سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
«هصلى مهما حصل لى».. شعار يرفعه مسيحيو «أبو هلال»..كنيسة الأنبا موسى تعرضت للحريق بعد ثورة 30 يونيو.. والمسلمون حموا الأقباط وممتلكاتهم وأخفوا سياراتهم من المتطرفين
فى السادسة من صباح كل جمعة، تستيقظ ساندى سمير، وعلى وجهها ابتسامة حماسية، تزيل آثار النوم العالق فى عينيها الواسعتين، بعد أسبوع طويل من الدراسة، فاليوم هو يوم الصلاة، فى كنيسة الأنبا موسى، الواقعة فى منطقة أبو هلال، التابعة لمحافظة المنيا، حيث تسكن «ساندى». تتغاضى «ساندى» عن آثار الحريق التى لا تخطؤها عين، والمبنى المتفحم الذى بات آيلا للسقوط، منذ تعرضه لحادث مروع عقب إسقاط الرئيس السابق محمد مرسى، ضمن سلسلة من الأعمال الطائفية، التى شهدتها محافظة المنيا فى تلك الفترة. تدخل «ساندى» الكنيسة المحترقة بصحبة العشرات يقصدون جميعا الدور السفلى بها، الذى يشبه البدروم، وهو المنطقة الوحيدة الناجية من الحريق، حيث سارع مسؤولو الكنيسة فى إعدادها للصلاة، عقب يومين من إخماد الحريق المروع، الذى التهم الكنيسة ل15 ساعة. تقول ساندى: «زعلت قوى لحرق الكنيسة، لأنها كانت بتترمم قبل الحريق، وملحقناش نفرح بيها»، فى إشارة إلى أعمال التوسع التى كانت تتم بكنيسة الأنبا موسى قبل الحادث، واستغرقت عامين كاملين، وتكلفت ما يزيد على 5 ملايين جنيه، وفقا لما أكده هانى جميل، عضو اللجنة المالية بالكنيسة. ويضيف «هانى» أن لجنة هندسية منتدبة، عاينت مبنى الكنيسة عقب الحادث، وأكدت أن الحريق تسبب فى تآكل الأعمدة الخرسانية بالكنيسة، والأساسات، مما يعرضها للانهيار فى أى وقت، وقد وضعتها المحافظة فى المرحلة الثانية، ضمن عملية الترميم الخاصة بالكنائس التى تعرضت للحرق بعد أحداث 30-6، فى حين وضعت المبانى الخدمية والمدارس التابعة للكنائس، فى المرحلة الأولى للترميم، والتى أوشكت على الانتهاء. «هصلى مهما حصل لى»، هكذا رد الأنبا مكاريوس، أسقف كنيسة الأنبا موسى، عندما سألناه عن السبب فى استمرار الصلاة بالكنيسة المحترقة، مؤكدا أن الصلاة فى بيوت العبادة يجب ألا تتوقف مهما كانت الظروف، وأن الصلاة كانت من الأسباب الرئيسية، التى ساعدت فى رفع معنويات مسيحيى المنطقة، عقب الحريق الهائل الذى شب بالكنيسة. وقد تطابقت شهادات عدد من سكان المنطقة حول وصف المتطرفين أصحاب اللحى والجنازير، الذين أشعلوا النيران فى الكنيسة، وطريقتهم المنظمة فى التنفيذ وبين أهالى المنطقة الذين تصدوا لهم، وحماية المسلمين لممتلكات الأقباط، وإخفاء السيارات التى علقت بها صلبان، بعيدا عن أعين الإرهابيين، الأمر الذى أكده المحاسب مدحت ممدوح، أحد سكان المنطقة. ويقول مدحت، إن جيرانه ساعدوه فى حماية سيارته، بتغطيتها، خوفا من إحراقها، من قبل من حطموا وأحرقوا كل السيارات التى عُلق بداخلها صلبان، كما قاموا باقتحام الكنيسة من الجانب القبلى، بلودر ضخم، بعد أن منعهم الأهالى من اقتحام الكنيسة من الباب الرئيسى. محمود سعد، أحد سكان المنطقة، ممن تصدوا للهجوم على الكنيسة من ناحية مساكن أرض المولد، وتعرض للإصابة بسبب ذلك، قال بلهجته الصعيدية، إنه يشعر بالإهانة عند تعرض أحد أهالى منطقته للإرهاب، كما أغضبه أن يحرقوا بيتا من بيوت الله، مضيفا أنه رفض هو وسكان المنطقة، عبور الإرهابيين من أمام بيته، واعتبر نفسه يقوم بحماية أهله، مؤكدا أنه كان مستعدا للموت يومها فى سبيل ذلك. وينفى الأنبا مكاريوس، المتحدث باسم كنيسة الأنبا موسى، تعرض مبنى الكنيسة لأى من الأعمال الطائفية، قبل هذا الحادث، مؤكدا أن المحبة بين أهالى المنطقة أمر مشهود به لدى الجميع، وأن أيا من الفاعلين لم يكن من جيران الكنيسة. منطقة أبوهلال، حيث توجد كنيسة الأنبا موسى، تعد واحدة من أكثر المناطق عشوائية على مستوى محافظة المنيا، تنتشر فيها تجارة المخدرات والبلطجة، وكانت ملجأ للجماعات الإسلامية المتشددة خلال فترة الثمانينيات من القرن الماضى. وما زال مسجد الرحمن بالمنطقة، شاهدا على الكراهية التى كانت تبث من خلال منبره، خاصة عقب عزل الرئيس السابق محمد مرسى، حيث استخدم المسجد، لحشد المتظاهرين، وبث الكراهية، قبل أن تستعيد وزارة الأوقاف السيطرة عليه، منذ أسبوعين فقط، بعد معركة استمرت ل40 عاما، بينها وبين الجماعة الإسلامية التى كانت تسيطر على المسجد. ولكن الأوضاع لم تهدأ تماما فى المنطقة، حيث أكد الأهالى، أن الإمام التابع للأوقاف، يأتى خلال صلاة الجمعة من كل أسبوع، والمغرب والعشاء من كل يوم، تاركا المسجد خلال مواعيد الصلوات الأخرى، نهبا لأبواق التطرف، والفتنة. وعند الدخول للمسجد، أكد أحد العاملين به، أنه يتبع جمعية البناء والتنمية، المواجهة لمبنى المسجد، والتى تسيطر عليها الجماعة الإسلامية، وبسؤال مسؤولى الجمعية رفضوا التحدث معنا تماما فى الأمر.