سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أحد العائدين من جحيم ليبيا أمام نقابة الصحفيين: "هربنا من البطالة للعمل تحت النيران عشان نربى عيالنا".. السفارة المصرية مغلقة منذ مايو الماضى.. ويؤكد: "لو واجهتنا أزمة بنخلصها من خلال معارفنا"
بلافتة "أنقذوا أبناءنا فى ليبيا" وقف محمد فتحى، أحد المواطنين العائدين من جحيم ليبيا أمام نقابة الصحفيين وسط جموع من أبناء محافظة المنيا، الذين هرعوا إلى القاهرة، عقب مشاهدتهم لمقتل أبناء محافظتهم على يد داعش فى ليبيا، ليس للبكاء أو الإدانة، وإنما للتحذير من أن تتكرر المأساة مع المصريين المحتجزين هذه المرة فى السجون الليبية على يد الجيش الليبى، من ضمنهم شقيق فتحى نفسه. فى أكتوبر الماضى عاد محمد فتحى إلى مصر، فى إجازة كانت ستنتهى يناير الماضى، حيث كان سيعود أدراجه إلى ليبيا من جديد، استقبل مكالمة هاتفية من أحد معارفه من المصريين فى ليبيا يخبره فيها بإلقاء عناصر من الجيش الليبى القبض على أخيه عمر، وابن عمه محمد حلبى إسماعيل من محل عملهما ببنى غازى، واحتجازهما فى أحد السجون الليبية. "لماذا لم تعد إلى مصر عقب تزايد حدة الأحداث فى ليبيا؟ ألم تخش على حياتك؟"، لم ينتظر حتى أن يسمع بقية السؤال ليجيب محمد فتحى قائلا "مش هيرمينى على المر إلا اللى أمرّ منه"، وبنبرة ارتفعت حدتها استكمل قائلا "هو أنا لو كنت لقيت شغل فى مصر كنت هسافر ليبيا ليه من الأساس"، هربنا من البطالة للعمل تحت النيران عشان نربى عيالنا". وبدأ محمد فتحى حديثه ل"اليوم السابع"، عن أخيه مضيفًا "أغلب شباب القرية بمجرد ما يشتد عوده يبحث عن فرصة للسفر إلى أى دولة عربية أو أجنبية إذا كان محظوظا، مفيش شغل فى المحافظة، الصعيد كله شباب يعانى من البطالة، وقلة فرص العمل، وكباقى الشباب سافر عمر إلى ليبيا، وقتها كانت تحتاج إلى كثير من الأيدى العاملة، عمل فترة فى المقاولات واستطاع بعد سنوات من الشقا أن يفتح محله الخاص فى بنى غازى". عاد عمر إلى المنيا وتزوج وسافر بأسرته إلى ليبيا يساندونه فى الغربة، وفى الوقت ذاته يكمل تجارته التى بدأت تتحسن، وقبل العودة فتح الباب أمام فتحى أخيه لكى يسافر، ويبدأ فى تكوين نفسه هو الآخر بدلا من المكوث فى المنيا بلا عمل. ويقول محمد فتحى "الكلام ده من 10 سنوات، سافرت وساعدته فى المحل أنا وابن عمى، وكل فترة كنا بنرجع مصر إجازة، لغاية أحداث 17 فبراير 2011، وبدء الأحداث فى ليبيا، قرر عمر وقتها أن يعيد أسرته إلى مصر، لكننا بقينا كشباب". وتابع: فكرنا فى العودة كتير، محدش بيحب الغربة، لكن فى المرات التى عدنا فيها كإجازة كنا نجد الوضع الاقتصادى أسوأ من البداية، كل واحد عنده أولاد وأسرة ولديهم مصاريف تتزايد كلما كبروا هنصرف عليهم منين". وأضاف: لكن قبل عودة فتحى الأخيرة، دخل مع أخيه فى نقاش جاد حول تصفية الأعمال فى ليبيا والعودة إلى مصر "وكان لابد من التصرف فى البضائع الأول، صديق فتحى فى ليبيا أخبره فى مكالمته التليفونية، والتى دارت بينهم فى 23 ديسمبر الماضى، أن عمر كان قد قرر نقل البضاعة من المحل للتصرف فيها، وأثناء ذلك استعان بأحد أصدقائه الليبيين، والذى ينتمى إلى الجيش الليبى، يقول "استوقفتهم فى الطريق لجنة من أنصار الشريعة تهدف لاصطياد رهائن من الجيش، فحينما علمت بأن السائق عسكرى فى الجيش اقتادته خارج السيارة، وأمرت أخى وابن عمرى بالعودة من حيث أتوا". عاد عمر ومحمد إلى محله، تغزوهما الأفكار حول كيفية التصرف فى هذا المأزق، لكن شقيق الليبى المختطف والذى ينتمى أيضا إلى الجيش الليبى لم يمهلهما وقتا كبيرا للتفكير، ثم جاء إلى المحل مع قوة عسكرية وقبض على عمر وابن عمنا، متهمينها بمسئولية اختطاف أخيه، وهددهما بأنهما لن يخرجا قبل أن يظهر أخيه". وكشف محمد فتحى أن أخوه عمر منذ أسبوع اتصل عليه موجها إليه رسالته المتكررة فى كل مكالمة هاتفية يختلسها من مكان احتجازه "الحقونا، احنا كويسين، لكن محدش عارف عننا حاجة، ولو محدش اتحرك ممكن نفضل هنا سنوات"، يقول فتحى "مكنتش عارف أقوله إيه، أنا من وقت ما علمت باحتجازه ذهبت إلى وزارة الخارجية، قابلنى أستاذ أحمد عامر وخد رقمى وأعطانى رقمه وقالى إن شاء الله خير، ومن وقتها كل لما اتصل بيه يقولى إنه موصلش لحاجة وينهى المكالمة بخير.. خير، وأنا مش عارف خير فى إيه واحنا ولادنا بيتدبحوا هناك؟!". وأوضح أنه ذهب مرة أخرى إلى وزارة الخارجية عقب إدراكه بعدم جدوى مكالماته الهاتفية، مؤكدًا أن السفارة المصرية فى ليبيا مغلقة منذ شهر مايو الماضى "وأى مصرى هناك عارف إنه لو وقع فى مأزق هيخلصها بمعارفه وليس بالطريق الرسمى، لكن هذه المعارف لن تستطيع أن تساعدنا سوى فى أنها تؤكد علينا أن أخى وابن عمى محتجزين فى كتيبة 204 فى ليبيا، وأن المفاوضات يجب أن تكون من خلال ممثل رسمى فى مصر، خصوصا أن الجيش هناك أجرى معهم تحقيقا 3 مرات ولم يثبتوا عليهما شيئا". ويضيف "أنا نفسى الخارجية تتحرك قبل فوات الأوان، تتدخل وتنقذ المصريين اللى فى السجون هناك، واللى أغلبهم اتاخد ظلم، السجون هناك ممكن تتهاجم فى أى وقت وساعتها مش هنعرف نوصل للحى قبل الميت". سألته "هترجع تانى؟"، لم يرد فتحى لثوان قبل أن يقول "مش عارف، أكيد الوضع خطير والأمر لم يكن مختلف وأنا هناك، لكن احنا كنا بنحاول نتجنب الاحتكاك معهم قدر الإمكان حفاظا على لقمة عيشنا، أنا أكيد مش عايز اتبهدل، ولا عايز أيتم عيالى، واحنا هناك كنا متوقعين إنه فى أى لحظة قذيفة هتقع علينا، والمشاحنات بين الجماعات المسلحة والجيش مستمرة وفى كل مكان، لكن على الأقل فيه شغل.. المصريين هناك غلابة أوى"، مضيفًا "فيه ناس كانوا قرروا يرجعوا مصر، وبعد لما رجعوا ولم يجدوا عملا قرروا يعودوا إلى ليبيا تانى حتى لو عارفين إنهم ممكن يموتوا".