مؤشرات تنسيق الثانوية العامة 2025.. الحد الأدني ل كلية علوم 2024 بالنسبة المئوية والدرجات    «الخارجية» تهنئ الرئيس السيسي والشعب المصري بذكرى ثورة 23 يوليو    أسعار البيض اليوم الأربعاء 23 يوليو 2025    عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الأربعاء 23-7-2025 بعد آخر ارتفاع بالصاغة    أسعار الخضروات اليوم الأربعاء 23 يوليو في سوق العبور للجملة    رئيس وزراء اليابان: دراسة تفاصيل الاتفاقية التجارية مع أمريكا بدقة    وزير الخارجية يتوجه إلى النيجر في المحطة الثالثة من جولته بغرب إفريقيا    ترامب: الفلبين ستدفع رسوما جمركية بنسبة 19% بموجب اتفاق مع الرئيس ماركوس    ويتكوف يلتقي مسئولين قطريين وإسرائيليين في روما بشأن اتفاق الأسرى    الوداد يتحرك لضم يحيى عطية الله من سوتشي الروسي    وفاة 4 أشخاص بطلقات نارية إثر مشاجرة مسلحة بين عائلتين بقنا    رئيس اتحاد شمال إفريقيا للخماسي يكرم الطالبة وسام بكري الأولى على الجمهورية (دمج) ب 100 ألف جنيه    الطقس اليوم الأربعاء.. بداية موجه شديدة الحرارة على أغلب الأنحاء    خريطة حفلات مهرجان العلمين الجديدة بعد الافتتاح بصوت أنغام (مواعيد وأسعار التذاكر)    دار الإفتاء المصرية توضح حكم تشريح جثة الميت    50 ألف جنيه مكافأة من حزب الجبهة الوطنية لأوائل الثانوية العامة    اليوم، الأهلي السعودي في مواجهة نارية أمام كومو الإيطالي، الموعد والقنوات الناقلة    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات في محافظات الصعيد    مجلس الأمن يعتمد قرارا لحل النزاعات بالطرق السلمية    حريق يلتهم محلين تجاريين وشقة في أسيوط    تنسيق المرحلة الأولى .. متى يبدأ وما الحد الأدنى المتوقع؟    تحرك مفاجئ في أسعار النفط بعد الاتفاق التجاري "الضخم" بين واشنطن وطوكيو    الصفقات الجديدة والراحلين يشعلون غضب يانيك فيريرا في الزمالك.. تقرير يكشف    أسعار سيارات Genesis في السوق المصري    رابط نتيجة الثانوية الأزهرية 2025 عبر بوابة الأزهر الشريف فور اعتمادها رسميًا    تظلمات نتيجة الثانوية العامة 2025 «الخطوات والرسوم والمواعيد الرسمية»    فيتو داخل منزل نوران نبيل السادسة على الجمهورية: أفتخر بلقب أخت الدكاترة ومثلي الأعلى مجدي يعقوب (فيديو)    حمزة نمرة يطرح اليوم الدفعة الأولى من ألبومه "قرار شخصي"    نقابة الموسيقيين اللبنانية عن تقبيل راغب علامة في حفل العلمين: تعبير عن محبة واحترام    عودة القائد.. حارس الصفاقسي يرحب ب معلول (صورة)    طريقة عمل الحواوشي بالعيش، أحلى وأوفر من الجاهز    بانوراما أيامنا الحلوة تجسّد مشاعر الحنين إلى الماضي على المسرح المكشوف بالأوبرا    لنقلهم إلى درعا.. دفعة جديدة من الحافلات تصل السويداء لإخراج المحتجزين    ترامب يتهم باراك أوباما بالخيانة بشأن تدخل روسيا في انتخابات 2016    فيروس شيكونجونيا.. ما هو وباء البعوض الذي حذرت منه منظمة الصحة العالمية ويهدد 5 مليارات شخص؟    لمدة 7 ساعات.. قطع التيار الكهربائي عن 12 منطقة في البحيرة    جامعة الإسكندرية تستقبل وفد المركز الإعلامي الأوزبكستاني    بعد ظهور نتيجة الثانوية العامة 2025 .. نصائح لاختيار الجامعة والكلية المناسبة لك    تعليم البحيرة تهنئ الطالبة نوران نبيل لحصولها على المركز السادس فى الثانوية العامة    شخص مقرب منك يؤذي نفسه.. برج الجدي اليوم 23 يوليو    محمد التاجي: جدي «عبدالوارث عسر» لم يشجعني على التمثيل    محمد التاجي: فهمي الخولي اكتشف موهبتي.. ومسرح الطليعة كان بوابتي للاحتراف    الرابعة على الثانوية: تنظيم الوقت سر النجاح.. وحلمي أكون طبيبة    «الأهلي بياخد الدوري كل أثنين وخميس».. نجم الزمالك السابق يتغنى ب مجلس الخطيب    كتائب القسام: قصفنا موقع قيادة وناقلة جند إسرائيلية بالقذائف والصواريخ    سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الأربعاء 23 يوليو 2025    منها السبانخ والكرنب.. أهم الأطعمة المفيدة لصحة القلب    «الإندومي» والمشروبات الغازية.. أطعمة تسبب التوتر والقلق (ابتعد عنها)    بدون أدوية.. 6 طرق طبيعية لتخفيف ألم الدورة الشهرية    وساطات بتركيا تسعى لإطلاق سراحه .. إعلام "المتحدة" يُشيع تسليم محمد عبدالحفيظ    درس حصوله على الجنسية المصرية.. شوبير يكشف مفاجأة بشأن وسام أبو علي    من 4% إلى 70%.. الطالبة ميار حماده تحقق قفزة دراسية لافتة في قنا    إلى الحبيب الغالي.. رسالة من ممدوح عباس إلى حسن شحاتة    موندو ديبورتيفو: الخطيب بحث إمكانية مواجهة برشلونة بافتتاح استاد الأهلي خلال زيارة لابورتا    ما هي كفارة اليمين؟.. أمين الفتوى يجيب    هل يجوز الوضوء مع ارتداء الخواتم؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    أدعية لطلاب الثانوية العامة قبل النتيجة من الشيخ أحمد خليل    حملة دعم حفظة القرآن الكريم.. بيت الزكاة والصدقات يصل المنوفية لدعم 5400 طفل من حفظة كتاب الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
نشر في اليوم السابع يوم 21 - 05 - 2010

كلنا يذكر عندما غطت أخبار زلزال هاييتى وسائل الإعلام التى نقلت لنا أخبار الكارثة المفجعة، وقدر المراقبون عدد الضحايا بأكثر من مائتى ألف إنسان، وتزايد عدد الجرحى والمصابين فى شوارع العاصمة بورت أو برنس، هذا عدا انتشار مئات الآلاف من المشردين الذين فقدوا منازلهم فى أقل من طرفة عين، إثر الزلزال الذى بلغت قوته سبع درجات على مقياس ريختر، وهو واحد من بين أخطر عشرة زلازل سجلت حتى الآن فى التاريخ.
وقد وصف رينيه بريفال رئيس هاييتى أن الدمار الذى لحق بالبلاد شبيه بالدمار الذى تخلفه الحروب، وكان بريفال قد لجأ إلى مركز للشرطة بعد انهيار القصر الرئاسى وكثير من المنشآت الحكومية والوزارات وهيئات الحكم، وأدى الزلزال إلى انهيار سجون تاهيتى وفرار آلاف المساجين والمعتقلين، وتوالى سوء الحظ تباعا على الشعب المنكوب؛ فقد تحول أبناء تاهيتى إلى مخربين وانتشرت السرقة والسلب والنهب، فلم يعد هناك سلطة أو حكومة أو وزارات أو مناصب، وتساوى الجميع فى الكارثة الأمير والوزير والغنى والفقير، ولم يبق فرد فى ذلك البلد البائس إلا وقد فقد بيتا أو عزيزا أو منصبا، وانتشرت قوات الشرطة كى تطارد اللصوص وتمنعهم من سرقة المساعدات الغذائية، والمخازن والمحال التجارية والبنوك، ولكن لا حياة لمن تنادى، فقد أعمى الجوع الأبصار والقلوب، ولم يعد هناك رادع من قانون أو أخلاق، فتكالب السكان على سرقة كل ما يقع تحت أيديهم، حتى المعونات الإنسانية التى أرسلتها الدول مانحة المساعدات.
ولو حدث هذا الزلزال فى أى مكان آخر فربما لن يختلف سلوك من يقع بأرضهم عن سلوك التاهيتيين، بل ربما كانت الفوضى أكثر، والفساد والإفساد أعم، فتاهيتى دولة صغيرة الحجم، قليلة السكان، ومثل هذه الكوراث الرهيبة تبرز معادن الناس، فانتشار السرقة أثناء الكارثة يدل على موت الضمير مع موت الضحايا، وانهيار الأخلاق مع انهيار المبانى، فالناس فى أوقات المحن والشدائد يُظهرون دخائل نفوسهم وأفكارهم وأخلاقهم، وما تعلموه فى كل سِنى حياتهم، إما أن يكون الناس عونا لبعضهم مع بعض، أو يعتدى بعضهم على بعض، فتطبيق القانون بقبضة الأمن وحده لا يكفى، بل لا بد من وجود الوازع الأخلاقى أو الدينى، لأن غياب ردع القانون قد يحدث كما حدث فى هاييتى حين غابت الحكومة، ولا يبقى صماما للأمان إلا أخلاق الناس.
ويحضرنى فى هذا المقام ما حدث فى عام المجاعة إبّان حكم الخليفة عمر بن الخطاب رضى الله عنه، عندما أصيبت البلاد بمجاعة شديدة الوطء، فلم تنزل الأمطار، وأصبح لون الأرض رماديا بسبب القحط والجفاف اللذين حلا بالزرع والضرع، ومن هنا سمى عام الرمادة، ولم يتحمل الناس الجوع والقحط، فأصدر عمر بن الخطاب رضوان الله عليه فتواه الشهيرة بإيقاف تطبيق حد السرقة على من يسرق لسد رمقه، ومع ذلك لم يذكر التاريخ عن تلك الفترة حادثة واحدة امتدت فيها يد إنسان للسرقة، مع ما عرف الناس من فتوى عمر، فقد كانت النفوس لا تزال عامرة بالأخلاق الرفيعة والإيمان القوى، والكثير منهم قد عاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانوا يدركون أن عمرا لا يراهم ولكن رب عمر يراهم، والتفت الجميع إلى مساندة بعضهم فكان القادر يساعد غير القادر، من يمتلك طعاما يؤثر الآخرين به على نفسه، أو يقتسمه معه، وهكذا أظهرت الكارثة معادن الناس وتمسكهم بأخلاقهم.
يا ترى كيف ستكون الحال الآن– لا قدر الله- إن أصاب زلزال يقارب فى شدته زلزال هاييتى بلدا عربيا؟ فأصاب المبانى الحكومية والوزارات وهدمها، وهدم معها البيوت والسجون وكل ما ارتفع عن الأرض؟
أغلب الظن أن ما وقع فى هاييتى سيكون شيئا لا يكاد يذكر مع ما سيصيب المجتمع العربى الذى قد يبتلى بمثل ذلك الزلزال، من انتشار السرقات والفساد والسلب والنهب على نحو أوسع وأعم، فقد ماتت القيم ودفنت الأخلاق، ولم يعد موجودا بيننا مصطلح إغاثة الملهوف ونجدة المحتاج، بل أصبح سائدا: إذا لم تكن ذئبا أكلتك الذئاب، وأى بلد فى العالم؛ شرقه وغربه؛ لا تسود فيه الأخلاق جنبا إلى جنب مع سيادة القانون ينطبق عليه قول الشاعر:
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن همُ ذهبت أخلاقهم ذهبوا.
فلنتعظ مما يدور حولنا، ونعتبر مما يحدث لغيرنا، ولنحيى من الموات ما كان سائدا عند أجدادنا العرب، حتى تعود إلينا أخلاقنا العربية التى كان المثل يضرب بها فى الكرم والجود وإغاثة الملهوف وحسن الجوار، فإن أصابنا – لا قدر الله – ما أصاب غيرنا ؛ تكاتفنا وتآزرنا، ورعى كل منا غيره وآثره على نفسه، وهرعنا إلى نجدة المحتاج وإعانته حتى تزول الكارثة وتنجلى الغمة. والله من وراء القصد...
سورية مقيمة فى مصر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.