيد ولكنها مشيئة القدر. وقال محمود الحدينى: عكاشة نجح فى أن يجعل للدراما التليفزيونية طابعا أدبيا، ولابد من توثيق أعماله الدرامية والحفاظ عليها لأنها نقلة فى تاريخ الفن المصرى والعربى. وأوضح الحدينى أن مسرحية "الناس فى التالت" كانت ثالث الأعمال المسرحية التى يؤلفها عكاشة ويعجز عن تقديمها وهو كان سبب خوفه الحقيقى من ألا تعرض المسرحية وتظل حبيسة الأدراج مثلما حصل مع بقية الأعمال، خاصة بعدما اعترضت الرقابة الفنية عليها، حتى جاءت فترة تولى الحدينى رئاسة البيت الفنى للمسرح وطلب من عكاشة أن يظهر المسرحية مرة أخرى ولكنه أخبره بأن الرقابة لا توافق عليه فرد عليه "الرقابة اتغيرت وأصبحت برئاسة على أبو شادى وهو فنان أولا وأخيرا وسيقدر قيمة ما تكتب"، وبالفعل وافقت الرقابة على النص وتولى إخراج العمل المخرج "محمد عمر"، وكان بطولة كل من "عبد العزيز مخيون، سميحة أيوب، رياض الخولى، فاروق الفيشاوى وغيرهم". وأضاف: من أفضل الأدوار التى جسدتها فى حياتى، هو دورى بمسرحية ليلة 14 فكانت ذات طابع إبداعى فى الكتابة والإخراج، وبرحيل عكاشة نكون قد فقدنا كاتب كبير كان يمكن يضيف الكثير للحركة الفنية المصرية. وقال الدكتور صابر عرب رئيس مجلس إدارة هيئة الكتاب: سيظل عكاشة حيا بيننا فهو يتجسد فى أعيننا من خلال أعماله الدرامية والمسرحية والتى لم تعطيها الأجهزة الإعلامية والتليفزيونية حقها يوما. وأضاف: سوف يؤرخ للدراما التليفزيونية قبل عكاشة وبعده ليدرك الناس التطور الذى حدث لها فى عهده.