مساعد وزير الداخلية يعلن التيسيرات المقدمة للراغبين في الالتحاق بكلية الشرطة..تعرف عليها    مرشحو حزب العدل يواصلون جولاتهم الانتخابية وسط تفاعل شعبي واسع    سعر الدولار اليوم الإثنين 21-7-2025 يتراجع أمام الجنيه إلى 49.20 جنيه للشراء    وزير العمل: منصة إلكترونية لتسجيل وشكاوى عمال "الدليفرى"    رئيس الوزراء يتابع موقف تقنين الأراضى المضافة لعدد من المدن الجديدة    ممثلون رفيعو المستوى من 50 دولة فى اجتماع جديد من أجل أوكرانيا    نقابة الصحفيين: "غزة تموت.. والضمير العالمى على محك التاريخ.. أوقفوا جريمة الإبادة بالتجويع.. فلسطين تختبر إنسانيتكم    الصين تحتج على العقوبات الأوروبية وتتوعد ب"رد قوى" لحماية مصالحها    النفط والضرائب والسوق السوداء.. ثلاثية الحوثيين لإدارة اقتصاد الظل    بيراميدز يواجه "باندرما سبور" ودياً فى معسكر تركيا    موقف الأجانب يؤجل إعلان الزمالك صفقة تيدى أوكو رغم حسم التفاصيل    منتخب السلة يواجه إيران فى بطولة بيروت الدولية الودية    الأهلي يخوض وديتين مع فرق الدوري الممتاز بعد العودة من تونس    مصرع شخص وإصابة 7 آخرين فى حادث تصادم سيارتين بطريق بنها المنصورة.. صور    شكرا مصر.. رسائل شكر من السودانيين خلال رحلة العودة إلى بلادهم.. صور    وصول الطفل ياسين مع والدته إلى محكمة جنايات دمنهور مرتديا قناع سبايدر مان    أنغام.. قصة خروج شائعة إصابتها بالسرطان وسبب تواجدها فى ألمانيا    وزير الثقافة: سنعمل بشكل أفقى بمحافظات مصر والمدارس والجامعات    رغم الابتعاد عن الأضواء.. نادية رشاد تتصدر التريند لهذا السبب    ملتقى التفسير بالجامع الأزهر: حديث القرآن الكريم عن الليل والنهار شامل ودقيق لإظهار التعبير والمعنى المراد    ما الضوابط الشرعية لكفالة طفل من دار الأيتام؟.. الإفتاء توضح    المفتي يوضح حكم كيِّ الماشية بالنار لتمييزها    وزير الصحة يفتتح أول معمل محاكاة متطور بالمعهد الفنى الصحى بالإسماعيلية    تقارير تكشف مصير جارسيا من الرحيل عن ريال مدريد    الأهلي يدرس ضم محترف مصري في أوروبا لتعويض رحيل وسام (تفاصيل)    وزير الداخلية يهنئ الرئيس السيسي والقوات المسلحة بذكرى ثور يوليو    لأول مرة.. 3 دبلومات بآداب قناة السويس للعام الجامعي 2025–2026    عضو ب"الشيوخ": مصر قادرة على مواجهة الإرهاب    فيديو.. الأرصاد تحذر من موجة شديدة الحرارة تضرب البلاد اعتبارا من اليوم    السيطرة على حريق في مصنع زجاج بشبرا الخيمة    أكتوبر يشهد أولى جلسات محاكمة عنصر إخواني بتهم تمس أمن الدولة    جامعة القاهرة تحتل المركز 487 بتصنيف ويبومتريكس الأسبانى يوليو 2025    وزير الخارجية يتوجه إلى نيجيريا في مستهل جولة بغرب أفريقيا    بدء اللقاء بين الرئيس اللبناني والموفد الأمريكي لبحث الرد على ورقة نزع سلاح حزب الله    فات الميعاد.. أحمد مجدي: شخصية مسعد تعبتني.. وبحاول أتخلص منه لحد دلوقتي    أحلام تتألق على مسرح مهرجان جرش في ليلة طربية خليجية 25 يوليو    مكتبة الإسكندرية توثق التراث المصري بسلسلة أفلام قصيرة موجهة للشباب    "شارك وخليك إيجابي".. حملة للتوعية بأهمية المشاركة في انتخابات مجلس الشيوخ 2025    تمهيدا لرفع الكفاءة.. متابعة علمية لمحطة بحوث الموارد المائية بطور سيناء    ضبط مصنعين غير مرخصين لإنتاج الشوكولاتة والحلويات بعلامات تجارية وهمية في الباجور    أسامة الجندي يوضح حكم الأفراح في الشرع الشريف    "الزراعة" تطلق منافذ متنقلة لبيع منتجاتها بأسعار مخفضة في الجيزة    الصحة: تقديم التوعية بمخاطر الإدمان ل457 ألفاً من طلاب المدراس    كسر مفتوح ومفتت.. نجاح عملية دقيقة لتثبيت ركبة بتقنية "إليزاروف" بالمنيا- صور    استمتع بمذاق الصيف.. طريقة عمل آيس كريم المانجو في المنزل بمكونات بسيطة    الداخلية تكشف ملابسات فيديو يتضمن ممارسة أعمال بلطجة باستخدام كلب بالإسماعيلية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 21-7-2025 في محافظة قنا    رئيس الجزيرة الإماراتي: صفقة إبراهيم عادل اكتملت.. وهذا موعد انضمامه    الأصول الأجنبية للبنك المركزي ترتفع إلى 10.1 مليار دولار بنهاية يونيو 2025    تحذير من هطول أمطار غزيرة في جنوب شرق تايوان    الفلبين تعلق الفصول الدراسية بسبب الأمطار الغزيرة    ارتفاع أسعار البيض اليوم الاثنين بالأسواق (موقع رسمي)    أحمد غنيم: المتحف المصري الكبير هدية مصر للعالم    "صعبة".. وكيل مصطفى شلبي يكشف تفاصيل انتقاله للبنك الأهلي    لكل ربة منزل.. إليك أفضل الطرق لتحضير مكرونة الميزولاند    جريمة داخل عش الزوجية.. حبس المتهمة بقتل زوجها بالقليوبية    غزة تنزف: مجازر متواصلة وجوع قاتل وسط تعثر مفاوضات الدوحة    أنغام فؤاد ومنيب تتألق في صيف الأوبرا 2025 بحضور جماهيري كبير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دمياط "الحزينة" بسبب أجريوم
نشر في اليوم السابع يوم 13 - 05 - 2008

فى الطريق إلى "رأس البر" من الناحية الشرقية، استقبلتنا لافتات الحداد السوداء على المنازل وواجهات المحال التجارية .. "نرفض مصنع الموت" .. "لا لمصنع السموم".. "لا للاستثمار القاتل"، كلها كتبت بخطوط بسيطة، تؤكد أن كتابها متطوعون وليسوا محترفين .
كوبرى علوى يفصلنا عن منطقة السنانية التى تقع على الجانب الآخر، يستقبلنا المهندس "على مطاوع" بابتسامة كبيرة، وترحيب أكبر .. ويرافقنا خلال جولتنا التى بدأت بعبورنا قرية "السنانية" الشهيرة بالنخيل .. أكثر من مليون نخلة.
"أجريوم" الكابوس الثقيل الذى أصاب محافظة دمياط كان سبب الزيارة. دعينا لحضور احتفال أبناء المحافظة بعيد المحافظة القومى، الذى اختلف عن السابق، فاكتفوا بتعليق الرايات السوداء فى كل مكان تعبيراً عن الحداد، وأقاموا مؤتمراً بحضور مجموعة كبيرة من الإعلاميين وأساتذة الجامعات والمهتمين بالشأن العام.و اقتصر فيه احتفال المحافظة الرسمى على وضع المحافظ إكليل من الزهور على النصب التذكارى للجندى المجهول .
نعبر الكوبرى والمهندس على يروى لنا قصة تراخيص المصنع التى أنهيت بطريقة عكسية، بدءاً بوزارات البترول والرى والدفاع، وانتهاءاً بوزارة البيئة، التى جاءت فى ذيل قائمة الموافقات، رغم أن القوانين المصرية تضع الموافقات البيئية على رأس الإجراءات الضرورية لتراخيص الصناعات الملوثة للبيئة. ويؤكد أن دمياط لها حظ وافر من الصناعات الملوثة للبيئة مما تسبب فى إصابة كثير من أبنائها بأمراض خطيرة، ويشير إلى المنطقة الحرة الصناعية القريبة من ميناء دمياط، التى تحوى مصنعين لإسالة الغاز، وآخر لإنتاج الميثانول يسببون سحابة كبيرة من الدخان تغطى سماء المنطقة، قريباً من جزيرة رأس البر التى تحتضن تنوعاً بيئياً متميزاً، يؤهلها لتعلن كمحمية طبيعية لا أن تخرب بهذا الشكل.
"أخذنا نصيبنا من التلوث" .. كانت العبارة التى بدأ بها المهندس جمال البلتاجى كلامه، قبل أن يؤكد أن أهالى دمياط ليسوا ضد الاستثمار، أو ضد "أجريوم"، وإنما ضد محاولة تدمير مدينتهم بانبعاثات ومخلفات المصنع . يشير إلى صوامع الغلال القريبة من أرض المصنع، والتى يخزن فيها أكثر من 140 ألف طن من القمح، وإلى المطحن الذى لا يبعد عن موقع أجريوم كثيراً ويقول "الأضرار ستمتد إلى الآلاف من المصريين فى كل مكان بعد أن يصلهم الدقيق الملوث الذى ينتجه المطحن".
"شركة أجريوم المصرية للمواد النيتروجينية .. شركة مساهمة مصرية تعمل بنظام المناطق الصناعية الحرة " .. قابلتنا العبارة السابقة مكتوبة على لافتة ضخمة، ومزينة بعلمى مصر وكندا فى الأطراف عند طرف الأرض المخصصة للمصنع، والتى أحيطت بسور كبير من الأسلاك الشائكة ينتهى عند بوابة ضخمة مشددة الحراسة ..
أمام البوابة الرئيسية كان الوضع يغنى عن أى كلام .. أرض المصنع، وعلى مقربة منها تظهر أشجار النخيل الكثيفة ب "السنانية"، وشاطئ البحر المرشح لتصريف مخلفات المصنع وراءنا.. الأرض خالية من أى إنشاءات أو مبان بخلاف "باكية" خشبية كبيرة، فى منتصفها و"كشك" حراسة قريب من البوابة، وبعض "المواسير" المعدنية الضخمة بالقرب من السور. يحدثنا المهندس على عن المبالغ الطائلة التى تؤكد الشركة أنها أنفقتها على الموقع، مؤكداً أن ما نراه بالتأكيد لا يرقى إلى قيمة المبالغ المعلن عنها والتى تقدر بالملايين، ومشيراً إلى أن إدارة الشركة أنفقت هذه المبالغ على أمور أخرى لها علاقة بما تحدث عنه السفير الكندى من عمولات تلقاها مسؤلون فى مناصب عليا.
حملة التوقيعات حدثنا عنها أحد قيادى حملة مناهضة المصنع، مؤكداً أن توقيع أى شخص بالموافقة على هذه الجريمة عار لا يمحى، وقال إن قائمة سوداء بأسماء أصحاب التوقيعات ستعلن أمام الرأى العام، ليعرف الجميع كل من ساهم فى جريمة "أجريوم" كما وصفها. وحكى آخر عن قصة سمير زاهر رئيس الاتحاد المصرى لكرة القدم ونائب الشورى عن دمياط، بعد أن تنصل من موافقته على إقامة المصنع، وقال إن مسؤلى الشركة استغلوا توقيعه أثناء تناول وجبة غداء مع شخصيات أخرى من دمياط فى الترويج لموافقتهم على إقامة المصنع .
نتحرك من أمام المصنع باتجاه جزيرة رأس البر، ولا يفوتنا حالة القلق التى سببتها زيارتنا لحراس المصنع بعد أن صورنا أحدهم بكاميرا الموبايل، وأجرى الآخر اتصالاً هاتفياً برؤسائه، وفى طريقنا نعرف من"المهندس على" أسباب التمسك بموقع المصنع الحالى، الذى يحقق للشركة مكاسب مضاعفة، فالمياه التى سيتسهلك المصنع 1200 متر مكعب منها متوفرة، والغاز المكون الأساسى نبيعه للعدو قبل الصديق، والرصيف البحرى الذى ستنشأه الشركة سيتكفل بتوفير نفقات النقل والشحن، مكاسب كبيرة لن تضحى بها الشركة من أجل صحة أهالى دمياط، أو حالة البيئة فيها. خاصة أن "أجريوم" المركز السابع ضمن قائمة أكثر 10 شركات ملوثة للبيئة فى كندا.
رأس البر التى تشهد التقاء نهر النيل بالبحر المتوسط عند منطقة "اللسان"، استقبلتنا متشحة بالسواد الذى شكلته لافتات الحداد والرفض على النوافذ والشرفات، هرب الزوار وانخفض ثمن وحداتها السكنية بمعدل 20%، خلت الكافيتريات والمطاعم رغم أن هذا التوقيت كان يشهد بداية الموسم الصيفى.
80 مليار جنيه قيمة استثمارات رأس البر من عقارات وفنادق ومطاعم، يهدد وجودها المصنع الذى لا تزيد استثماراته عن 7 مليار جنيه. فضلاً عن تدمير الثروة السمكية التى يعيش أهل عزبة البرج على العمل فى صيدها، ليشرد وقتها صيادو عزبة البرج التى تحوى نصف أسطول الصيد المصرى .
فى المؤتمر الصحفى لا يختلف الأمر كثيراً، نسمع كلام خبراء البيئة والباحثين حول مخاطر المصنع، الذى لا يختلف عن كلام أهالى دمياط، بعد أن أصبح المصنع ووجوده قضية حياة أو موت، ونلاحظ أيضاً تمثيل أغلب التيارات السياسية فى حملة مناهضة المصنع تجمع، وناصريون، وإخوان، وأدهشنى أكثر الجالس بجوارى الذى هاجم المصنع بحماس شديد، ورفض وجوده بكل الأشكال، فسألته عن صفته ليقول بأسف "حزب وطنى".
فى طريق العودة نمر من جديد على منطقة "السنانية"، التى تستقبلنا بأشجار النخيل الممتدة بطول الطريق، وأبيات القصيدة التى كتبها الشاعر عبد الرحمن يوسف تضامناً مع دمياط ما زالت تتردد فى أذهاننا .. "متى موعد الموت؟ .. متى موعد الموت؟".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.