فضت الخيام ورحل الزعماء.. والمحصلة لازالت محاولات نحو تدارك الأخطاء،هكذا يبدو المشهد العربى فيما بعد بيان (سرت) الختامى للقمة العربية رقم22، التى جاءت فى ظل الغيابات المتكررة للكثير من رؤساء وملوك دول المنطقة، أيضا فى ظل هيمنة ملف (القدس) كالعادة على أجوائها، وتصدر كيفية التعامل العربى مع (خراب) إسرائيل المتواصل لجدول أعمالها. لكن وعلى الرغم من ذلك وبعيدا عن تعمد تصنيف وصف القمم العربية المتتالية ووصمها إما ب (النجاح أو الفشل)، فإنه يمكن القول بأن عنوان:(قمة السعى نحو إصلاح الأخطاء.. وبناء التحالفات) هو الأقرب ملائمة لقمة(سرت)، ذلك كإنعكاس مباشر للآتى: الحضور التركى الطاغى كإحدى القوى الفاعلة فى أقليم الشرق الأوسط (الكبير)، ذلك فى محاولة منها لحسم الصراع مع قوى إيران المتنامية بالمنطقة، بل والفطنة التركية إلى أن لغة(المال) هى الأكثر صدى فى الآذان العربية، ومن ثم جاءت دعوتها إلى إقامة تحالف عربى تركى إسلامى، ثم جاءت الخطوة الفعلية بإلغاء كافة القيود المفروضة على دخول مواطنى كل من سوريا والأردن ولبنان وليبيا إلى أراضيها، على أن تأتى البقية فى إطار استكمال مسيرة التعاون والاندماج الكامل مع محيطها العربى والإسلامى. التأكيد على أزمة العمل العربى المشترك، ومن ثم ضرورة المراجعة وإعادة النظر فيما سبق وأخفق فى تحقيقه، وهو ما تمت صياغته وبلورته من خلال البيان الختامى، حيث الاتفاق على عقد قمة (استثنائية) فى سبتمبر المقبل مع تشكيل لجنة خماسية لإعداد وثيقة تطوير منظومة العمل الجماعى. طرح خيارات بديلة جديدة لخطة التحرك العربى لإنقاذ القدس على المستويين الدولى من خلال الجمعية العامة.. والعربى فى إطار لجنة قانونية، مع التأكيد على ضروة الوقف الكامل للإستيطان، كذا الالتزام بسقف زمنى محدد لتلك المفاوضات وأن تستأنف من حيث توقفت، وعلى أساس المرجعيات المتفق عليها، وهى ذات الحقوق التى كثيرا ما فرط فيها العرب. طرح الأمين العام لفكرة (رابطة الجوار العربى) لتوحيد الصف العربى والإسلامى فى مواجهة إسرائيل بالإضافة إلى إنهاء ما يعرف بالخلاف الطائفى الشيعى السنى، وذكر إيران كإحدى الدول المرشحة لدخول هذه الرابطة. "الاتحاد العربى" وهو الاقتراح اليمنى الذى سارعت مصر بالموافقة على مناقشته، ومن ثم تقرر تشكيل لجنة ثلاثية لدراسته. محاولات التقارب المصرى-السورى من جديد، وهو ما يعد خطوة على طريق تحقيق المصالحة العربية- العربية الشاملة، بما ينعكس بدوره على كافة قضايا المنطقة ككل. لكن وعلى الرغم من ذلك فإنه يبقى أن إطلاق أسم (القدس) على القمة أو خلق مفوضية لها لن يمنع وحده عمليات التهويد المستمرة لها، ولن يعدو كونه سوى خطوة على الطريق المراد المضى قدما عليه، وهو طريق ترجمة الكلمات إلى أفعال، لإستعادة الثقل والمكانة والهيبة، التى نالت منها الكثير من الأحداث مؤخرا، ويأمل المواطن العربى فى أن يأتى ذكرها مستقبلا كذكرى من الماضى البعيد.