المستشارة تهانى وحروب الدولة ضد الفساد.. أى تغيير أو رغبة فى إجراء التحول المنشود يرتبط بما يمكن أن يتحقق فى تنظيم وإعادة هيكلة الإدارة بدواوين الدولة

نقلا عن اليومى...
منذ أيام أطلقت المستشارة الفاضلة تهانى الجبالى تصريحا أثار ضجة وجدلا، وتعجب البعض أن يصدر هذا التصريح عنها هى شخصيا، فلقد قالت إن الدولة لا تحارب الفساد بشكل حقيقى، وإن السلطة الحالية لم تتخذ إجراءات شديدة أو حاسمة فى مكافحة الفساد المنتشر فى ربوع مصر.
والمستشارة الفاضلة على حق تام، فالفساد فعلا منتشر فى ربوع مصر، الفساد كما السوس ينخر فى عظم هذا الوطن، والرئيس عبدالفتاح السيسى كان أكثر من حذر منه، وكان أكثر من أعلن فى مرات عدة أن الدولة المصرية حربها الحقيقية مع الفساد، ولكنه فى نفس الوقت أكد مرارا وتكرارا أن الحرب على الفساد لكى تقتلعه من جذوره لابد أن تتم فى خطوات هادئة وذات رؤية، وهو ما يحدث، ولكن يبدو أن المستشارة تهانى الجبالى لم تره، يبدو أنها لم تطالع الصحف فى الفترة الأخيرة لتشاهد أن اليوم تلو الآخر لا يمر إلا بنشر تقارير صادرة عن الأجهزة الرقابية تتضمن الإعلان عن سقوط مئات الفاسدين فى أجهزة الدولة، يبدو أنها لم تقرأ تلك الأخبار المتواترة عن تحركات الدولة الحازمة والحاسمة فى ملف الأراضى التى كان من ورائها استرداد مئات الملايين ومئات الأفدنة من أرض الدولة التى أهدرها الفساد، هذا بخلاف حزمة التحركات الإجرائية والقانونية التى تتخذها الحكومة بتشجيع من الرئاسة لمواجهة المقصرين وتحقيق أعلى معدلات جودة فى أداء الأجهزة الرقابية.
المستشارة تهانى الجبالى وكل من يتعامل مع أجهزة الدولة بمصر يعرف أزمة الإدارة ومشاكلها، حيث يعانى كثير من الأجهزة الإدارية فى الدولة من الترهل والجمود، وهذا الترهل مسؤول عن تفشى الفساد وتراجع معدلات الأداء، وبناء على هذا تتحرك الدولة فى خطتها لمواجهة الفساد، إصلاح جهازها الإدارى على رأس الأولويات، وتحسين كفاءة العاملين به، ولا شك أن أى تغيير أو رغبة فى إجراء التحول المنشود يرتبط بما يمكن أن يتحقق فى تنظيم وإعادة هيكلة الإدارة فى دواوين الدولة، ولكن المشكلة أن كثيرين ممن يتحدثون عن الثورة الإدارية المطلوبة، ينقسمون إلى فئات، كل فئة تنتفض عند الحديث عن أى هيكلة لأجهزة الدولة ووزاراتها وموظفيها.. وأبرز مثال يمكن مراجعته فيما يحدث بالتليفزيون المصرى وماسبيرو، والمخاوف التى تنتاب الكثيرين من أى حديث عن الهيكلة، وأى كلام عن هيكلة يثير الخوف من الفصل أو الاستغناء.. وبالتالى فإن إجراءات تصويب الجهاز الإدارى، كما قال الرئيس، لا يمكن الحديث عنها خلال سنة أو سنتين أو حتى ثلاث سنوات، لأن التراكمات والأخطاء تمتد لأكثر من ثلاثين عاما توقفت فيها عمليات التطوير والتحديث، وهناك دول أخذت عقودا فى الانتقال من الترهل الإدارى إلى التحديث بهدف مكافحة الفساد من المنبع، ولم يلتفت كثيرون إلى الربط بين الإدارة المترهلة والفساد، وهناك أجهزة رقابية تعمل حتى نصل لمعدلات عالمية..
ربما نحن لا نبدأ من الصفر، ولدينا مؤسسات، وهناك «إرادة سياسية»، وتشجيع للأجهزة الرقابية، ومنحها الاستقلال وعدم التدخل فى عملها، ولكننا نحن فى حاجة لثورة إدارية حقيقية تخلصنا من ترهل عقود، وبالتالى تخلصنا من الفساد.
موضوعات متعلقة
- ابن الدولة يكتب: مصر تكسب تحدى قناة السويس الجديدة.. الآن ترفع مصر رأسها عاليا بعد أن أثبتت للعالم قدرتها على التحدى والإنجاز
- ابن الدولة يكتب: مصر وأمريكا.. موعد حوار إنقاذ المنطقة.. مكافحة الإرهاب هى الملف الأهم والأخطر على طاولة هذا الحوار بسبب تعارض بعض وجهات النظر
- ابن الدولة يكتب: ثورة يوليو وذكرى جديدة لمؤامرة الإخوان على هذا الوطن.. هل يستوى من تحرك من أجل الشعب ومستقبل الوطن ومن تحرك من أجل مصالح جماعته؟