سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
سمير بانوب مستشار التخطيط والإدارة الصحية فى أمريكا: تدهور المنظومة الصحية بمصر سببه التعليم.. هناك سوء تنظيمات للمستشفيات الجامعية وقانون التأمين الصحى الجديد نوع من الترقيع
أكد الدكتور سمير بانوب أستاذ ومستشار التخطيط والإدارة الصحية بالولايات المتحدة، أن تدهور التعليم فى كليات الطب وعدم الاهتمام بتدريب الأطباء، أحد أهم أسباب تدهور المنظومة الصحية فى مصر، بالإضافة إلى عدم تخصيص ميزانية كافية للقطاع، وعدم وضع الصحة ضمن أولويات رؤساء مصر مثل التنمية الصناعية. وأوضح أبانوب فى حواره ل«اليوم السابع»، أن السوق الدوائى فى مصر أصابه ما أصاب المنظومة الصحية حيث إنه يواجه تحديات شديدة. وإلى نص الحوار.. فى البداية كيف ترى المنظومة الصحية فى مصر وموقعها من الخريطة الصحية العالمى؟ - للأسف مصر فى أدنى المستويات بالنسبة لمعظم دول العالم، لكن قطعا لا نستطيع مقارنتها بأمريكا والدول المتقدمة لأن اختلاف الدخل القومى يجعل المقارنة مجحفة لمصر، إلا أنها فى أدنى المستويات بالمقارنة مما كنا عليه منذ 30 عامًا، وتدهور المنظمومة راجع لأسباب عديدة أهمها تدهور التعليم وعدم الاهتمام به وبالتدريب للأطباء والفنيين والإداريين، كما أن المسؤولين فى مصر لا يضعون الصحة ضمن أولوياتهم فهم يضعهونها بعد الاهتمام بالمواصلات والطرق والكبارى، بالإضافة إلى أن المزج بين القطاع العام والخاص هو آفة القطاع الصحى فى مصر، فلابد من الفصل بين ممارسة الأطباء فى القطاع العام والخاص، لأن المريض إذا لم يأخذ العلاج الكافى فى المستشفيات الحكومية فيضطر للذهاب للقطاع الخاص وإذا لم يكن لديه التكلفة يظل يعانى من المرض أو المضاعفات أو الوفاة. فى رأيك ما هو الحجم الأمثل لميزانية الصحة التى يجب تخصيصها فى مصر؟ - لابد أن يقرر الميزانية مندوبو الشعب، فمشكلة مصر الكبرى أن القرارات الخاصة بالصحة والتأمين الصحى والعلاج يضعها الأطباء، لكن العالم كله الشعب هو من يقرر ما يحتاجه، ونحتاج على الأقل توجيه 10% من الدخل القومى لمصر، والناس تقرر هذا. ما رأيك فى قانون التأمين الصحى الاجتماعى الشامل الجديد؟ - هذا القانون يمثل نوعا من الترقيع مثل باقى القوانين السابقة لأن أسلوب التمويل الخاص به ضحل وغير علمى وغير قائم على أسس، والتأمين الصحى بوضعه الحالى يغطى نظريًا 52% من السكان ومع ذلك ميزانيته لا تزيد عن 8% من الإنفاق الصحى، لذلك فهو طارد للمنتفعين، بمعنى أنه لا يوجد علاج فعال وكأنه يقول من يريد العلاج يلجأ للقطاع الخاص، فلابد من إعادة تشكيل قانون التأمين الصحى مع إعادة تشكيل وهيكلة وزارة الصحة والهيئة العامة للتأمين الصحى تماما لكى نبدأ مشروع له نتائج مثمرة. شاركت فى تطوير المنظومة الصحية فى عدة دول ولديك خبرات فى هذا المجال... لمذا لما تعرض على المسؤولين فى مصر أفكارك وخبراتك للنهوض بالمنظمومة الصحية فى مصر؟ - خلال العشرين سنة الماضية عرضت تطوير المنظومة الصحية فى مصر على كل وزراء الصحة ولجان الصحة بالحزب الوطنى أيام الرئيس الأسبق حسنى مبارك ولجان الصحة بمجلسى الشعب والشورى، ونقابة الأطباء. ماذا كان الرد عليك؟ - كان ردهم ترحيبا بالأفكار لكن ما رأيته بالفعل أن هناك تضارب مصالح، فالصحة ليست ضمن أولويات الدولة حتى بعد ثورتى 25 يناير و30 يونيو لم يتم الالتفات للصحة لتكون ضمن أولويات الدولة. لو طلب منك الرئيس السيسى أن تعود إلى مصر لتشارك فى وضع منظومة صحية جديدة لمصر.. هل ستوافق؟ - أنا بالفعل قدمت للرئيس عبدالفتاح السيسى مشروعا للنهوض بالصحة فى مصر وهو «استراتيجيات الصحة» وهو الآن على مكتب الرئيس منذ يناير الماضى، وحتى الآن لم يأتنى الرد وأنا مقدر ذلك لأن الرئيس يواجه الآن تحديات فى الداخل والخارج، ويؤسفنا أننا لكى نصلح المنظومة الصحية فى مصر نحتاج إلى تدخل الرئيس شخصيا. وما أهم محاور الخطة التى قدمتها للرئيس؟ - خطه الرئيس تتضمن أربعة محاور، الأول هو إنشاء المجلس الأعلى للصحة برئاسه الرئيس وعضوية أعضاء من ممثلى الشعب ومجالس المحافظات والنقابات المنتخبين من الشعب، يتبعه ثلاث هيئات الأولى الأدوية والأغذية والثانية للجودة وتسجيل المنشآت الصحية والشهادات العلمية والثالثة لتخطيط وتنميه القوى البشرية العاملة فى الصحة، ويضع المجلس خطة الدولة الشاملة الصحية التى تنفذها وزارات الصحة والسكان والتعليم العالى والبيئة والتضامن الاجتماعى والمياه والمالية والقطاع الخاص. المحور الثانى هو إصلاح شامل للتعليم الطبى والتمريضى والفنى والإدارى فى مجال الصحة وأهمها إعداد الكوادر اللازمة للإدارة والتخطيط الصحى ونظم المعلومات واقتصاديات الصحة من خلال البعثات الخارجية لحين إنشاء هذه البرامج فى مصر. المحور الثالث هو إعادة هيكلة وتنظيم وزارة الصحة والتأمين الصحى مع فصل صندوق التأمين الصحى ليتبع وزارة التضامن الاجتماعى. وأخيرًا تطوير المرافق الصحية والمستشفيات والفصل التام بين القطاع العام والخاص ومنع ازدواجية الممارسة ومراقبة الجودة فى القطاعين مع ممارسة مراقبة الجودة على الأدوية والأغذية، هذا بالإضافة إلى مشروعات أخرى واعدة تعيد مصر إلى موقعها المرموق بين الدول. هل يمكن القول بأن المستشفيات الجامعية أفضل حالا من التابعة لوزارة الصحة؟ - للأسف المستشفيات الجامعية ليست أحسن حالا، صحيح أنها لها دور فى علاج تخصصات دقيقة، لكن الصحة ليست تخصصات دقيقة إنما هى رعاية أولية، كما أنه للأسف هناك سوء توزيع لمثل هذه المستشفيات فى مصر، لذلك أرى أن المستشفيات الجامعية أمامها شوط كبير لكى يتم إصلاحها. هل المستشفيات فى مصر عموما مطابقة للمواصفات العالمية؟ - المواصفات معروفة فى كل العالم، لكن البناء والتجهيز هذا عنصر وكفاءة مقدمى الخدمة عنصر آخر ثم سهولة العثور على الخدمة عنصر آخر، ولابد من تكييف هذه العناصر الثلاثة فى سبيل تقديم خدمة مميزة للمرضى، وهنا يأتى دور تطبيق معايير الجودة لها دور كبير فى تحقيق الخدمة الصحية. فى الفترة الأخيرة رأينا أخطاء طبية كثيرة داخل مستشفيات حكومية وعيادات خاصة أيضا.. فى نظرك لماذا تتكرر مثل هذه الأخطاء؟ - يحدث الخطأ لسببين الأول هو أن يكون مقدم الخدمة مهمل فى أداء عمله، وذلك يمكن تلافيه عن طريق محاسبة حازمة، بالإضافة إلى تشجيعه على أن يحسن الأداء، ومن الطبيعى أنه يتمنى ذلك لكن إذا لم يجد محاسبة على إهماله فلن يهتم بتفادى الأخطاء، السبب الثانى هو نقص كفاءة مقدم الخدمة، وذلك يمكن أن نعالجه بتطوير وتحسين التعليم والتدريب ووضع نظم مراقبة الجودة ولا ننتظر وقوع الخطأ لنفعل الجودة. كيف ترى التعليم الطبى فى مصر وهل عدد الأطباء كافٍ مقارنة بتعداد السكان؟ - عدد الأطباء فى مصر كافٍ بالنسبة لتعداد السكان، لكن نظام التعليم والتدريب يحتاج لإعادة هيكلة شاملة، فكليات الطب يلتحق بها الآلاف والتدريب العملى أصبح أقل لأن الأعداد كثيرة، ولدينا أساتذة بشكل كبير، لكنهم غير متفرغين فى أغلب الأحوال والطبيب الناجح فى مصر علم نفسه بنفسه. ما رأيك فى الخريطة الصحية التى وضعتها مصر؟ - وضع الخرائط هو إجراء طبيعى يستخدم فى كل دول العالم، فهى عبارة عن ترجمة المعلومات والإحصائيات إلى رسم بيانى على خريطة فهى ليست اختراع، لكن الأهم أن تكون هذه البيانات سليمة وقائمة على أسس علمية دقيقة.