دعا الرئيس الفرنسى فرانسوا هولاند إلى حماية ضحايا العنف العرقى والدينى فى الشرق الأوسط، مشيدا باهتمام الدولة المصرية الكبير بالمساواة بين المسلمين والأقباط والعمل على أن يتمتعوا بكامل حقوقهم على حد سواء. جاء ذلك فى كلمة الرئيس الفرنسى خلال افتتاح مؤتمر "باريس الدولى لحماية العناصر المستضعفة من ممارسات "داعش" فى سورياوالعراق" برئاسة وزير الخارجية الفرنسى لوران فابيوس ونظيره الأردنى ناصر جودة، بحضور نائب الأمين العام للأمم المتحدة يان إلياسون ووزير الخارجية سامح شكرى. وذكر هولاند أن الشرق الأوسط كان مهد الحضارات والمكان الذى تتعايش فيه الديانات فى ظل احترام متبادل وتوجه منه رسالة سلام إلى العالم، كما أشاد بمبادرة عقد هذا المؤتمر الذى يضم دول عديدة فى الشرق الأوسط ولاعبين سياسيين بالإضافة إلى منظمات دولية، لافتا إلى أن الهدف من انعقاده هو بحث سبل الحد من العنف والفظائع التى تطول الأقليات الإثنية والدينية. وأضاف أن هذا المؤتمر أرادته فرنساوالأردن أن يكون مفيدا ولا يكتفى بوضع قائمة بالمآسى والفظائع التى يتعرض لها السكان المدنيون، ويجب ألا يكتفى بالتعبير عن الأسف حيال الوضع الراهن، منبها بأن ما هو على المحك فى الشرق الأوسط هو نهاية تاريخ عريق وقديم وهو تاريخ التعددية والتنوع والتعايش والحضارة والحوار. ودعا الرئيس الفرنسى أن يترجم هذا المؤتمر إلى استنتاجات لن تكون فقط مبدأ على ورق ولكن خطة عمل حقيقية على الصعيد السياسى والإنسانى والقانونى والقضائى. وأشار إلى المجازر التى ترتكب منذ ثلاث سنوات بحق رجال ونساء يلاحقون ويضطهدون على أساس دينهم، مضيفا أنه منذ عام التقى بالعراق بممثلين عن مسيحيى الشرق والازيديين واستمع إلى المآسى التى يعيشونها من قتل رجال وخطف أطفال واغتصاب للنساء على يد تنظيم "داعش" الإرهابى. واعتبر هولاند مجددا أن المسلمين هم أولى الضحايا للإرهاب لا سيما إرهاب داعش الذى يتبنى أيديولوجيا التدمير للبشر والتراث الذى يعود إلى آلاف السنين. وأكد أن هدف "داعش" هو القضاء تماما على إمكانية العودة للعيش معا ونشر الخوف والرعب تجاه أقليات الشرق الأوسط ولكن أيضا ضمن المسلمين الذين لا يسيرون على نهجهم وبالتالى يعتبرهم التنظيم كفارا أو مرتدين، داعيا إلى ضرورة التحرك فى المنطقة للقضاء على الإرهاب. وأشاد بجهود الأردن لاستضافة اللاجئين وتعزيز التنوع الثقافى والدينى، معتبرا أن رسالة الإسلام هى السلام وتسامح فى العالم الإسلامى وغيره. كما وجه التحية للبنان الذى يستقبل 1.5 مليون لاجئ بالرغم من التقلبات التى يشهدها ولكن يحرص على وحدته بكل قوة وعلى الحفاظ على التعايش بين مختلف الطوائف رغم الجرائم التى ترتكب على بعد كيلومترات من حدوده. وأضاف أن لبنان يجب أن يحصل على دعم ومساعدة مادية وهو موضوع سيتم طرحه على هامش الاجتماعات القادمة للجمعية العامة للأمم المتحدة. كما أثنى على جهود الحكومة العراقية من أجل تعزيز المصالحة الوطنية والعمل بين كل العراقيين أيا كانت معتقداتهم وانتماءاتهم العرقية. كما تحدث الرئيس الفرنسى عن صورة الطفل السورى الغارق التى هزت العالم وحركت الضمائر، لافتا إلى أن 3000 مهاجر لقوا مصرعهم أثناء عبور المتوسط للوصول إلى أوروبا. وتابع قائلا: يجب أن نفكر أيضا فى 12 مليون سورى تَرَكُوا ديارهم وتم تشريدهم و4 ملايين نزحوا إلى الدول المجاورة. وأضاف أن الوضع الراهن طارئ سياسيا، وهذا يظهر أهمية القوة التى يجب أن نحشدها فى إطار التحالف الدولى ضد داعش وتشارك فيها فرنسا، مشيدا أيضا بدعم الأممالمتحدة بدفع عملية الانتقال السياسى فى سوريا بعد أن تعطلت هذه المبادرة على مدى عامين، وذلك تزامنا مع توجيه ضربات عسكرية ضد "داعش". ومن ناحية أخرى، أكد الرئيس الفرنسى أنه تتطرق إلى أزمة اللاجئين أمس مع انطونيو جوتيريس مفوض الأممالمتحدة لشئون اللاجئين، والحاجة الطارئة للتعامل معها لوضع حد لمعاناة العديد من المهاجرين. وحذر من أن عمليات النزوح الكثيفة إلى أوروبا لن تتوقف إذا لم تتم تهيئة الظروف الملائمة لاستقبال اللاجئين فى الدول المجاورة لبلدانهم الأصلية، مذكرا بموقف بلاده الداعى إلى توزيع اللاجئين المستوفين لشروط اللجوء على أوروبا. كما دعا إلى وضع سياسات لحماية السكان المدنيين فى مناطق النزاع والتراث الثقافى فى الشرق الأوسط، مشيرا إلى عمليات التدمير والجرائم المتمثّلة فى الاتجار فى البشر وفى الممتلكات الثقافية من قبل الجماعات الإرهابية، مطالبا بمحاكمة المسئولين عن عن هذه الأعمال. واعتبر أن ممارسات "داعش" فى العراقوسوريا هى جرائم ضد الإنسانية تستوجب محاكمة مرتكبيها أمام المحكمة الجنائية الدولية.