"الإشارات، حارات المرور، وقواعد الطرق" هى آخر ما يفكر فيه المصريون أثناء قيادة السيارة يوميًا فى زحام متواصل، وسيل من الشتائم، وتوتر لا ينقطع كحال الشوارع المصرية التى تحولت "سواقة السيرك" فيها إلى أسلوب حياة يعرفه المصريون جيداً، فإذا كنت ممن حالفهم الحظ لشراء سيارة والتجول بها فى مصر بين شوارعها وكباريها وطرقها السريعة، فأنت حتما احتجت للكثير من التكنيك للتعود على القيادة فى الزحام أو على الطريق الدائرى والكبارى المشلولة دائماً، وقطعا وجدت لنفسك سياسة خاصة للقيادة بسلام والوصول سالماً، إلى جانب ضرورة حفظك لكل "المصطلحات المرورية" التى لا يعرفها غير الشعب المصرى صاحب براءة الاختراع فى كل شىء. - سياسة "رمى البوز".. لو مصرى وبتسوق لازم تعمل كدة اختيار من اثنين، الأول هو أن تلقى "ببوز" سيارتك أمام السيارة المجاورة لك فى الزحام للتقدم أمامها كفرصة للهروب من الزحام بشكل أسرع، غير مبالى بكم الشتائم التى يقذفها عليك سائق هذه السيارة أو ضوضاء آلة التنيه التى تحولت فى أذنيك إلى "موسيقى" مصرية خاصة بالطريق، أما الاختيار الثانى فهو تفادى هذا "البوز" الذى يلقيه عليك الآخرين، وفى كل الأحوال عليك قبل أن تقرر القيادة فى مصر والقاهرة تحديدا، أن تتعلم كل قواعد "سياسة رمى البوز" التى تعتبر من أهم قواعد القيادة المصرية. - سياسة "تلقيح الجتت".. لقح جتتك عشان توصل سياسة أخرى لا تقل أهمية للوصول لمكانة رفيعة فى عالم "القيادة" فى مصر، هى سياسة "تلقيح الجثث" والتى تتضمن مجموعة كبيرة من الخطوات، التى تبدأ بذراع السائق فى السيارة التى تحجز مكاناً أمامك، وهى الذراع التى تعنى بالضرورة أن عليك التوقف والسماح له بالمرور بعد أن اجتهد وأخرج ذراعه، مشيراً لك بالتوقف، ومروراً بمحاولات دهسك بالسور أو إلقائك من فوقه للمرور من جانبك سريعاً، أو "تلقيح الجتت" من خلال سياسة الالتصاق بالسيارات وإضاءة النور "العالى" حتى يجبرك على الإفساح له بالمرور، ولا يعنيه أمر موقعك من باقى السيارات، ومثل السياسة السابقة عليك الاختيار ما بين "تلقيح جتتك عشان توصل"، أو تفادى "جتت" الآخرين. "أكسر عليه" أو "كسر عليا".. العربيات المتصادمة فى مصر أمر واقع وحدها السيارات المتصادمة فى مدينة الملاهى هى ما تسمح لك "بالكسر" على صديقك، الذى يركب السيارة المجاورة، والذى يستقبل "كسرتك" بالضحك والترفيه، على عكس رد فعلك على الدائرى فى سيارتك التى جمعت ثمنها من "تحويشة العمر"، ثم تقدم نحوها أحد زملاء الطريق للكسر عليك بمنتهى الثقة وكأنما تحول الطريق إلى ساحة ملاهى، وتحولت السيارات المتصادمة إلى أمر واقع، فقط المصريون هم من يمكنهم استيعابه. "قلبله نور".. المصطلح المصرى لاستخدام الإشارات الضوئية.. الإشارات، قاعدة مرورية لها احترامها فى جميع دول العالم التى ترى أهميتها أثنهاء القيادة وخاصة ليلاً، ولكن فى مصر كل ما هو متعارف عليه "بيركبه 100 عفريت"، فقط فى مصر يمكنك استخدام الإشارات الضوئية لأهداف أخرى سوى ما صنعت من أجله، قلبله نور قد تعنى أحياناً لفت انتباه قبل دهسه بثوانى معدودة، أو قد تعنى لفت الانتباه لمرورك مسرعاً بجانبه قبل أن يصطدم أحدكما بالآخر، أو قد تعنى الوسيلة الأكثر استفزارا لمن أمامك، من خلال تسليط النور العالى فى عينيه وشله تماماً عن الحركة حتى المرور بنجاح، وهو المعنى الأكثر استخداماً فى مصر بشكل عام. غرزة... الغرز فى مصر تحمل أكثر من معنى إلى جانب "غرزة" التى يمكن صنعها بأبرة الخياطة، والغرزة التى تصورها الأفلام بمكان "الدماغ" أو القهوة البلدى المشبوهة أحياناً، هناك غرزة أخرى يعرفها جيداً السائقون فى مصر، وهى المسافة الفاصلة بين سيارة وأخرى بجانبها وصمم المصريون على استغلالها فى مرور سيارة ثالثة تأتى مسرعة من خلف الأولى مباشرة، كمحاولة "للشقلباظ" السريع بين السيارات على الطرق السريعة، وهى المسافة التى قد تتسع أو تضيق، وتتحدد بالنسبة لمساحتها نوعية "الغرزة" فهى إما "غرزة ضيقة"، أو "واسعة تسمح بالمرور" وفى كل الأحوال هى وسيلة للتعبير عن سواقة الأكروبات التى يمارسها المصريون فى الشوارع وعلى الطرق، والتى تحولت إلى وسيلة لقياس القدرة على القيادة فى مصر التى تحمل فى "السواقة" قاموساً خاصاً بها.