الأطباء تبحث مع منظمة الصحة العالمية مشاركة القطاع الخاص في التأمين الصحي    محافظ الإسكندرية يطلق مبادرة توظيفك علينا لتشغيل 1000 شاب وفتاة    حدث ليلا.. تل أبيب تشتعل واعتقالات بالجامعات الأمريكية وإصابة بن غفير    مصرع 76 شخصا وتشريد 17 ألف آخرين بسبب الفيضانات في كينيا    صحفي إنجليزي يكشف كواليس وأسباب أزمة مشادة محمد صلاح مع كلوب    تصفح هذه المواقع آثم.. أول تعليق من الأزهر على جريمة الDark Web    طارق السيد: الزمالك سيتأهل إلى نهائي الكونفدرالية    موعد مباراة توتنهام وآرسنال اليوم في الدوري الإنجليزي والقنوات الناقلة    السكك الحديد تعلن عن رحلة اليوم الواحد لقضاء شم النسيم بالإسكندرية    حالة الطقس اليوم الأحد على القاهرة والمحافظات    سيد رجب: بدأت حياتى الفنية من مسرح الشارع.. ولا أحب لقب نجم    لتضامنهم مع غزة.. اعتقال 69 محتجاً داخل جامعة أريزونا بأمريكا    ماكرون يعتبر الأسلحة النووية الفرنسية ضمان لبناء العلاقات مع روسيا    أسعار الأسماك واللحوم والدواجن والخضروات.. اليوم 28 أبريل    التصريح بدفن جثة شاب صدمه قطار أثناء عبوره المزلقان بقليوب    تتبع المنهج البريطاني.. ماذا قال وزير التعليم عن المدرسة الدولية؟    زلزال بقوة 6.1 درجة يضرب جزيرة جاوة الإندونيسية    الفرح تحول إلى جنازة، لحظة انتشال سيارة زفاف عروسين بعد سقوطها بترعة دندرة (صور)    14 مليار دولار في طريقها إلى مصر بسبب رأس الحكمة    تسليم أوراق امتحانات الثانوية والقراءات بمنطقة الإسكندرية الأزهرية    اشتباكات بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي غرب رام الله    غدا.. محاكمة عاطل متهم بإنهاء حياة عامل في الحوامدية    أتلتيكو مدريد يفوز على أتلتيك بلباو 3-1 في الدوري الإسباني    السفير الروسي: انضمام مصر للبريكس مهم جدا للمنظمة    فضل الصلاة على النبي.. أفضل الصيغ لها    25% من المصابين بعدم انتظام ضربات القلب أعمارهم تقل عن 65 عاما    بالأسماء.. مصرع 5 أشخاص وإصابة 8 في حادث تصادم بالدقهلية    عضو اتحاد الصناعات يطالب بخفض أسعار السيارات بعد تراجع الدولار    عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير.. أسعار الذهب اليوم الأحد 28 إبريل 2024 بالصاغة    حسام البدري: أنا أفضل من كولر وموسيماني.. ولم أحصل على فرصتي مع منتخب مصر    هيئة كبار العلماء السعودية تحذر الحجاج من ارتكاب هذا الفعل: فاعله مذنب (تفاصيل)    بعد التراجع الأخير.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأحد 28 أبريل 2024 بالأسواق    هل مرض الكبد وراثي؟.. اتخذ الاحتياطات اللازمة    الأردن تصدر طوابعًا عن أحداث محاكمة وصلب السيد المسيح    الآن.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري للبيع والشراء اليوم الأحد 28 إبريل 2024 (آخر تحديث)    تحولات الطاقة: نحو مستقبل أكثر استدامة وفاعلية    إصابة 8 أشخاص في حادث انقلاب سيارة ربع نقل بالمنيا    بعد جريمة طفل شبرا، بيان عاجل من الأزهر عن جرائم "الدارك ويب" وكيفية حماية النشء    حسام غالي: كوبر كان يقول لنا "الأهلي يفوز بالحكام ولو دربت ضدكم (هقطعكم)"    وفاة الفنان العراقي عامر جهاد    عمرو أديب: مصر تستفيد من وجود اللاجئين الأجانب على أرضها    غادة إبراهيم بعد توقفها 7 سنوات عن العمل: «عايشة من خير والدي» (خاص)    نيكول سابا تحيي حفلا غنائيا بنادي وادي دجلة بهذا الموعد    نصف تتويج.. عودة باريس بالتعادل لا تكفي لحسم اللقب ولكن    ملف يلا كورة.. أزمة صلاح وكلوب.. رسالة محمد عبدالمنعم.. واستبعاد شيكابالا    اليوم، أولى جلسات دعوى إلغاء ترخيص مدرسة ران الألمانية بسبب تدريس المثلية الجنسية    ما حكم سجود التلاوة في أوقات النهي؟.. دار الإفتاء تجيب    بشرى للموظفين.. 4 أيام إجازة مدفوعة الأجر    متحدث الكنيسة: الصلاة في أسبوع الآلام لها خصوصية شديدة ونتخلى عن أمور دنيوية    هل يمكن لجسمك أن يقول «لا مزيد من الحديد»؟    23 أكتوبر.. انطلاق مهرجان مالمو الدولي للعود والأغنية العربية    دهاء أنور السادات واستراتيجية التعالي.. ماذا قال عنه كيسنجر؟    السيسي لا يرحم الموتى ولا الأحياء..مشروع قانون الجبانات الجديد استنزاف ونهب للمصريين    أناقة وجمال.. إيمان عز الدين تخطف قلوب متابعيها    ما هي أبرز علامات وأعراض ضربة الشمس؟    دراسة: تناول الأسبرين بشكل يومي يحد من الإصابة بهذا المرض    " يكلموني" لرامي جمال تتخطى النصف مليون مشاهدة    هيئة كبار العلماء بالسعودية: لا يجوز أداء الحج دون الحصول على تصريح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لبييبل
نشر في اليوم السابع يوم 16 - 04 - 2015

هو مرشح للرئاسة اللبنانية المعطلة منذ مايو الماضى، وأحد أرقام معادلة السياسة فى لبنان، البلد العربى الصغير الذى يختصر التناقضات والمحن والأحلام العربية.
بتركيبته الدقيقة والمتنوعة، وطن يرغب فى التعايش ويدفع ثمن صراعات وتناقضات ومناورات وأطماع. من مواجهات السلاح إلى مواجهات السياسة انتقل «الحكيم»، الدكتور سمير جعجع، رئيس حزب القوات اللبنانية، وأحد أهم الأرقام فى معادلة السياسة اللبنانية المعقدة والتى تبدو طوال الوقت على خيط مشدود وفى تركيبة دقيقة، بعد حرب استمرت 15 عاما تدخلت فيها أطراف خارجية وداخلية ودفع ثمنها اللبنانيون آلاف القتلى والجرحى والمعاقين. وهى حرب بلا بداية ولا نهاية، وترغب كل أطرافها أن تنساها، انتهت على اتفاق الطائف والذى بدا اتفاقا للتنازلات وإعلان الرغبة فى التعايش.
يلقب بالحكيم لكونه درس الطب بالجامعة الأمريكية وإن كان لم يكمل دراسته بسبب الحرب، مولود لعائلة مارونية تنتمى إلى بشرى بالجبل. ولقب الحكيم أيضا وصف سياسى واجتماعى، وهو رئيس حزب القوات اللبنانية الذى بدا كإحدى الكتائب الرئيسية فى الحرب اللبنانية وتحولت إلى حزب سياسى بعد اتفاق الطائف. بدأ نشاطه السياسى بالانضمام إلى الذراع الطلابية لحزب الكتائب، التحق بالحزب عام 1968، وعمره 16 عاما فقط، وأصبح عام 1975 قائدا لقوات الشمال الكتائبية التى تشكلت من أبناء العائلات الشمالية التى تهجرت من قراها بعد 1975. خلال رحلته شارك كجندى وقائد وتصادم سياسيا وحزبيا وانتفض واختلف ودخل فى مواجهات مع القوات السورية بلبنان، كانت آخرها عام 1989 حيث اشتبك مع الجيش اللبنانى بقيادة ميشيل عون فيما عرف بحرب الإلغاء. عين وزير دولة بحكومة عمر كرامى لكنه استقال، كما عين وزيرا بحكومة رشيد الصلح واستقال. التزم جعجع باتفاق الطائف سلمت القوات أسلحتها للجيش اللبنانى ودعمت حصرية السلاح.
فى عام 1994 تم اتهام القوات اللبنانية بالمسؤولية عن تفجيرات واغتيالات وتم اعتقال سمير جعجع ليبقى فى السجن 11 عاما، وصدر عليه حكم بالإعدام خفف إلى السجن مدى الحياة حتى أطلق سراحه بعفو نيابى عام 2005 بعد خروج القوات السورية من لبنان والتى يعتبرها جعجع احتلالا. وقد ألقت الحرب الطويلة بظلالها على تفهم الخارطة اللبنانية، حيث يرى مؤيدو الحكيم أنه لم يتغير فى موقفه الداعم لوحدة لبنان ودعم جيشها والدولة، فيما يظل بعض خصومه يشككون فى خطابه ومساره، وبين هؤلاء من يؤيدوه من يحتفظ بذكرى الماضى. وكما ذكرت ندى عنيد فى كتابها عن جعجع التزامه لم يتبدل ولم يهتز. لا يزال البعض ممن لم ينجحوا فى تخطى ضغينتهم ولم يقووا على طرد أشباح الماضى يطعنون فى خطابه ومساره.. بينما لا يزال كثيرون معجبين بصلابة قناعاته وقدرته على المقاومة.. وبينهم مجموعة تؤيد خطه السياسى لكنها تلطف من تأييدها عبر التذكير بماضيه».
الماضى فى لبنان صناعة مشتركة بين كل الأطراف ولا طرف يمكنه الادعاء بأنه غير مسؤول لكن جعجع يرى أن المستقبل أهم وأن الدولة يجب أن تكون وأن يكون التعايش، فهى لم تكن حربا دينية لكنها السياسة. ولهذا يطرح نفسه مرشحا للرئاسة فى لبنان ويرى ضرورة أن يكون هناك رئيس لتكون الدولة مكتملة، وأن يكون هناك قرار، ويتهم إيران وحلفاءها وحزب الله علنا بأنهم وراء تعطيل انتخاب رئيس لما يقرب من العام، ولا يمانع من وجود مرشح ثالث لو كانت هذه القضية. جعجع بخبرات عسكرية وحكمة سياسية، هو يرى أن إيران وحلفاءها هم من يعطلون الانتخابات الرئاسية فى لبنان، وأن الوضع فى المنطقة العربية انعكاس لسنوات طويلة من الاستبداد وأن الربيع العربى سوف ينتصر للشعوب وأن التنظيمات الإرهابية والمتطرفة مجرد فطريات، كما ينظر للوضع فى اليمن وتدخلات القوى العربية مهمة لإعادة الأمور وأن نجاح العرب فى اليمن سيؤثر على مستقبل باقى المنطقة. رئيس حزب القوات اللبنانية، يرى أن ما حدث بمصر 30 يونيو هو عملية ديمقراطية، وأن كون مصر دولة مؤسسات منعها من السقوط ونفس الأمر فى تونس وأنه شعر بالقلق بعد فترة من تولى مرسى الرئاسة لأنه وجد حصارا للإعلام واتجاها لحرب أهلية وأن الجيش تنبه وحمى مصر من حرب أهلية كان يمكن أن تستمر عشر سنوات. هو يرى أهمية وجود مواقف عربية ويرى أن داعش والتنظيمات المتطرفة فطريات على الربيع العربى، ويؤكد أنه يدافع عن الأزهر والرؤية الحقيقية للإسلام لأنها تحمى الحضارة العربية. فى مقر الحزب بمعراب على ارتفاع 900 متر من على سطح البحر بالعاصمة بيروت، التقت «اليوم السابع» سمير جعجع، ولبعد المكان عن العاصمة مغزى خاص لدى القواتيين، فهم لا يريدون كما أكدوا لنا أن يزعجوا اللبنانيين بالإجراءات الأمنية الصعبة المحيطة بجعجع، الذى تعرض لمحاولات اغتيال كان آخرها منذ عامين تقريباً حينما حاول قناص استهدافه فى معراب مستغلاً نقطة جبلية مواجهة لمقر الحزب لكنها تبعد عنه بأكثر من 500 متر، لكن القناص أخطأ التصويب وخرج جعجع سالماً. داخل مقر الحزب ومقر إقامة جعجع الذى تصل إليه عبر تعرجات جبلية، يوثق جعجع والقواتيون الفترة التى قضاها رئيس الحزب فى المعتقل السورى، من خلال معتقل مشابه تماماً للمعتقل الذى وضع فيه قرابة ال11 عاماً داخل مبنى وزارة الدفاع اللبنانية التى كانت خاضعة للسيطرة السورية.. بداخل المعتقل تجد كل تضاريس المكان الذى اعتقل فيه جعجع والادوات الخاصة التى كان يستخدمها، والكتب التى قرأها طيلة فترة اعتقاله.. ولذلك قصة أخرى.
منذ مايو الماضى ولبنان بلا رئيس، كيف ترى المخرج من هذه الأزمة، خاصة فى ظل الأوضاع التى تعيشها المنطقة فى الوقت الراهن؟
- فيما يتعلق بانتخابات رئاسة الجمهورية صراحة فإنه يمكن وضعها فى سياق كل ما يحدث بالمنطقة خاصة خلال الأربعة أو الخمسة أشهر الماضية.. فإيران فى وضعية الهجوم على المنطقة.. فى سوريا والعراق بغض النظر عما أدت إليه هذه العمليات الهجومية وما سببته من نتائج عكسية بالأخص فى سوريا.. ليس سوريا فقط ولكن أيضا فى العراق واليمن، وبالطبع فى لبنان، فالهجوم الإيرانى فى لبنان يعنى تعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية، ومن هذا المنطلق نرى أن حليف إيران الأساسى فى لبنان وهو حزب الله مع حلفائه الآخرين يعطلون انتخابات رئاسة الجمهورية بهذه البساطة.
اتصالا بالتدخل الإيرانى فهل الوضع فى لبنان يتأثر بالتداخل الحادث مع اليمن والعراق؟
- ليس كلياً.. فبما يتعلق بانتخابات رئاسة الجمهورية فى لبنان فأنا أعتبرها أنها ملف مثل باقى ملفات المنطقة من وجهة نظر إيران، ومن هذا المنطلق اتخذت الموقف الذى اتخذته بتعطيل انتخاب الرئيس، وببساطة إما أن يرضخ الجميع ويقبلوا بانتخاب رئيس موالٍ تماماً لإيران وأما إيران تبقى معطلة لانتخابات رئاسة الجمهورية.
هل هذا يعنى أنه من غير المأمول الوصول إلى حل فى هذا الملف؟
- ليس هنالك من مستحيلات فى السياسة، هذا يمكن إذا حزب الله وحلفاؤه فى لبنان أوقفوا مقاطعة الانتخابات، رغم أن هذا احتمال ضعيف.
من جهة أخرى ممكن على أثر أحداث اليمن أن تبدأ إيران بوضع بعض الماء فى نبيذها وبالتالى يحدث التفاوض حول بعض القضايا ومن ضمنها رئاسة الجمهورية فى لبنان، وهذه تصورات فى المدى المنظور.
هل من الممكن حدوث هذه التصورات واتفاقات جديدة؟
- تبعاً للتطورات والظروف والأحداث، وتبعاً لموازين القوى بكل صراحة.
هل ممكن أن نصل للحظة يعلن فيها سمير جعجع تراجعه عن الترشح للرئاسة لحل الأزمة؟
- أنا من اللحظة الأولى أبديت استعدادى الكامل للبحث عن مرشح ثالث، لكن للأسف حزب الله وفريقه ليسوا على استعداد مطلقاً للبحث عن أى شىء اسمه مرشح ثالث، فلذلك لا جدوى من البحث.
لنفترض اليوم قلت أنى انسحبت من المعركة الرئاسية فهذا لن يغير شيئاً فى تعطيل الانتخابات الرئاسية.
ستظل معطلة؟
- طبعاً.
هل فى ظل هذه التجاذبات السياسية وعدم التوصل لمرشح توافقى يمكن طرح فكرة طائف جديد؟
- لا.. هذا شىء آخر مختلف تماماً.. ليست المسألة بهذه النقطة تحديداً، المسألة تتعلق بنقطة إضافية فى كل النقاط المطروحة فى الشرق الأوسط، وهى كناية عن توازن قوى أكثر من كونها توازن النظام الداخلى فى لبنان، وكلنا نعرف اتفاق الطائف وحسناته وسيئاته، ولا أجد عاقلاً يطرح فى الوقت الحاضر اللعب باتفاق الطائف، من هنا إذا كنا أمام مشكلة صغيرة وهى انتخاب رئيس جمهورية ونطرح لها تعديل اتفاق الطائف فسنصبح أمام مشكلة كبيرة جداً.. ليس هذا هو المطلوب.. كل المطلوب هو تحسين المواقع فى اللعبة الكبيرة بالشرق الأوسط بمصادرة رئاسة الجمهورية فى لبنان أو بإيصال شخص موالٍ لإيران إلى رئاسة لبنان.
رئاسة لبنان رهينة تطورات الأحداث
إذاً رئاسة لبنان رهينة بتطورات الأحداث فى المنطقة؟
- نعم.. هذا صحيح.
أنتم تتحدثون عن تدخلات إيرانية فى الداخل اللبنانى، وهناك طرف آخر يتحدث عن تدخلات سعودية وفرنسية وأمريكية؟
- غير صحيح إطلاقاً.. هل فرنسا تعطل الانتخابات الرئاسية.. وهل السعودية تعطل الانتخابات.. هذه أمور غير صحيحة، مثلا الكل يعرف من تتمناه السعودية ليكون رئيساً للبنان، فهل توقفت عند ذلك وقالت إما أن يكون هذا أو أن أعطل الانتخابات، هذا لم يحدث.
وبكل الأحوال فإن كل الفرقاء الذين هم أصدقاء مع المملكة العربية السعودية بالدرجة الأولى ومع مصر وبقية الدول العربية ومع فرنسا والولايات المتحدة يذهبون كل مرة إلى جلسات انتخاب الرئيس ويحضرون، لكن الفريق الآخر هم من لا يحضرون..
أنا أقول لك كيف تتدخل إيران وبأى طريقة.. تتدخل من خلال مقاطعة حزب الله وحلفاء حزب الله لجلسات انتخاب الرئيس فى البرلمان اللبنانى.
هل القضية فى لبنان مقتصرة فقط على الانتخابات الرئاسية؟
- هناك مجموعة عناصر ومجموعة قضايا مطروحة، لكن الحديث الآن يدور حول الانتخابات الرئاسية، وهى أحد الموضوعات المطروحة بالطبع.
ما أبرز العناصر التى تشكّل القضية فى لبنان؟
بالنسبة لنا القضية المركزية هى أن تكون الدولة أو لا تكون.. أن نكون أو لا نكون.. الدولة اللبنانية فى وضعها الحالى دولة مجتزأة.. الدولة لا تكون فى ظل غياب القرار الاستراتيجى عنها أو الأمنى أو العسكرى.. فى الوقت الحالى وخلال السنوات العشر الأخيرة القرار الأمنى والعسكرى والاستراتيجى ليس فى الدولة، وبالتالى كيف تتصور دولة قوية أو فعلية أو دولة موجودة والقرار ليس بداخلها.. هذه نطقة الخلاف الرئيسية جداً والجوهرية بين فريق 14 آذار وفريق 8 آذار.. فريق 14 آذار يرى هذا الوضع وضعاً شاذاً ويجب الخروج منه إلى وضع الدولة الفعلية، بينما يرى فريق 8 آذار أن هذا الوضع مثالى ويجب البقاء فيه، بل تدعيمه أكثر فأكثر.. هذه هى القضية الجوهرية فى الوقت الحاضر.
لا حوار مع إيران
هل ستضطر قوى 14 آذار للحوار مباشرة مع إيران؟
- لا لا.. لا أعتقد.. وهذه مسألة شكل، بالشكل دائما حاولت وتحاول ودائما تحاول قوى 14 آذار أن تتحاور مباشرة أو غير مباشرة مع حزب الله، لكن للأسف بدون أى نتيجة تذكر.. وأعطيكم مثلا صغيرا، تيار المستقبل وحزب الله تحاورا خلال الأشهر الأربعة الأخيرة وخلال هذا الحوار شن حزب الله حملة شعواء على المملكة العربية السعودية، فى الوقت الذى لم تفعل المملكة أى شىء سيئ مع لبنان.
إذاً قوى 14 آذار تحاول الحوار مع حزب الله، لكن حزب الله مصر على مشروعه وأيديولوجيته على كل ما يفعله حتى وإن كان ذلك على عكس كل منطق الحوار.. فعكس منطق الحوار أن تتم مهاجمة السعودية بالشكل الذى أتى به فى الوقت الذى لم تشكل المملكة خطراً على لبنان وإلا كلنا كنا هاجمناها.
العام والخاص ولبنان
قلت إن الوضع فى لبنان مرتبط بالوضع العام فى المنطقة، فهل ترى أن الرؤية التى طرحت بعد الربيع العربى بأن هناك مخططا لتقسيم الدول العربية وفق «سايكس بيكو» جديد هى فرضية صحيحة؟
- أنا صراحة لست من أنصار أو مؤيدى هذه النظريات على الإطلاق، فما يجرى الآن فى المنطقة العربية هو تطور طبيعى لتاريخ المنطقة، ربما لأول مرة يمسك العرب بمصيرهم بيدهم بخلاف ما يعتقده الكثيرون، بمعنى أنهم يقومون بالتحرك لأجل الوصول إلى أوضاع سياسية معينة.. المسألة ليست مسألة سايكس بيكو أو غيره، ففى تقديرى أنه بعد أن تنتهى كل هذه التحركات لن يكون هناك تغيير فى الحدود ولكن سيكون هناك تغيير فى الأنظمة وفى أنماط التعاطى السياسى وغيرها من الأمور، لذلك فأنا لست من مؤيدى هذه النظرية على الإطلاق.
فى خطاب ترشحك للرئاسة تحدثت عن مبدأ حصرية السلاح فى يد الدولة، وهو ما اعتبره البعض إحدى المشكلات التى حدثت بينك وبين حزب الله، فهل مستعد أن تتنازل عن هذا المبدأ لتصبح رئيساً للبنان؟
- ولمإذا أريد الرئاسة فى هذه الحالة إذا لم تكن هناك دولة فعلية.. إذا لم يتم حصر السلاح فى الدولة والأهم من ذلك القرار العسكرى والأمنى والاستراتيجى فالدولة لن تكون دولة فعلية، وبالتالى لمإذا الوصول إلى رئاستها، لذلك فلست مستعداً لكى أفعل ذلك.
هل هناك رئيس فى لبنان قادر على تطبيق هذا المبدأ؟
- فى وقت من الأوقات أكيد سيكون هناك رئيس قادر على تطبيق هذا المبدأ، وأقله إذا لم نصل إلى رئيس فى الوقت الحاضر قادر على تطبيق مبدأ حصرية السلاح فى يد الدولة أقله أن يتمسك بالمبدأ ليأتى وقت ورئيس يطبقه، لكن أن نتخلى عن المبدأ فهذا مرفوض، لأنها ستكون خسارة كاملة.
إذا انتقلنا للوضع السورى، بالتأكيد لبنان تأثر بما يحدث فى سوريا فإلى أى مدى تنظرون إلى ما تشهده سوريا الآن خاصة فى ظل تراجع الاهتمام والتعاطى الدولى معها وحديث جون كيرى عن الحل السياسى فى ظل وجود الأسد؟
- أنا أخالفكم الرأى فى هذه النقطة تحديداً، لأن الموقف الدولى مما يحدث فى سوريا بقى على حاله كلياً وليس جزئياً، وقد كان هناك تصريح منذ أسابيع قليلة لوزير الخارجية الأمريكى جون كيرى وهو كان كناية عن تعبير خاطئ أكثر منه سياسة، والدليل على ذلك التصحيحات التى جاءت من الإدارة الأمريكة على هذا التصريح، وصولاً إلى الرئيس باراك أوباما مؤخراً والذى دعا فيه الدول العربية وقال لهم لمإذا تتدخلون عسكرياً فى اليمن ولا تتدخلون فى سوريا لوقف بشار الأسد عن قمع شعبه، فليس صحيحاً أن هناك تغييراً دولياً فى النظر إلى سوريا وبالأخص فى النظر إلى نظام بشار الأسد.. بالطبع هناك إهمال وأنا فى تقديرى أنه بعد قيام التحالف العربى الذى نراه الآن فاعلاً فى اليمن سيصبح الاتكال أكثر فأكثر على العرب فى حد ذاتهم، وهذا طبيعى فى المنطقة العربية، لكى يعملوا على إنهاء الأزمة السورية، وفى تقديرى أيضاً أن العرب سيفعلون أكثر مما فعلوا حتى الآن فى سبيل إنهاء الأزمة السورية.
هذا مرتبط بحديثكم منذ أيام عن أن هناك تحالفاً عربياً سيتوجه إلى سوريا خلال أشهر على غرار التحالف العربى الخاص باليمن؟
- ليس قبل الانتهاء من الأزمة اليمنية، ومن هنا فإن حلفاء إيران فى المنطقة هم كلياً ضد تدخل المملكة العربية السعودية وحلفائها فى اليمن، لأن الخطوة الطبيعية الثانية هى التدخل فى سوريا، وبالتالى فإن كل ما بنته إيران خلال السنوات العشر الماضية أو العشرين سيقوم التحالف العربى بفكفكته فى العشرين شهراً القادمة إذا استمر على ديناميكيته.
التحالف العربى نقطة الانطلاق
أنت ترى أن التحالف العربى هو نقطة الانطلاق والقوى الأولى للعرب؟
- صحيح.. ولو كان هذا التحالف قائماً منذ اللحظة الأولى لاندلاع الثورة السورية لما كنا وصلنا إلى هذه الحالة.
هل ترى أن ظهور الحركات المسلحة فى سوريا هى التى أخرت حسم الوضع لصالح الشعب؟
- أنا برأيى أن هذه التنظيمات مثل داعش وجبهة النصرة وغيرهما هى كناية عن فطريات فى الأزمة السورية، فهى ليست فى صميم الأزمة السورية وليست فى صميم الربيع العربى فى سوريا، فداعش والنصرة سوية لا يملكان %10 من الرأى العام السورى.
إذا سيطرة تنظيمات مسلحة معينة بالأرض لا يعكس توجهات الأكثرية الشعبية المعنية.. توجهات الأكثرية الشعبية المعنية ظهرت فى أول 6 أشهر من الثورة حيث لم يكن هناك لا عسكرة للثورة ولا سلاح فى الثورة.
هل كان ممكنا أن يحسم الشعب السورى الوضع بشكل مختلف عن الوضع الذى وصلنا إليه الآن؟
- هنا للأسف الحظ يلعب دوره، فكان هناك الكثير من القوى العسكرية المعتدلة فى سوريا، ولكن لم يقيض لها قادة بارزون يستطيعون لم شملها وتشكيل قوى كبيرة منها لعدم السماح للتنظيمات الأخرى باحتلال الساحة فى سوريا، وإنما قيد للآخرين مثل داعش والنصرة، لذلك انتهينا إلى أن داعش والنصرة على الأرض وقلة قليلة من الآخرين.
هل هذا ناتج بسبب التدخلات الإقليمية الخاطئة فى الوضع السورى؟
- هذا الأمر يستدعى تحقيقاً كاملاً لسنا بصدده الآن ولكن أعتقد أنه بعد انفراط عقد النظام السورى مثلما حدث فى 2011 بعد ثورة الشعب السورى بالشكل الذى شاهدناه فى الأشهر الأولى للربيع العربى فى سوريا كان من الطبيعى أن تتدخل دول المنطقة فى الأزمة السورية.
هناك دول مثل قطر أعلنت صراحة عن وجود علاقة واتصال بينها وبين جبهة النصرة؟
- نحن مع روح الثورة كما بدأت، فهذه الثورة لها روح بدأت كما بدأت فى 2011، وللتذكير فقط فهى بدأت مع الطفل حمزة الخطيب ومع الفنان إبراهيم القاشوش ومع غيرهم من الناشطين الذين لقوا للأسف مصيراً همجياً انطلاقا فقط بآرائهم بوضعية بلدهم، فهذه هى روح الثورة، وكل ما تبقى فهو طارئ على الثورة السورية.
هناك تصور أن الأنظمة الاستبدادية التى كانت موجودة فى المنطقة تركت معارضة تبدو وكأنها معارضة إعلامية، وفى سوريا المعارضة ربما لم تكن بنفس القوة السياسية التى كان من المتوقع أن تكون عليها بأن يكون لديها القدرة على طرح سياسى أو جذب الجماهير حولها، مما أدى إلى ظهور الجماعات المسلحة، كيف تقيم هذا التصور؟
- ليس تماماً كذلك، لكن ماذا تنتظر من مجتمع بقى 50 عاماً من دون عمل سياسى ومن دون حريات سياسية أو بقى 50 عاماً كاملة من دون عمل سياسى ومن دون حريات سياسية أو ثقافة سياسية إلا ما يحصله الفرد نفسه، ومن دون تنظيمات سياسية.. بصراحة الوضع السياسى يستدعى تمرساً وخبرة.. فى عام 2011 لم يكن هناك من قيادات سورية سوى قيادات النظام، ولم يكن هناك من أحزاب سورية فعلية أو تجمعات سياسية، ولم يكن هناك من تجربة سياسية، لذلك لم يتمكن الائتلاف السورى من ترتيب أوضاعه بالسرعة المطلوبة.
مصر وتونس والدولة والمؤسسات
حتى فى مصر وتونس حينما أطاح الشعب بالنظامين وهرب زين العابدين بن على وتنحى حسنى مبارك كان السؤال للمعارضة قبل حدوث الثورات ماذا لو تنحى النظام اليوم أو مات الرئيس هل أنتم جاهزون لتولى العملية السياسية فكانت إجابتهم أن المهم أن يذهب النظام وبعد ذلك نفكر فى المستقبل، هل هذه أخطاء فى المعارضة، وهل ضعف الأحزاب المعارضة يدفعنا للحديث عن مرحلة انتقالية تعتمد بالأساس على فلول الأنظمة السابقة؟
- ليس تماماً.. الوضع فى مصر وتونس مختلف بمعنى أنه إذا نظرنا خاصة إلى مصر فقد تبين أنها دولة مؤسسات بأمتياز، فيذهب من يذهب ويأتى من يأتى لكن هناك مؤسسات قائمة، وهو ما يسمى بالدولة العميقة، وهذا الاسم أحبه جداً، فهناك دولة عميقة موجودة بغض النظر عما يجرى على السطح.
وفى تونس تبين أيضاً أن الحبيب بورقيبة - الله يرحمه- أسس شيئاً فى تونس كان ثابتاً ومستمراً، لذلك فأنا أعتبر الموجودين حالياً فى تونس بورقيبيين، وهم ربحوا فى انتخابات ديمقراطية.. ليس عيباً بعد حدوث ثورة معينة أن يربح بعض من كان فى الأنظمة السابقة، لأنه ليس هناك نظام كله سيئ أو كله جيد.. هناك أشخاص سيئون وآخرون جيدون، لكن المهم أن من يأتون من النظام السابق يأتون على أسس جديدة، فالباجى قائد السبسى من النظام السابق نسبياً لكنه أتى على أسس جديدة وتأقلم معها، وأعتقد أنه سيبلى بلاءً حسنا، وبالتالى أعتقد أن المسألة هى مسألة وجود مؤسسات أو عدم وجود مؤسسات.
فى سوريا على سبيل المثال تبين أن المؤسسة الوحيدة الموجودة هى مؤسسة عائلة الأسد فقط لا غير.
وفى مصر لم يتدخل الجيش المصرى ولا لحظة فى الأزمات التى قامت خلال السنوات الأربعة الأخيرة، بينما فى سوريا فهناك ما يسمى بالجيش السورى وهو مؤسسة بيت الأسد هو من يقاتل الشعب السورى حتى هذه اللحطة، ويلقى عليهم براميل متفجرة.
إذن أنت ترى أن الحل فى سوريا فى ظل هذه الأوضاع لن يتم إلا بالحل العسكرى؟
- لا.. الحل يلزمه مرحلة عسكرية لنصل بعدها إلى الحل السياسى، فعلى سبيل المثال أسمع الكثير من التصريحات التى تقول إنه لا حل فى سوريا إلا الحل السياسى، وأنا أقول لهم أنا معكم لكن كيف يتم ذلك، كيف تنتقل من الواقع الحالى إلى الحل السياسى.. قل لى كيف.. إذن أنت بحاجة إلى نكزة عسكرية -ضربة نوعية- وبحاجة إلى أن تطيح بالواقع القائم لتدخل إلى الحل السياسى.
هل هذه تمثل نقطة خلاف بينك وبين الرؤية المصرية بضرورة الحل السياسى للأزمة السورية؟
- نسبياً صح.. لأننا كلنا مع الحل السياسى فى نهاية المطاف، لأنه ليس هناك من حلول إلا الحلول السياسية، وليس هناك حل عسكرى لأن الحل العسكرى هو مشكلة إضافية، لكن عليك أن تفعل كل ما يجب فعله للوصول إلى الحل السياسى.
فى الوقت الحاضر من يعرقل الحل السياسى فى سوريا؟
بالطبع وجود بشار الأسد، لأن المعارضة تقول نعم وقبلت بجنيف 2 وقالت، فلنذهب إلى جنيف 2 ونشكل حكومة انتقالية تتولى جميع السلطات، لكن بشار الأسد لا يقبل، فى حين أن المعارضة تقبل، مع ذلك أنت فى حاجة لشىء ما للوصول إلى الحل السياسى، وأنا أقول إن الحل الوحيد للأزمة السورية هو الحل السياسى على شرط أن نضع خارطة الطريق اللازمة للوصول إلى الحل السياسى، لا أن نطرح الحل السياسى كشعار فقط، فنحن منذ 3 سنوات نطرح أن الحل فى سوريا ليس عسكرياً وإنما سياسياً، لكن كيف يتم ذلك؟
داعش فطريات على الربيع العربى
وصفت التنظيمات المسلحة التى ظهرت حول الثورات العربية بالفطريات، هل مستقبلاً فى ظل تفاعل الشعوب العربية وأنها تأخذ مصيرها ممكن أن تختفى هذه الفطريات لتعود الدول العربية إلى حالة الاستقرار؟
- كلياً مع هذا الرأى.. اتركوا التاريخ يلعب دوره، الصراع الفعلى الذى يحدث حالياً هو بين هذه الفطريات والأكثريات المعتدلة، وما يلزمنا حالياً هى الحياة السياسية، ولنفترض أننا أوقفنا الحرب فى سوريا وذهبنا إلى انتخابات فعلية فى سوريا، انتخابات فعلية ليست تحت ضعط السلاح سواء سلاح النظام أو داعش، هل تعتقد أن داعش والنصرة سيكون لهم الأكثرية؟.. بالتأكيد لا.. أكيد لا.
مثلاً بتونس لديها تجربة، فحركة النهضة -الإخوانية- هى حركة معتدلة بالنسبة إلى داعش والنصرة وبالنسبة إلى إخوان مصر أيضاً، فهى حركة معتدلة جداً، لكن الشعب التونسى لم يقبلها.. اتركوا كل الشعوب تفعل مثل ذلك، فى سوريا اتركوا الشعب السورى يفعل ذلك، لأن أنا هنا لدى إيمانا عميقا جداً بأن هناك منطقا فى التاريخ واتجاها أن كل ما هو ليس مع منطق التاريخ سيسقط حتماً.
بعد توقيع الاتفاق الإطارى حول البرنامج النووى الإيرانى يعتقد البعض أنها سيكون له أثر على الوضع فى سوريا ومن غير المستبعد وجود توافق إيرانى تركى على حل سياسى للأزمة السورية، هل توافق هذا الرأى؟
- لا أعتقد ذلك، لأنى لا أرى سيناريو تتخلى من خلاله إيران عن بشار الأسد، إيران دفعت حتى الآن أثماناً باهظة جداً جداً جداً للحفاظ على بشار الأسد، فأنا لا أرى أن إيران ستتخلى عن الأسد فى النهاية لأنه فى كل الأحوال إن حدث فسيكون هزيمة لإيران.
ومن هذا المنطلق أرى أن الوضع فى سوريا بحاجة إلى نكزة عسكرية قبلا، وبعد ذلك الوصول إلى حل سياسى.. ليس بهدف الوصول إلى حل عسكرى لأنه ليس هناك من حلول عسكرية، وإنما للوصول إلى الحل السياسى.
ظهور التنظيمات الإرهابية فى المنطقة أدى إلى حالة من الخوف على أوضاع المسيحيين بالمنطقة وأنت تحدثت سابقاً عن أن وضع المسيحيين بالمنطقة خطير جداً.. كيف ترى مستقبل المسيحيين فى ظل وجود هذه التنظيمات والتغيرات السياسية التى تحدث؟
- أولاً بكل صراحة لا أرى فى كل ما يجرى بالشرق الأوسط حرباً تستهدف المسيحيين، أنا أرى حرباً تستهدف فى كثير من الأماكن كل الأحرار وكل الذين يخالفون آراء الآخرين، واليوم إذا ما أجرينا استفتاءً بسيطاً فى سوريا أو العراق أو غيرهما لنرى أعداد المسلمين الذين قتلوا على يد داعش وغيرها من التنظيمات المسلحة سنجدهم أضعاف أضعاف أعداد المسيحيين، وبالتالى فإن المعركة مختلفة وليست معركة استهداف بقدر ما هى معركة أيديولوجيا تطال المسلمين والمسيحيين فى سوريا.
لكن هذا لا يعنى أنه ليس علينا جميعاً- أخلاقياً- أن نساعد المسيحيين يمكن أكثر من غيرهم، لأنهم فى كثير من هذه المجتمعات أقلية لا يستطيعون المواجهة وحدهم، بينما المسلمون أكثريات وبالتالى يستطيعون تلقى الضربات، فالمسيحيون فى سوريا أو العراق لا يستطيعون تلقى ضربات لأنهم أقلية.
النقطة الثالثة إذا كان المسيحيون سيبقون فى هذا الشرق أم لا باستثناء لبنان، فهذا الأمر يتعلق بطبيعة الأنظمة السياسية القادمة، إذا وصلنا إلى أنظمة ومجتمعات ديمقراطية تعددية وتسودها الحرية وحقوق الإنسان يبقى المسيحيون فى الشرق بل يتطورون ويزدهرون.. أما إذا عدنا إلى مجتمعات ديكتاتورية بشكل أو بآخر، إن كانت ديكتاتورية علمانية أو دينية فوجود المسيحيين فى هذه الحالة مهدد بالخطر.
مخاوف من حكم الإخوان
خلال العام الذى حكم فيه الإخوان مصر هل خشيت على وضع الأقباط؟
- صراحة حين حكم الإخوان مصر حدث أمران جعلانى قلقاً، أول شىء ما حدث بمدينة الإنتاج الإعلامى وملاحقة الصحفيين ومحاصرة بعض الاستديوهات، فهذه لم تكن مؤشراً جيداً على المستقبل سواء للأقباط أو لغيرهم، لكن تحديداً على الأقباط، والنقطة الثانية كانت الدعوة إلى إغلاق دار الأوبرا، وهذه المؤشرات جعلتنى أكون قلقاً صراحة ليس فقط على الأقباط، لكن على كل المصريين، فأنا أعرف سكان القاهرة وبالتالى أعرف أنهم يريدون العيش أحراراً.
هل كنت تتوقع انتفاضة المصريين على الإخوان؟
- نعم كنت أتوقع، مع أنى لم أتوقع أن يحدث ذلك بهذه السرعة وبهذه الطريقة الدراماتيكية، ولكن هنا الفضل كان للجيش، فأنا أعتقد أنه لولا حركة الجيش المصرى لكان من الممكن أن تنزلق مصر إلى حرب شعبية وأهلية تستمر عشرات السنوات، لأن التشنج كان بلغ مداه بين هذا الفريق وذاك.
افتراضيا كيف كنت ترى مصر والمنطقة فى حال استمر الإخوان فى حكم مصر؟
- صراحة سؤال افتراضى بكل معنى الكلمة، لكن أعتقد أنها ستكون صورة مختلفة تماماً، لكن لا أستطيع تقدير إلى أى مدى.. حتماً ستكون صورة مختلفة.
خطرة أم بها قلق؟
- أعتقد فيها مزيد من الأحداث.. مزيد مزيد من الأحداث.
هل ترى أن 30 يونيو قضت على فكرة التوسع الإخوانى بالمنطقة؟
- مائة بالمائة.. لنفترض لو الإخوان استطاعوا تثبيت أقدامهم فى مصر وامتكلوا مقدرات المصريين، كانت مصر وتركيا سيكونان محوراً فى مقابل محور أخر للمملكة العربية السعودية والآخرين.
نحن لدينا المحور الحالى القائم بين إيران من جهة ومحور آخر من جهة أخرى، ولو بقى الإخوان كان لدينا محوران فى نفس الوقت، وكانت تعقدت الأمور كثيراً فى الشرق الأوسط.
هل هذا التخوف شعرت به حينما أعلن فوز محمد مرسى برئاسة مصر؟
- بصراحة بدأت أشعر به بعد أشهر من فوزه بالرئاسة، وبعد وضع الدستور وما حدث فى مدينة الإنتاج الإعلامى وبعد ذلك محاولاتهم فرض رؤاهم فإذا امرأة أرادت السفر إلى مصر عليها أن ترتدى الحجاب.. من هنا تبيّن مدى القلق على المستقبل.
بدأت وقتها الشعور بوجود مخطط إخوانى فى المنطقة؟
- بمصر بالدرجة الأولى، فمصر متنوعة جداً، فإذا نظرنا للعادات الاجتماعية مثلا لم أكن أتصور ماذا سيحدث للأفراح المصرية بدون الغناء والراقصات.. فأنا دائما أنظر للمؤشرات الصغيرة لأنه من المؤشر الصغير ممكن تأخذ التوجه، فبالنظر لما يحدث فى الأفراح كيف تستمر مع تبنى الشريعة بهذا الشكل.. وإذا كانت دار الأوبرا لن تستمر فكيف يستمر الفن والتمثيل فى مصر.. بعد أربعة أو خمسة أشهر رأيت أن المشكلة ستكون معقدة.
30 يونيو عملية ديموقراطية
هل كنت تعتقد أن الجيش لم يكن ليتحرك لو لم يجد الحركة الشعبية فى 30 يونيو؟
- أنا تركت عملى كله وظللت فى 30 يونيو وأول وثانى يوم فى يوليو جالساً أمام التليفزيون أتابع لحظة بلحظة ما يحدث فى مصر، التحركات الشعبية كانت رهيبة، أنا لا أتحدث عن 20 أو 30 مليون، فمصر كانت فى الشارع، فلنفترض أن الجيش لم يتدخل كان مقابل هذا الشارع سينزل شارع آخر طبعا برأيى أقل بكثير ممن نزلوا ضد الإخوان، لكنه شارع آخر منظم أكثر ولديه إمكانيات أكبر، سيصطدم الشارعان وستتحول إلى حرب أهلية.
الجيش المصرى تدخل قبل أن نصل إلى هذه المرحلة، فما حدث فى الشارع هو بذاته عملية ديمقراطية ولو بشكل غير مباشر، وهذا تفسيرى للأمر، لأنه ليس كل ديمقراطية هى ديمقراطية مباشرة، وليست كل ديمقراطية مباشرة بالتأكيد ديمقراطية.. وما حدث فى مصر عملية ديمقراطية وكل ما فعله الجيش هو أنه أعلن النتائج، بدل أن يترك النتائج مختلفا عليها أعلنها وقال هنا أكثرية بمصر، وبالتالى الكل لابد أن يعمل انطلاقاً منها، وبدأ فى وضع خارطة الطريق وأثبتت الأحداث أن الجيش المصرى كان على حق.
هل توافق على أن ما حدث فى مصر خلال فترة حكم الإخوان كان رغبة من أردوغان للعودة إلى فكرة الخلافة العثمانية من جديد؟
- ليس بالضرورة.. ولا أستطيع الذهاب إلى هذا الحد، لكن أردوغان كان يريد حلفاء من نفس المأكل والمشرب، وأنا فى رأيى كان هذا خطأ إستراتيجيا.
ما تقييمك للوضع التركى خاصة أن هناك من يراه مرتبكا؟
- من الصعب جداً على المتتبع أن يستطيع تبيان منطق الحركة التركية فى المنطقة، وأنا أعتقد أنها تقع بين حدين، طبعاً الأتراك طموحون للعب دور كبير فى المنطقة ولكنهم يريدون لعب هذا الدور الكبير بدون دفع أثمان.
أحيانا السياسة التركية تجدها نتيجة لهذين العاملين، أنهم يحبون لعب دور كبير فى المنطقة لكن لا يريدون دفع أثمان.
تحكمهم حسابات سياسية مختلفة؟
- مختلفة ومعقدة، إن كان فى الداخل أو فى الخارج.
ومرتبطة بالتناقض بين الرغبة فى الانضمام إلى الاتحاد الأوربى وفى نفس الوقت إحياء الخلافة العثمانية؟
- من جهة هذا الأمر، ومن جهة أخرى فإن العامل الحاسم أنه يريد دورا كبيرا لكن بدون دفع أثمان.
كيف ترى الوضع فى مصر حالياً سياسياً وعسكرياً واقتصاديا فى ظل أوضاع بالمنطقة مكبلة للانطلاقة المصرية خاصة فى ليبيا واليمن وغيرها من المناطق العربية الملتهبة؟
- لا أجدها مكلبة أبداً أبداً، وإنما هناك ديناميكية لافتة جداً فى مصر، وأنا مسرور جداً بهذه الديمناميكية.. لك أن تلاحظ مجموعة تحركات، فالرئيس عبدالفتاح السيسى أنهى موضوع سد النهضة، ورتب الوضع مع السودان وبدأ فى مشروع قناة السويس ونظم المؤتمر الاقتصادى وهذا كله خلال سنة مع كل المشاغل الأمنية فى سيناء، وعلى الحدود مع ليبيا وبالطبع التسربات من السودان وأوضاع المنطقة ككل، وتقريباً رجعت مصر للعب دورها التاريخى بالمنطقة، وأنا برأيى هذا إنجاز.
متى ستزور القاهرة؟
- قريباً جداً إذا أراد الله.
هل ستزورها كقائد لحزب القوات اللبنانية أم كرئيس للبنان؟
- لا تفرق.. نفس الشىء.
القوة العربية المشتركة
ما تقييمك لفكرة القوة العربية المشتركة خاصة أن البعض يتصورها أنها بداية لإمساك العرب بمصيرهم؟ وهل يمكن أن يكون لها دور سياسى لحل الصراعات والمشاكل بالمنطقة؟
- صراحة لست مع أن تلعب هذه القوة دوراً سياسيا قبل وقوع المشكلات إلا بالاتصالات العادية، ولا مع أدوار تتدخل فى شؤون المجمتمعات الأخرى، لكن فى الوقت الحاضر هناك قوى عسكرية كبيرة تسرح وتمرح فى المنطقة أقلها القوة الإيرانية غير المباشرة، مثل ما يحدث فى سوريا فلولا تدخل القوى الإيرانية غير المباشرة مثل حزب الله وغيره لسقط النظام منذ فترة بحكم التحركات الشعبية، إذن ما دام هناك تدخل فى المنطقة وهناك قوى عسكرية ولو غير رسمية تتدخل وجب إنشاء قوات عربية مشتركة لمواجهة هذه القوات، وأكبر دليل ما يجرى حالياً فى اليمن، لولا تدخل الائتلاف العربى فى اليمن لرأينا فى اليمن قلة تفرض رأيها على الأكثرية بقوة السلاح وليس بالانتخابات، فالرئيس عبدربه منصور هادى جاء بانتخابات حصل فيها على %99 من المصوتين فى نسبة اقتراع وصلت إلى %66، وهى نسبة تصويت جيدة جداً فى المنطقة، لكن الحوثيين بالقوة العسكرية يريدون إخضاع الجميع لهم.
إذن استعمال القوة يلزمه استعمال القوة وإلا سنمكن إيران مع قواتها غير الرسمية من السيطرة على المنطقة.
البعض ينظر لما يحدث فى اليمن على أنه بداية لحرب مذهبية بالمنطقة؟
- ليست حرباً مذهبية فى اليمن، لكن المنطقة كلها تعيش حرباً مذهبية كبيرة ولك أن تنظر للصورة الأهم فى سوريا والعراق، لكن ليست حرباً مذهبية فى اليمن، فى كل الأحوال الزيديون لم يكونوا يوماً بعيدين عن السنة، وإنما الزيديون والشافعيون باليمن قريبون جداً من بعضهم، وكثير من المشايخ والعلماء الزيدين تعلم دراساتهم فى مساجد بالسعودية.
المشكلة فى اليمن سياسية بامتياز، الحوثيون هم مجموعة سياسية.. على عبدالله صالح هو زيدى ورغم ذلك خاض 6 حروب ضد الحوثيين، فالحوثيون هم مجموعة سياسية لهم مطالب معينة فحدث الصدام بينهم وبين على عبدالله صالح فلجأ الحوثيون لإيران وأقاموا علاقات مع إيران مما يؤكد أن المسألة سياسية، وعلى ضوء هذا التعاطى السياسى الحوثيون بدأوا يجربون تبنى نظريات الشيعة الإثنى عشرية، وهذا أمر مختلف تماماً.
لكن دخول إيران فى الصراع هل ينبئ بحدوث صدام مباشر بين إيران والسعودية وبالتالى حرب مذهبية؟
- من هذه الجهة نعم، لكن هذا حصل قبل ما حدث فى اليمن
لكن لم تكن هناك مواجهة مباشرة أو عسكرية محتملة؟
- ما جرى فى سوريا هو مواجهة مباشرة بين الجماعة التى تسلحها السعودية وبين الجماعة التى تسلحها إيران، وفى العراق نفس الشىء.. بالطبع فى اليمن الوضع تعدى الحد الأقصى، لكن برأيى هذه المواجهة كانت حاصلة.
الصدام المحتمل مع إيران
لكن ممكن يحدث صدام مباشر بين الدولتين أو بين العرب وإيران؟
- ما يحدث الآن صدام مباشر ولو بقوى غير مباشرة.
أين العالم والقوى الكبرى مما يحدث؟
- يفتشون عن مصالحهم.. القوى الكبرى ليست مع هذا ولا مع ذاك.. حسب كل دولة كيف تحدد مصالحها.. مثلا أوباما رأى مصالحه أن يكون فى منطقة الوسط فى هذا الصراع، يعنى فى العراق هو متحالف مع إيران، وفى اليمن هو متحالف مع السعودية.
هل ممكن أن يتغير ذلك إذا وصل الجمهوريون للرئاسة فى الولايات المتحدة؟
- برأيى أصبح الأمر متأخراً.. سبق السيف العذل، وأعتقد أنه حتى لو وصل الجمهوريون إلى البيت الأبيض فى 2016 سيحافظون على الاتفاق النووى، لأنه بنهاية المطاف إذا لم يحل الموضوع بالاتفاق النووى فماذا ستفعل الولايات المتحدة مع إيران.. هل ستذهب أمريكا إلى حرب مع إيران؟.. بالتأكيد لا، وبالتالى أعتقد أن موضوع الاتفاق النووى هذا أفضل الممكن، لكن المشكلة فيه أنه حينما تبدأ عملية رفع العقوبات سيصبح لدى إيران إمكانيات اقتصادية أكبر وأكبر وبالتالى ستنفق على تحركها بالمنطقة أكبر وأكبر، وبالتالى سنشهد استعاراً للأزمات من سوريا لليمن، ستستعر هذه الأزمات لأنه ستكون هناك إمكانيات أكبر.
كيف ترى وضع المنطقة الآن؟
- بهذا الشكل الصراع هو صراع إيرانى عربى بلباس سنى شيعى، وهو صراع كبير جداً.
هل سيستمر؟
- تبعاً لتطور الأحداث وتبعاً للقوى التى ستدخل فيه، مثلا إذا كان التحالف العربى الذى قام من أجل اليمن فعلياً فاعلاً وناجحاً ممكن أن يقصر أمد الأزمات الحالية، أما إذا كان ليس فاعلاً فسيطول أمد الأزمات الحالية.
التحالف فى اليمن هو النقطة الفاصلة؟
- تصرف التحالف فى اليمن.. أفترض أن التحالف لم يصل إلى نتيجة فى اليمن سيكون فى هذه الحالة أمامنا سنوات وسنوات من الاضطرابات فى سوريا والعراق واليمن وفى ليبيا، وإذا توصل التحالف العربى إلى نتيجة سريعة فى اليمن وانصرف على سبيل المثال لا الحصر بعد اليمن إلى سوريا، لأن العراق وضعية أخرى مختلفة تماماً، فسنستطيع الحديث عن بدء لملمة أزمات المنطقة.
إذن برايك أن نتيجة ما سيحدث فى اليمن هو مقياس لمستقبل العرب؟
- ما سيؤول إليه الوضع فى اليمن.
البعض يطرح سيناريو أسوأ وهو أن تطول المواجهة وتصبح هناك مواجهة بين إيران والسعودية ومصر ودول أخرى وبالتالى تأخذ الحرب أشكالاً مختلفة!
- إذا لم يكن تدخل التحالف العربى حاسماً فهذا السيناريو صحيح.. فإذا كان التدخل العربى فى اليمن أثبت أنه غير حاسم وغير فاعل أنا معك، ووقتها سندخل فى هذا السيناريو، لكن إذا كان التدخل العربى كما يبدو حتى الآن خاصة بالتنسيق بين السعودية ومصر وكان حاسماً وسريعاً.. أنا برأيى أن القادة الإيرانيين لديهم من الحكمة ما يكفى، مع أن حركتهم باليمن لا تدل على ذلك، وأنا برأيى أنهم أرتكبوا خطأ استراتيجياً باليمن وأكبر دليل هو قيام التحالف العربى.
الإيرانيون لديهم ما يكفى من الحسابات، وبالتالى سيضطرون إلى التفاوض لإيجاد حلول وسط سواء فى سوريا أو فى العراق.
هل التحالف العربى قادر على حل المشاكل الداخلية بين الدول العربية تحديداً بين مصر وقطر وهما عضوان بالتحالف؟
- هذا شىء آخر وبُعد آخر، لكن هذا التحالف بإمكانه أن يجد حلاً للأزمة فى سوريا وأن يساعد فى إيجاد حل للأزمة فى العراق، وعلى القليل يستطيع لملمة الأزمات الملتهبة، أما الأزمات السياسية مثل التى بين مصر وقطر، أو بين مصر وتركيا على سبيل المثال فليست ملتهبة الآن ويمكن مع الوقت أن تتحلحل الأمور، وأعتقد أنها ستتحلحل لأن الأتراك برأيى براجماتيون فى سياساتهم الخارجية وليسوا أيديولوجيين، وبالتالى هم رأوا أن الرئيس السيسى والفريق الذى معه تمكنوا من الوضع فى مصر، وبالتالى فى تقديرى فى وقت ليس ببعيد سيرتب الأتراك أوضاعهم.
الأزهر والرؤية المهمة والدور الحيوى
إذا انتقلنا إلى ما طرحه حزب القوات اللبنانية من إصدار وثيقة مشتركة مع الأزهر الشريف.. لماذا فكرتم فى هذه الوثيقة وما الذى تريدونه منها؟
- صراحة مع قيام الأزمات فى العالم العربى فى آخر خمس سنوات تميز الأزهر الشريف بمواقف بطولية، مثلا إعلان الأزهر إذا نزعت عنه كلمة إعلان الأزهر وقدمته كنص إلى أى ليبيرالى فى العالم كله فيستطيع تبنيه، ويقول هذا نص أنا أتبناه، وهذا ما دفعنا لمحاولة تعميق علاقتنا بالأزهر انطلاقا من نظرته للأمور وثقله العميق والتاريخى، ومن رمزيته التاريخية والدينية من جهة، ومن جهة ثانية من سرعته فى التطور ومن سرعته فى قراءة الأحداث وإيجاد المواقف المناسبة لها.
وفى هذه المناسبة أود أن أحيى الشيخ أحمد الطيب، شيخ الأزهر، وأتمنى أن يستمر بهذه الذهنية لأنه يشكل منارة مضيئة جداً فى خضم كل ما يحدث فى الشرق الأوسط، هناك بعض الناس لديهم فكرة مغلوطة عن الإسلام ويخلطون بين الإسلام وبين داعش، والأزهر وشيخ الأزهر أعطوا صورة حقيقة عن الإسلام، وهى بالفعل الصورة الحقيقة عن الإسلام.
من هذا المنطلق دور الأزهر حيوى جداً جداً فى الوقت الحاضر، ولا أعتقد أن باستطاعة أى مؤسسة دينية أخرى فى الشرق أن تلعب هذا الدور فى الوقت الحاضر غيره.
هل الحزب من خلال تواصله مع الأزهر يطرح نفسه كوسيط لحوار إسلامى مسيحى؟
- صراحة لا، لأننا لا ندعى هذا، ولكن أقله لإظهار موقف الأزهر إيمانا بهذا الموقف ولتدعيمه والذهاب به إلى الأمام، فنحن نريد لفت نظر كل المسيحيين فى الشرق إلى أن هذا هو الإسلام وليس ذاك، وإعطائهم أملاً ودلهم على الطريق الصحيح.
القوات اللبنانية حزب مسيحى فلماذا يهتم بتحسين صورة الإسلام؟
- نحن حزب مسيحى بأطروحات وطنية ولدينا كل الفائدة لإظهار الإسلام بهذه الصورة، أولا لإيماننا بأن هذه هى الصورة الحقيقية، وثانياً لأنها قريبة جداً مما نؤمن به نحن، وبالتالى يصبح التعايش فى الشرق الأوسط ليس مجرد مقولة وإنما حقيقة واقعة، ونحن الآن من أرباب التعايش فى لبنان فكيف نستطيع الدفاع عن وجهة نظرنا إذا كان الآخرون يقولون كيف نتعايش مع المسلمين، وفى نظرهم بالطبع داعش، ونحن نقول لهم هذا ليس هو الإسلام، وإنما الإسلام هنا وليس فى داعش.
هل السياسة هى التى زرعت التطرف فى الدين أم أن الدين هو ما أساء للسياسة؟
- أكثرية الكوادر العسكرية لتنظيم داعش هم من الضباط السابقين بجيش صدام حسين، والحقيقة أن التصرفات التى يقومون بها لا تختلف فى شىء عن التصرفات التى كانت تحدث أيام صدام حسين، وللأسف عبر التاريخ من ابن تيمية كان هناك تغطية دينية وشرعية للتصرفات السياسية، فداعش أخذت التغطية الدينية ووضعوها على تصرفاتهم من منطلقات علمانية، وهم فى الأصل بعثيون.
فالتصرف ذاته الذى كان يتم من منطلقات علمانية بعثية فى الستينيات والسبعينيات والثمانينيات هى نفس التصرفات التى يقومون بها الآن لكن بعباءة دينية.. من أمن له العباءة الدينية؟.. هنا أهمية الأزهر، لأن من أمن له العباءة الدينية مجموعة من الاجتهادات وقراءة للقرآن وتفسير للدين بشكل معين، ومن هذا المنطلق ضرورة وجود تفسير للدين بشكل آخر مختلف تماماً، وهنا تكمن أهمية الأزهر.
نعود لموضوع لبنان والحرب اللبنانية.. إلى أى مدى تلخص هذه الحرب مجموعة الدروس التى يجب أن يتعلمها العرب فى التعايش أو التوصل إلى اتفاقات؟
- هذا درس عام يمكن استخلاصه من كل الأزمات على الإطلاق، سواء الأزمة اللبنانية أو غيرها، من الأزمة اللبنانية تحديداً وأنا شاءت الظروف أن أكون من الأشخاص الذين عايشوها منذ بداياتها وحتى نهاياتها، وكان الأمر مختلفا، ولم تكن حربا دينية، حيث كان هناك نظام قائم فى لبنان ودولة قائمة، ووقتها بدأت تدخل المجموعات الفلسطينية المسلحة، ونتذكر مقولة: «إن طريق القدس تمر فى جونية وتمر فى بيروت»، وبالتالى بدأت هذه التنظيمات المسلحة العمل للسيطرة على الوضعية اللبنانية وهنا حدث الصدام الكبير وحدث معه تمحور من كل الفرقاء اللبنانيين.. ناس مع هذا المحور وآخرون مع ذاك المحور، وكان شىء اسمه القوى اليسارية تدور فى فلك الاتحاد السوفيتى السابق كانوا مع الفلسطينين، والسنة فى لبنان وقتها لم يكونوا راضين عن تركيبة النظام، وحكماً كانوا متعاطفين أيضاً مع الفلسطينيين، مما أدى إلى تحول الحرب اللبنانية الفلسطينية لتصبح حرب إسلامية مسيحية، والشيعة ظلوا حائرين طول الوقت بين هذا وذاك، لم يكن هناك حرب مباشرة بينهم وبين المسيحيين، إلى أن بدأ حزب الله فى الظهور وحركة أمل بعد سبع سنوات من بدء الحرب اللبنانية وليس بمواجهة أحد معين.
إذا الدروس الكبيرة للحرب يجب تجنبها بتفاصيلها الصغيرة الخاصة بالوضعية اللبنانية.
علامات الاستفهام
لمصلحة من تظل علامات الاستفهام تلاحق سمير جعجع؟
- لمصلحة بالأخص المحور السورى، فمنذ 1975 وحتى الآن وأنا فى مواجهة مباشرة لا هوادة فيها منذ اللحظة الأولى، حتى حينما كانت الجبهة اللبنانية كلها كانت مع الدخول السورى إلى لبنان أنا كنت ضدها كرأى خاص، لأنى كنت متوجساً بالفطرة من هذا الدخول، فنحن كنا متخوفين من حرب صغيرة مع فلسطينيين فهل نخرج منها إلى حضن حافظ الأسد، وللأسف نجحوا فى مراحل عديدة طبعاً خاصة من خلال خصومى المسيحيين، نجحوا فى خلق صورة معينة لا علاقة لها بالواقع.
ما الذى يمكن أن يقوله سمير جعجع للبنانيين والعرب بشأن ما أثير حوله؟
- على سبيل المثال مسألة صبرا وشاتيلا، فأنا لا علاقة لى بها لا من قريب ولا بعيد، فقد كنت مسؤولاً فى مكان آخر مختلف تماماً، ولا حتى نستطيع القول إن القوات اللبنانية كمؤسسة هى من قامت بها. لذلك فما أستطيع قوله، إن هناك أكاذيب كثيرة حول اسم سمير جعجع، فلا تأخذوا بها وإنما انظروا للوقائع بأنفسكم وتحققوا منها وابنوا الصورة المناسبة.
قضيت 11 سنة فى المعتقل، وتم تحميلك كل ما جرى فى لبنان، فهل فى تصورك كنت متخيلاً أن فترة الاعتقال ستمتد كل هذه المدة؟
- لم أكن أدرى، لكن عرفت أنى فى مواجهة مباشرة، لكن لم أكن أعلم كم ستستمر.
ألم تضع سقفاً زمنياً؟
- صراحة لا.. وكان الباب مفتوحاً على كل الاحتمالات، مع ميلى على أنه من المفترض ألا تظل كثيرا، لأنى متأكد أن الاعتقال مرتبط بالمعادلة السياسية، والمعادلة السياسية لن تبقى كما هى، فاستمرت 11 سنة.
هل مدة الاعتقال هى التى شهدت تحولك إلى السياسى الأكثر إدراكاً لفكرة الوحدة والتفاوض؟
- خلال الحرب وصلت إلى سلطة صاحب القرار حينما أصبحت قائد القوات اللبنانية خلال آخر ثلاث سنوات فى الحرب، فلم أكن كل الوقت جنديا مأمورا، لكن فى ظروف الحرب عليك أن تربح الحرب، وفى ظروف السلم عليك أن تربح معركة السلم، ومن هنا تصرفاتك تكون مختلفة تماماً، لذلك أعتبر أن أكبر تحدٍ على عاتقنا فى الوقت الحاضر كقيادات لبنانية أن نمنع لبنان مهما كان الثمن من الانزلاق مجدداً إلى أى نوع من أنواع الحروب، لأننا مسؤولون عن وقت السلم الذى نعيشه الآن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.