عادت الصكوك من جديد لتثير التساؤلات فى سوق المال ما بين مؤيد وداع لها بقوة إلى رافض لها بشراسة.. المؤيدون يعتبرونها مجرد آلية مالية يجب أن تكون موجودة فى السوق المصرى لتكون مصدرا لتمويل المشروعات وخصوصا الحكومية ثم الخاصة.. أما المعرضون فيعتبرونها وسيلة من وسائل التعدى على أملاك الدولة، مؤكدين أن هذه الآلية تم رفضها فى عهد الإخوان لنفس الأسباب فلماذا يتم تفعيلها الآن بنفس القانون السابق؟ وزارة المالية أعلنت منذ أيام عن إجراء تعديلات جوهرية على قانون الصكوك، بعد إرسال نسخة من التعديلات للبنك الإسلامى للتنمية لمعرفة رأيها قبيل عرض القانون بصورته النهائية على هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية. وليس ذلك فقط بل أكد الوزير أنه من المقرر طرح صكوك بنظام الإجارة اعتبارا من العام المالى 2015/2016 المقبل, وهو ما يؤكد أن الدولة تسعى بشكل جدى لتفعيل هذه الآلية. ومن جانبه، قال محمد صالح، المحلل المال وخبير سوق المال، Nن القانون الخاص بالصكوك به الكثير من العوار القانونى، خصوصا ما يتعلق بالسماح للهيئات والمحافظات بطرح صكوك لتمويل مشروعات بها وهو ما يمكن أن يكون بابا للاستيلاء على أصول الدولة إذا لم تستطع هذه المشروعات تسديد قيمة الصكوك وأرباحها مثلا، وهو سبب رفض المشروع الذى تقدمت به جماعة الإخوان بشأن الصكوك من قبل. وأكد صالح أنه رغم أهمية وجود هذه الآلية فى السوق المصرى فإنه يجب أن تكون ضمن قواعد وضوابط تحافظ على أصول الدولة وحق الدولة والشعب فى امتلاك أصوله وعدم السماح بالتفريط فيها مهما كانت الأسباب، كما أنه يجب على الدولة أن تكون هى المصدر الأساسى لإصدار هذه الآلية وصاحبة الحق الوحيد فى ذلك لتمويل المشروعات الحكومية من خلال إطار تشريعى وقانونى يتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية ويتلافى الأخطاء السابقة فى القانون. وأضاف صالح أن القانون الذى أعده الإخوان لطرح الصكوك كان يسمح للمحافظات وهيئات الدولة طرح صكوك بضمان الأصول التى تملكها وهو ما كان موضع انتقاد شديد شعبيا عندما تم طرح فكرة إصدار صكوك لتنفيذ مشروعات فى عهد الإخوان. أما محسن عادل نائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار فأكد أن أهمية الصكوك فى الوقت الراهن تظهر من اتساع نطاق تطبيقها، على المستوى الإقليمى والدولى، حيث اتجهت المؤسسات المالية والمصرفية إلى تبنى تطبيق هذه الصكوك كأحد مصادر التمويل التى تلائم رغبات العديد من المستثمرين، كما أن سوق الصكوك نمت وزاد استخدامها بشكل ملحوظ فى العقد الأخير، مشيرا إلى أن هناك اتفاقا عاما على أن الصكوك تعد إحدى أدوات التمويل المهمة التى تلعب دورا بارزا فى تمويل الاستثمار تستخدمها الشركات الخاصة والبنوك والحكومات وغيرها من الجهات الاعتبارية لتمويل أنشطتها ومشروعاتها المختلفة أو التوسع فيها. وأضاف عادل أن التوقعات تشير إلى أن إجمالى حجم إصدارِ الصكوكِ المصدرةِ عالميا للعام الحالى يصل إلى 135 مليارا بعد أن تجاوز 116.4 مليار دولار خلال العام المنصرم مرتفعا بنحو 4.8% مقارنة بعام 2013 ومن المتوقع أن تصل ذروتها عام 2018 لتبلغ نحو 237 مليار دولار، مؤكدا أنه لم يقتصر إصدار الصكوك على الدول العربية إذ شمل دولا غربية كالصين وألمانيا وبريطانيا بالإضافةِ إلى تركزها فى منطقةِ الخليج وماليزيا وتركيا. وأشار عادل إلى أن هناك ضرورة للاستفادة من هذه الأداة فى إطار خطة الدولة نحو تطوير الأدوات المالية وتنويعها لزيادة قدرة الشركات والحكومة وغيرها من الجهات الاعتبارية المختلفة فى الحصول على التمويل، لما فى ذلك من أثر إيجابى على زيادة حجم الاستثمار والتشغيل فى الاقتصاد القومى، وعلى تمكين تلك الجهات من تنويع مصادر تمويلها، ولتلبية احتياجات شريحة كبيرة من الأشخاص الاعتبارية العامة والخاصة والشركات الراغبة فى تمويل أنشطتها ومشروعاتها أو التوسع فيها عن طريق الصكوك، وكذلك تفضيل العديد من المستثمرين لهذه الأداة من أدوات الاستثمار. وأكد نائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار أن سبب التأخر فى تطبيق آلية الصكوك حتى الآن فى مصر رغم وجود نصوص بقانون سوق المال المصرى منذ عام 1992 تخص الصكوك هو أن التشريع الذى صدر عام 2013 لتنظيم هذه الأداة شابه عوار تشريعى وشعبى شديد (يعتبرها معظم المواطنون أداة للاستياء على أملاك الدولة وأصولها) تسبب فى عدم العمل بها حتى الآن. كما أن إصدار الصكوك خلال الفترة الحالية يهدف لتنويع مصادر التمويل للدولة وتوسيع قاعدة المستثمرين وتوفير احتياجات الدولة من شراء سلع وإقامة مشروعات ودعم الموازنة العامة للدولة وجذب شريحة جديدة من المستثمرين تتمتع بالسيولة وتعظيم الاستفادة من ممتلكات الدولة ودعم تمويل مشروعات المشاركة مع القطاع الخاص PPP بالإضافة لبناء منحنى عائد من إصدارات الصكوك ودفع قاطرة إصدارات الصكوك من القطاع الخاص. ولفت إلى أن هذه الخطوة تستلزم الفصل فى التشريعات التى تنظم الصكوك السيادية وصكوك الشركات نظراً لاختلاف طبيعة ومعاملة الأصول التى تصدر على أساسها الصكوك، والمعالجة والمعايير المحاسبية والأمور الأخرى مع تعديل البنية التشريعية الحالية، لاستبدال قانون الصكوك الصادر فى مايو 2013 بقانون لتنظيم الصكوك السيادية وإضافة باب للصكوك بقانون سوق رأس المال ينظم صكوك الشركات، مشيرا إلى أن صكوك التمويل هى أحد الأبواب الرئيسية للتمويل والتوسع وتحقيق النمو الاقتصادى، وبالتالى لابد أن تكون معبرة ومقنعة لكل قطاعات الاستثمار المستهدفين وقطاعات التمويل حتى تتمكن من تحقيق الهدف الأساسى من إنشائها.