خطفت من الأيام التى تمتص أعمارنا ساعات بعيداَ عن الروتين اليومى تاركة ورائى أحزانى متناسية الحاضر بكل آلامه والمستقبل بما يحمله لى من سعادة أو شقاء، وعلى الفور أقحمت نفسى فى عالم تمنيت دوماَ أن أبقى فيه ولكن هذا الحلم بعيد المنال، فالعمر يجرى سريعاَ وكل يوم يمر يضيف على حساب عمرى، وفى حضن هذا العالم عشت إحساساَ يحمل بين طياته الفرحة والحزن، ومع البراءة والطفولة أبحرت داخل سفينة خضراء بها حجرات كثيرة ووراء كل باب حكاية نتعلم منها الكثير والكثير . اتجهت على الفور للعب مع طفل جذبنى بابتسامته البريئة وبدون تردد قبلت دعوة للعب معه (ماتش كرة قدم) وأخذته منه ذراع ( البلاى استيشن) على الرغم من يقينى بالفشل، ولكى أشغله عن اللعب تحدثت معه وعلمت منه أنه يأتى دوماَ إلى هذه السفينة من أجل اللعب مع زملائه وأنه يشعر بالسعادة هنا وحلمه أن يصبح (ضابط) ويحصل على لقب ( شهيد) فتعجبت كثيراَ أن هذا الطفل البالغ من العمر (9 سنوات) يتحدث عن الشهادة وذلك إذا أمد (المولى) فى عمره فهو يريد الجنة، ومع هذا الإحساس دمعت عينى وفى هذه اللحظة انتصر على ذلك الفتى اللعب وحتى أحتفظ بوقارى انسحبت وجلست بجوار طفلة تبكى وتحاول والدتها تهدئتها وحينما سألت عن سبب بكائها قالت بسبب الألم الذى تشعر به فهو يفوق تحملها بكثير، وأغمضت عينيها لحظات فسألته عن تلك الغفوة فقالت أنها تحلم بأن ترى ابنتها الوحيدة التى طال انتظارها بعد (8 سنوات) زواج (عروسة بالفستان الأبيض) يوماَ ما، فأخذته منها الطفلة ولعبت معها فى محاولة منى فى إعادة ابتسامتها وضحكتها الجميلة. ونظرت جانبى لأرى لوحة جميلة بيد طفلة موهوبة قد رسمتها بقلمها المعبر عن حلمها فى أن تصبح (طبيبة) هى تعرف حقاَ معنى الآلم فتريد أن تصبح يوماَ ما سبباَ لرسم الفرحة على وجه طفل أو طفلة بالغة من العمر (11 عاما) مثل عمرها ، فجعلتنى أتذكر أن معظم الأطفال يطمحوا أن يصبحوا أطباء أو مهندسين من أجل الحصول على اللقب أو لسبب غير واضح، فلا يشعر بالنار إلا الشخص الذى اكتوى بها. وسمعت صوتاَ رقيقا يقول (عينى تؤلمنى كثيراَ ولن أستطيع مواصلة القراءة( فقلت فى نفسى ( أحب قراءة قصص الأطفال كثيراَ ويجب أن آخذها من هذه الطفلة صاحبة العيون الزرقاء، فاقتربت منها وانتقلنا سوياَ إلى عالم الخيال ولم نستمر طويلاَ، انتقلنا إلى رواية أخرى على أرض الواقع فصاحبة العيون الجذابة روت لى حكايتها مع شخص كان يريد أن يفقدها عينها اليمنى بإجراء عملية تصفية وتركيب عين زجاجية ليقضى على المرض ولا ينتقل إلى العين اليسرى، وبفضل (الله) اتجهت إلى سفينة الأمل واكتشفت أنها لا تحتاج إلى أى إجراء جراحى، وفى ظل ما تعانيه تلك الطفلة بداخلها طاقة هائلة من التفاؤل والأمل تفوق شاب زبون دائما على القهوة فى انتظار وظيفة مصاباَ بالإحباط واليأس وقد أوشك على الانتحار. هوا انتى مش هاتلعبى معايا من الواضح أن وجهى الملائكى جذبه وخدعه ودفعه إلى أن يطلب منى أن ألعب معه(سباق السيارات) ولم أتردد واستمتعت كثيراَ باللعب معه وتمتعت أكثر بحديثه الرقيق على الرغم من بلوغه (العشر سنوات) إلا أنه يتحدث وكأنه شاب يافع فهو يعلم جيداَ ما يعانى منه وبداخله رغبة قوية لتفوق على مرضه وهزيمته، فهذا الشاب أو الطفل يريد أن يخترع مفاعل يقضى على إسرائيل فى لحظة حتى ينتقم لفلسطين المحتلة، فهو يتألم كثيراَ مما يحدث هناك. وبابتسامة رقيقة انتهت رحلتى وأنا أقول ( الحمدلله) على نعمه التى لا تعد ولا تحصى، قولت ( الحمدلله) من أعماق قلبى كما يقولها هؤلاء الأطفال وذويهم سمعتها بلهجة تفوح منها الرضا مع كل حرف . فوجدت داخل مستشفى (57357) معانى كثيرة نفتقدها ( الصبر – الرضا- التفاؤل- الأمل ) على الرغم من أن هذه المعانى يقابلها (آلم – دموع- رحلة طويلة (فبداخل سفينة الأمل روح( الشيخ محمد متولى الشعراوى) أول من تبرع لبنائها منذ أن كانت الفكرة وليدة اللحظة، هؤلاء الأطفال لا يحتاجون سوى نظرة حانية وقلباَ يشعر بهم ويسأل عنهم ويدعو لهم ويتذكرهم دوماَ .