تداخلت الآراء فى أزمة التحكيم وتلونت المواقف حسب الانتماءات.. فمن كان يهاجم الحكام بشراسة قبل مباراة إنبى والأهلى أصبح يدافع عنهم وعن أخطائهم "الواردة " ولم يتوقف عند ما قدمته هذه المباراة من جديد فى نوعية الأخطاء التى أعتقد شخصياً أنها متعمدة ومقصودة أو أنها نتاج إهمال شديد إذا ما تكرر ثلاث مرات فى مباراة واحدة وأثر مباشرة فى النتيجة فهو فى النهاية يتساوى مع التعمد والقصد وعلاجه الوحيد أن يكون طاقم التحكيم عبرة لكل الحكام والمساعدين الذين لا يكترثون بالتشغيل السليم لضمائرهم. وأيضاً من كان يتعاطف مع الحكام بنفس دعاوى الأخطاء الواردة أصبح يهاجم بشراشة من منطلق الانتماء.. فلا يهم عند الطرفين أن هناك أخطاء فعلا وقعت وأن فساد التحكيم أخطر من فساد اتحاد الكرة نفسه لأن العدالة هى التى تمنح الألقاب لمن يستحقها وتحجب الألقاب عمن لا يستحقها.. وبدون العدالة لا تكون هناك قيمة للبطولات ولا للإحصاءات التى تمجد الفرق وتصنع لها تاريخاً. وللأسف الشديد يظل الحديث عن مشاكل التحكيم أحد المناطق الحساسة النابعة دائما من مصالح وأهواء التابعين والمنتمين والمستفيدين من ظاهرة الصدام الأزلى بين الاهلى والزمالك.. فإذا أردت أن تنتقد قرارا تحكيمياً فأنت مجرد مشجع مع أحد الناديين ضد الآخر.. والأشد أسفاً أن أكثر المتشنجين الذين يتبنون هذا التصنيف هم من الإعلاميين والصحفيين الذين لا يتحرجون ولا يخجلون من كشف هوياتهم وانتماءاتهم ليثبتوا أقدامهم على موائد وولائم الناديين. وليس مفارقة غريبة علينا على سبيل المثال أن ينفعل حسام البدرى على التحكيم فى مباريات شهدت حالات من الجدل تحتمل الصواب والخطأ وتمتلئ الصحف بتصريحاته المضادة لما وصفه بمؤامرة التحكيم ثم لا يتقبل أن يقلده الآخرون فى حالات لا تقبل الجدل.. وفعلها حسام حسن أيضا فى الزمالك بانفعالاته ضد الحكام يتبعها بحالة رضا وارتياح حسب النتيجة. وإذا كانت الأخطاء واضحة وصارخة ولا تقبل الجدل مثلما حدث فى مباراة الأهلى وإنبى فإن الخلاف عليها وتنوع الآراء حولها هو نوع من الغوغائية التى لا تستند إلى حقائق وواقع وضمير حى.. وهى عكس الحالات التى تظهر فيها الأخطاء لكن لا يظهر فيها التعمد مثل أن يكون الحكم بعيداً عن اللعبة أو واقفاً فى زاوية صعبة أو أن يكون المساعد متأخراً أو سابقاً الخط الذى يقف عليه المهاجم والمدافع أو أن يكون فارق التسلل ضئيلاً للغاية يتحمل الجدل الواسع واستيعاب كل الآراء.. أما أن تكون اللعبة واضحة وضوح الشمس والحكم قريب وحامل الراية فى موقعه وتتكرر أمامه ورغم ذلك يتخذ القرار العكسى فهو قد أخطأ متعمداً مع سبق الإصرار والترصد. وليس منطقياً أن يستنكر الأهلى غضب الزمالك لأنه فى النهاية منافس ربما تكون طريقة الغضب مبالغ فيها لكنها ليست غريبة ولا عجيبة بحيث يرفضها الأهلى شكلا وموضوعاً.. ونحن نقرأ ونرى كثيراً تعليقات مدربى الفرق الإنجليزية على قرارات حكام يرونها تساعد منافسيهم على حسابهم فما بالنا بالجمهور والإعلام. والأهم من ذلك أن حجر الرأى فى مشكلة كبيرة بدعوى عدم الاختصاص فيه تجنٍّ و"استهبال".. وإذا لم ينتفض الناس لتصحيح مسار العدالة فى الملاعب التى هى أساس المنافسة النظيفة النزيهة فمتى إذن ينتفضون؟