هنا لابد أن أسجل وأن يسجل التاريخ بأن ما يحدث فى القدس وفى فلسطين ما هو إلا انتصار للصهاينة وقراءتهم الجيدة للوضع العربى، بل ما هو إلا انتكاسة عربية دولية وإقليمية صادمة، فعلى الرغم من هذا الكم من الممارسات الإسرائيلية الضخمة والصاخبة التى حتى لم تقبلها الولاياتالمتحدة لدرجة أن سفيرها لدى الولاياتالمتحدة أعلن بملء فيه بأن هناك توترا فى العلاقات بين البلدين لم تشهد لها مثيلا منذ ما يقارب 35 سنة. كل هذا ولم يحرك أى مسئول عربى ساكنا تجاه ذلك، وكأن شيئا لم يكن، وكأن هذا الكنيس الخراب الذى استباح ساحت الأقصى الشريف لم يمسنا ولم يستبح كرامتنا، ولم يستبح شرفنا، فالعار ثم العار على من شهد وصمت والعار ثم العار على من ملك وغفل، والله لن ترحمكم شعوبكم ولن يرحمكم التاريخ. يا مسلمون ويا زعماؤنا ويا رؤساؤنا ويا من ملكتم زمام أمورنا هبوا ونحن معكم ونحن أمامكم ولسنا وراءكم لنجدة الحرم الشريف لنجدة الأقصى الشريف هبوا كفانا ثبات وكفانا ذلا، آن الأوان أن نكون رجالا وإن لم نهب الآن فهنيئا لإسرائيل هذا الخمول والتواضع المخذى، وهنيئا لهم تلك المطية السهلة بدون أن نحرك ساكنا، والأقصى سيهدم وسنسأل أمام الله ماذا قدمنا فياليت شعرى هل من مجيب. كثيرا كنت أنعى الموقف المصرى بسبب دوره الريادى ودوره دائما فى التحكم بزمام الأمور، فكان دائما ما يأخذ نصيب الأسد فى الهجوم منى ومن غيرى، ولكنى أقول فقد تحاملنا وتحامل الجميع على النظام المصرى، فلا أنا أنكر أنه تخلى عن دوره، ولا أنا أنكر كيف كان هو الأخ والشقيق الأكبر للجميع وصاحب الرأى والمشورة فى القضايا الإقليمية والدولية فى الشرق الأوسط، فكان دائما فى مثل هذه الأحداث الجسام والمواقف التاريخية توضع شماعة الهوان والضعف على الموقف المصرى من قبل بعض الدويلات والأنظمة العربية، وأنه السبب والمسبب لدرجة أن شباب بعض هذه الدويلات كان يخرج فى مظاهرات منددة للموقف المصرى، ويحرق أيضا العلم المصرى، وكأننا الجناة فلم أر هؤلاء الشباب الآن يخرجون، بل من خرج ويخرج هم شبابنا شباب مصر فى كل أنحاء أرض الكنانة من طلاب ومفكرين ومهنيين، فخرجت مصر بكل طوائفها الشعبية تندد وتعلنها صريحة أن مصر هى للأقصى فداء. والآن ها هو الموقف المصرى الرسمى فى وضع السكوت، نظرا لمرض سيادة الرئيس حسنى مبارك، شفاه الله وعافاه، فغاب الدور المصرى وغاب تعليقه وتعقيبه على هذا التدنيس والتهويد الصريح للأقصى وساحته، وغاب أيضا معه الدور العربى والإسلامى فلم أسمع صوتا لهذا أو تلويحا من ذاك أو موقفا من هؤلاء ممن حاولوا أن يمتطوا ظهر المواقف المصرية ويقول أنا هنا . الساحة الآن خالية وغاب الموقف المصرى فمن يرد أن يركب خيله ويرفع سيفه ويقول أنا هنا فليقل وسنقول معه نحن هنا . هذا ليس تبريرا للموقف المصرى، ولكن تصحيحا لفكرة قد انتابتنى فى كثير من المواقف وأحببت أن أعلنها صريحة واضحة. سامحنى الله وسامح كل شريف فى أرض العروبة وكل أمين على دين الإسلام تحدثه نفسه بنهضة الأقصى، ولم يستطع سوى بالمال أو بالقلم أو بالقليل من هذا وذاك . وأخيرا فلا نامت أعين الجبناء .