الفقر من أخطر الظواهر على الشعوب والأفراد، فهو العدو اللدود لكل الأمم والمجتمعات، التى تريد أن تحيا حياة كريمة وإنسانية، أن مستقبل الإنسانية مهدد بشكل كبير بسبب تزايد الفقر، فبسببه تتعثر الكثير من مسيرات التنمية، ويعانى الأفراد الحرمان، وتتزايد الفجوة بين الأغنياء والفقراء، وهذا يودى إلى تلاشى أحلام الشعوب والدول فى الوصول إلى مستوى إنسانى أفضل، والفقر ظاهرة اجتماعية متعددة الجوانب فليس الفقر نقص فى الدخل، ولكنه تهميش لطبقة من طبقات المجتمع على حساب طبقة أخرى، وهذا يعنى حرمان الفقراء من العيش حياة كريمة. وأغلب الدراسات الاجتماعية أثبتت أن غالبية الفقراء يسكنون القرى، وهم محرمون من معظم الخدمات الأساسية، وفى عصرنا الحالى تحتل مشكلة الفقر أهمية كبيرة، وذلك بسبب تأثيرها القوى على حياة الأفراد والمجتمعات، ولذلك اتخذها بعض الساسة أداة وذريعة لإثارة الرأى العام وكسب أصوات الفقراء، والتأثير على أفكارهم، أن أشد أنواع الحرمان إلا تجد الحاجات الأساسية، أن تحرم من العيش حياة إنسانية كريمة، لذلك قال على ابن أبى طالب لو كان الفقر رجلا لقتلته، نعم كم شردت من بيوت وهدمت أسر وضيعت أطفال بسبب الفقر. سيظل يحلم الفقراء فى كل زمان ومكان بحياة كريمة بمساواة بينهم وبين الأغنياء، ولا أكون مبالغ إذا قلت إنه بسبب الفقر أحيانا يسلك الإنسان طريق الرذيلة، ولا أبرر هنا الخطأ بل بسبب الحرمان القاتل وعدم وجود الحاجات الأساسية، كم من محرمون يعانون وكم من مترفون ينعمون، القضية هى العدالة فى إعطاء وتوزيع الحاجات، ولقد حاولت الكثير من المذاهب والأديان والفلسفات أن تحل مشكلة الفقر وأن تبحث عن أسبابها، لأن الفقر يمثل آفة من الآفات الخطيرة، التى تؤدى بانتشارها فى المجتمعات إلى الأمراض والجهل والعلل الاجتماعية، فالفقر يودى إلى خلل فى منظومة القيم الاجتماعية، وإلى الكثير من المشكلات الاجتماعية مثل القتل والسرقة والإدمان وغيرها، ولعل من أهم انتشار وأسباب الفقر هو الجهل الذى يعنى نقص المعرفة وقلة الوعى، كذلك المرض والذى يودى إلى التغيب عن العمل وبالتالى نقص الإنتاج وزيادة الفقر، فالصحة تساهم فى القضاء على الفقر، فالفقر يودى بالمجتمعات إلى الأمية والجهل والمرض، فالشعوب الفقيرة تعانى من نقص الخدمات وزيادة الأمراض وكذلك تعانى من التفكك الأسرى، ولقد قدم لنا الإسلام حلًا ناجعا لمشكلة الفقر وحارب هذه المشكلة واهتم بها لما لها من خطورة كبيرة على حياة الأمم بل على عقائدهم. وجاءت الآيات القرآنية توضح كيف أن مشكلة الفقر هى مشكلة واقعية فى حياة الأمم والشعوب، القرآن وضح كيف أغنى الله رسوله من بعد فقر، (ألم يجدك يتيما فأوى ووجدك عائلا فأغنى) كما من على قريش بقوله ( الذى أطعمهم من جوع وأمنهم من خوف)، بل أن بعض السلف قال إن الفقر إذا ذهب إلى بلد قال له الكفر خذنى معك. ولقد وضع الإسلام مجموعة من الحلول منها: العمل الجاد والضرب فى الأرض ابتغاء الرزق الحلال، لذلك رغب الرسول فى العمل وحث عليه قال رسول الله ( ما أكل أحد طعاما خير من عمل يده وأن نبى الله داود كان يأكل من عمل يده) كذلك يجب على الأقطار الإسلامية التعاون فيما بينها ويجب على الدول الغنية أن تساعد الدول الفقيرة. حقا أن الفقر هو الجوع القاتل فيجب أن نخفف عن الفقراء ونقف بجانبهم.