واجهة صفراء شاحبة تزين أضخم مساجد الإسكندرية وأربع قباب مبهرة ترتفع فوقها مئذنتان رشيقتان إلى عنان السماء، إلى الجوار هدير البحر يذكرك بمدينة الإسكندرية السحارة، يرتفع صوت المؤذن معلنا عن صلاة العشاء، وتراويح جامع المرسى أبوالعباس الذى يتعدى كونه مجرد مسجد. من الصعب أن تجلس مع سكندرى دون أن يحلف لك بالمرسى أبوالعباس، ولذلك فللتراويح هنا مذاق خاص يرتبط بتراث وثقافة أهل الإسكندرية الذين يعتبرون الشيخ الأندلسى الذى دفن فى تلك الأرض جزءا من روح المدينة العتيقة. خارج المسجد يختلط صوت المؤذن بصوت البحر على كورنيش الأنفوشى، وفى كل تفصيلة دقيقة من تفاصيل البناء الذى وضع أساسه فى المرة الأولى عام 1775 م رسم جزء من جمال مدينة الإسكندرية، بداية من طرازه الأندلسى، والأعمدة الرخامية والنحاسية والأعمدة مثمنة الشكل، والزخرفة ذات الطراز العربى والأندلسى. 43 عاما قضاها المرسى أبوالعباس فى الإسكندرية، لينشر العلم، ويهذب النفوس، ويضرب المَثل بورعه وتقواه، لتظل روحه باقية فى المدينة إلى اليوم، وتحيط مسجده وآلاف المصلين المتراصين فيه كل يوم. المسجد بمشهده الآن مر بعشرات التعديلات، كانت المرة الأولى لها عام 1477 بعد أن أعاد بنائه الأمير قجماش الأسحقى الظاهرى أيام ولايته على الإسكندرية وبنى لنفسه قبرا بجوار أبى العباس ودفن فيه، ثم جدد بناءه الشيخ أبوالعباس النفسى عام 1596، وعام 1775 قام الشيخ أبوالحسن على المغربى بتوسيع المسجد وجدد المقصورة والقبة، وكانت آخر التعديلات على يد الملك فؤاد الأول الذى كلف المعمارى الإيطالى ماريو روسى بوضع التصميم وهو التصميم الذى نراه الآن منذ انتهى عام 1943.