نقلا عن العدد اليومى .. أصبح واضحا بشكل لا لبس فيه كيف تعبث أيادى إيران بأمن واستقرار المنطقة، فالدولة الشيعية لا تتوقف عن إثارة القلائل فى العديد من الدول العربية مثل العراق واليمن ولبنان وسوريا والبحرين، بحجة الدفاع عن المضطهدين، حيث تقوم بإثارة التوترات الطائفية بين أفراد الشعب الواحد الذين عاشوا لمئات السنين دون أى مشكلات، وتحاول من خلال هذا تأكيد أن ما يحدث صراعات طائفية، لكنه فى الواقع صراع على مد نفوذ سياسى يتخفى وراء ستار دينى مذهبى. ورصدت مراكز الأبحاث الأمريكية على مدار الأشهر الماضية محاولات إيران لتحقيق هدفها الاستراتيجى باستغلال الصراعات المذهبية فى المنطقة العربية، حيث أكد معهد بروكينجز الأمريكى، أن عملية عاصفة الحزم فى اليمن كشفت حدود التدخل الإيرانى فى الدول العربية، أو ما يسميه القادة الإيرانيون «السيطرة على العواصم الأربعة: دمشق وبغداد وبيروت وصنعاء». وأشار المركز إلى أن إيران ستقدم دعما سياسيا ودبلوماسيا غير محدود إلى جانب الأسلحة للحوثيين، إلا أنها لن تخوض على الأرجح قتالا نيابة عن الحوثيين فى اليمن لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب الأمريكى. وفى شهادة له أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب الأمريكى العام الماضى، تحدث «راى تقية»، الخبير فى شؤون إيران والشرق الأوسط بمجلس العلاقات الخارجية الأمريكية عن دور إيران فى كل من سورياوالعراق، قائلا «إن الحرب الباردة فى العالم العربى مختلفة عما سبق، حيث تحددها الهويات الطائفية، وسوريا فى قلب هذا الصراع، وتضع إيران والميليشيات الشيعية فى مواجهة السعودية والقطاع السنى. وأشار «تقية» إلى أن سوريا مختلفة، حيث إن التنوع الإثنى فيها ودورها المركزى فى هجوم إيران على النظام العربى السائد كان يعنى أن الأسد لديه العديد من الأوراق فى صالحه، وكان الملالى فى إيران واثقين على عكس الولاياتالمتحدة بقدرات بشار الأسد، ولذلك، قال تقية إنه للحد من قدرة إيران فى المشرق، على الولاياتالمتحدة أن تلعب دورا فعالا فى سوريا. ووفق «تقية»، بخصوص الملف العراقى، فإن أحد أهداف إيران هو منع ظهور العراق كقوة مهمينة فى الخليج، ولذلك من المهم لنظامها الدينى أن يضمن هيمنة السياسة الشيعية فى العراق، لكن عليه أن يأخذ فى الاعتبار أن أى امتداد للحرب الأهلية يهدد تماسك أراضى العراق، فتقطيع أوصاله إلى ثلاث دول على خلاف مع بعضها البعض يجعل هناك حالة من عدم الاستقرار بجوار إيران مباشرة، ولذلك دعمت إيران سياسة متناقضة بإجراء انتخابات واستيعاب العناصر السنية المسؤولة، وفى نفس الوقت دعمت الميليشيات الشيعية التى تتبنى العنف والفوضى. وفى تقرير صادر عن معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى فى يناير الماضى، عقب الانقلاب الحوثى على الرئيس عبد ربه منصور هادى تحت عنوان «زيديو اليمن: نافذة للنفوذ الإيرانى»، قال المعهد إن الانقلاب الحوثى وغيره من التطورات التى شهدها اليمن أثار العديد من الأسئلة حول النسيج الدينى فى البلاد، لاسيما العلاقة بين المجتمع الزيدى الكبير، الذى ينتمى إليه الحوثيون، ومجتمع الشيعة الاثنى عشرية، الطائفة الرئيسية فى إيران، فالعلاقات المعقدة التى تربط بين هاتين الطائفتين لها انعكاسات كبيرة على السياسة الداخلية للحوثيين، فضلا عن علاقاتهم مع إيران وحزب الله اللبنانى والكيانات الشيعية الأخرى فى المنطقة الحركة الحوثية. وأشار التقرير إلى أنه بدءاً من عام 1990، برزت شخصيتان زيديتان من محافظة صعدة، وهى منطقة زيدية من الناحية التاريخية تقع فى شمال اليمن، هما بدر الدين الحوثى وابنه حسين زعيما حزب «الحق» - بصفتهما الداعيين الرئيسيين لعقيدة الحركة الدينية السياسية التى أصبح أتباعها معروفين بالحوثيين، حيث إنه فى عام 1992، أسس حسين الحوثى تنظيم الشباب المؤمن (المعروف أيضاً باسم حركة أنصار الله) لمحاربة الحكومة. وعلى الرغم من أن الرجلين لقيا حتفهما، إلا أن الحركة الحوثية لا تزال تحمل بصماتهما الأيديولوجية. ففى منشوراتهما وخطاباتهما والحلقات الدراسية التى عقداها، أظهر بدر وحسين الحوثى تعاطفاً واضحاً تجاه الشيعة الاثنى عشر وأجندة الإمام الخمينى الثورية المناهضة للولايات المتحدة، وكان حسين يعتقد أن الصراع الرئيسى فى اليمن يكمن بين الزيديين والوهابيين، وذكر ذلك فى تصريحات موجهة إلى الحكومة بعد أن بدأت الولاياتالمتحدة فى تقديم المساعدة إلى صنعاء لمكافحة الإرهاب، قائلاً: «هؤلاء هم الإرهابيون الذين لم تسمحوا لنا بمحاربتهم، أنتم تقفون وراءهم، وفى الوقت نفسه تسمحون للأمريكيين بالمجىء لليمن بحجة محاربتهم». وبالإضافة إلى ذلك، فقد أُعجب «الحوثى» جداً بالأمين العام ل«حزب الله» السيد حسن نصر الله. ففى خطاب غير مؤرخ له سأل الجمهور، «هل رأى أى منكم حسن نصر الله من على شاشة التلفزيون يهز إسرائيل بكلماته القوية؟» وأشاد علناً بالخمينى لموقفه المواجه للولايات المتحدة وإسرائيل. وفى تصريحات ينتقد فيها اليمنيين لعدم مشاركتهم فى إحدى التظاهرات السنوية التى تنظمها إيران فى مكةالمكرمة خلال موسم الحج، قال: «إن الإمام الخمينى قد أدرك الحج بمعناه القرآنى.. لذلك، قاد الإيرانيين لمواجهة أمريكا، والوثنيين، وإسرائيل». وعلى نطاق أوسع، لم ينتقد مراراً وتكراراً اليمنيين فقط، ولكن العرب بشكل عام أيضاً لعدم اختيارهم الخمينى كمثال للقيادة السياسية. وأشار التقرير إلى أن الأمين العام الحالى لحزب «الحق»، حسن زيد، القريب أيضاً من حزب الله، وهى علاقة يمكن تفسيرها بشكل جزئى على الأقل بواقع أن إحدى زوجاته الثلاث هى امرأة لبنانية تشرف على مكتبه وتدير علاقاته الدولية، قال فى مقابلة أجريت معه مؤخرا: «نحن نعتقد أن الإمام الخمينى كان زيديا بحق، ومن الناحية الدينية، إن اختلافاتنا مع حزب الله والحكومة الإيرانية طفيفة، ولكننا متطابقان من الناحية السياسية». ووفقا لحسن زيد، فإن الحكومة والمرجعيات الدينية الإيرانية توفر التدريب الدينى والأدوات التعليمية لليمنيين فى البلدين، ومن بين أعضاء الحكومة وهذه المرجعيات أولئك التابعون إلى رجلى الدين الشيعيين الرائدين آية الله على السيستانى والسيد جواد الشهرستانى فى محافظة قم. وخلال رحلة قام بها القيادة الشيعية المرتضى المحطورى إلى إيران، طلب هذا الشيخ الحصول على الدعم المالى والتربوى من «جامعة الديانات والطوائف»، وهى منظمة أُنشئت قبل ثلاثة عشر عاماً تحت إشراف المرشد الأعلى على خامنئى لتدريب الأشخاص من الشيعة الاثنى عشرية ومن خارجها الذين يرغبون فى دراسة الفروع الأخرى للإسلام