لم تكن مفاجأة لى ولا لمعظم المصريين تنفيذ تنظيم الإخوان الإرهابى والموالين له أعمال تخريبية وإرهابية فى كل مكان على مستوى الجمهورية، وتمثلت فى تفجير بعض أبراج ومحولات الكهرباء وإحراق مكاتب البريد والسنترالات وغرف التليفونات والتعدى على السكك الحديدية، وغيرها من مرافق الدولة حتى ممتلكات بعض المواطنين كسائق سيارة الأجرة التى أحرقوها، بخلاف قتل الأبرياء، ومنهم طفل مسيحى بمنطقة المطرية التى حاولوا أن يجعلوها "رابعة جديدة"، لكن فى المقابل كانت ثقتى كبيرة بقدرات رجال الشرطة الذين تصدوا ببسالة لهذه الأعمال الإجرامية، مدعومين برجال القوات المسلحة، وسقط بعضهم شهداء الواجب، بالإضافة لإصابة الكثيرين منهم، وندعو الله تعالى لهم بالشفاء العاجل. أدرك أيضا أن مصر تواجه تحديات اقتصادية كبيرة، ومنذ تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى المسئولية تسارعت جهود إعادة عجلة الاقتصاد ودفعها بخطوات سريعة، والتركيز على إصلاح أنظمة الدعم الحكومى والضريبى لتخفيف عجز ميزانية الدولة ومواجهة التضخم. كما يتم التركيز أيضا على الاستثمار فى مشاريع كبيرة تشمل البنية التحتية والطاقة الكهربائية وغيرها، وأطلق السيسى بعد توليه الحكم مباشرة تنفيذ أول هذه المشاريع، وهو توسيع قناة السويس بطول 72 كيلومترا. التحديات الأمنية والاقتصادية التى تواجهها مصر بالمضى قدما بالتوازى فى قضيبين لقطار "الجمهورية الجديدة" التى تمضى رغم دعوات الإرهابيين للحشد والعنف فى ذكرى 25 يناير لتعكير صفو احتفالات الشعب المصرى وإثارة الفوضى بالبلاد، وهنا أرى أن حاجة مصر والمصريين للأمن والاستقرار تتقدم على الشأن الاقتصادى، رغم أهميته، لكننا لن نتمكن من إدارة عجلة التنمية ودعوة المستثمرين العرب والأجانب دون تحقيق الأمن ومواجهة المخططات الإرهابية التى تمارسها جماعات الإرهاب وفى مقدمتها تنظيم الإخوان الذى يسعى بكل إصرار إجرامى لإثارة المواطنين من أجل دفعهم للنزول للشوارع واستهداف رجال الشرطة والمسئولين حتى المواطنين الأبرياء، ومحاولات تخريب المنشآت الحكومية والخاصة عن طريق إلقاء العبوات لإحداث خسائر وإثارة الرعب فى المجتمع، ونشر الفوضى والذعر لتصدير صورة سلبية للعالم عن "مصر الجديدة" بأنها ودولة فاشلة كما يحدث فى ليبيا واليمن وسوريا وغيرها. لكن ذلك لن يتحقق بإذن الله لسبب بسيط أن هؤلاء الإرهابيين لا يواجهون رجال الجيش والشرطة فقط، بل صاروا فى مواجهة الشعب الذى صار واعيا بمخططات الإرهاب فلعب وعى المواطنين وتعاونهم دورا مهما فى إحباط العديد من مخططات الإخوان الإرهابية، وعلى سبيل المثال ما حدث فى مركز سنورس بالفيوم وقيام الأهالى بالتحفظ على أثنين من العناصر الإرهابية وبحوزتهما أسلحة آلية وذخيرة أثناء محاولتهما القيام بأعمال تخريبية، وتسليمهما للأجهزة الأمنية، وكذا معاونة الأهالى فى ضبط أحد تلك العناصر أثناء شروعة فى زرع عبوة ناسفة خلف نقطة شرطة أبو زعبل بالخانكة بالقليوبية وبحوزته 4 قنابل محلية الصنع و8 زجاجات مولوتوف، كما ورد فى بيانات لوزارة الداخلية، وكما صرح وزيرها محمد إبراهيم للصحفيين. ومنذ نشأة الإخوان كانوا ينتهجون العمل السّرى والتصفيات الجسدية، ولديها "جهاز سرّى" تربى على أفكار سيد قطب، عقب ما يحدث الآن هو محطة جديدة لأزمات الإخوان التى بدأت منذ العهد الملكى باغتيال القاضى الخازندار ومحمود فهمى النقراشى وغيرهم. وتجددت أزماتهم إثر محاولة اغتيالهم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر عام 1954 حتى بلغ الصدام مداه فى ستينات القرن الماضى حين تصدت أجهزة الأمن لقادة الجماعة بصرامة وتم إعدام سيد قطب الذى يعتبرونه "الأب الروحى" للإخوان الحاليين وفى صدارتهم المرشد الحالى محمد بديع، والقائم بأعماله الهارب محمود عزت. هذا التاريخ معروف لكنى رأيت أهمية التذكير به، لأن أجيالاً جديدة تجهل تاريخ الجماعة مع العنف، ولأنه يقودنا أيضًا للوضع الحالى للجماعة عقب الإطاحة بحكمها ورئيسها المعزول محمد مرسى والقبض على معظم قادتها، لكن الخطير هنا تلك الفئة من الشباب المغرر بهم من الجماعة الذين ربتّهم على "الأفكار القطبية"، التى ترى صراع الجماعة وخصومها من الشعب والسلطة "حرب مقدسة" وليست خلافا سياسيا، وصار الحديث عن السلمية "كلام فارغ" ونحن نشاهد عشرات العمليات الإجرامية يوميا. قرأت كثيرا عن التنظيمات المتأسلمة لأفهم طريقة تفكيرهم وتاريخهم، ويمكن رصد الوضع الحالى بأنه يجمع خليطا من عناصر الإخوان التى تعتنق أفكارا متطرفة، وهى القاسم المشترك مع "السلفية الجهادية" التى تُعد امتدادا لتنظيمات إرهابية دولية مثل "داعش" و"القاعدة"، وظهرت علانية عقب 25 يناير بمسميات مختلفة ، لكنها تتبنى نفس المفاهيم المتعصبة منها مثلا: التيار الإسلامى العام والجبهة السلفية وحركة "حازمون" وجميعها وجوه متعددة لمضمون واحد هو الإرهاب والعنف والفوضى. ولا نبالغ حين نتوقع أن الموجة الجديدة من المواجهة مع تنظيمات الإسلام السياسى ستكون الأكثر شراسة، نظرا للتطورات التى تشهدها مصر، والضربة الموجعة التى تلقتها، وفشل تجربتهم السياسية، ونبذهم شعبيا وتراجع الدعم الدولى لحد كبير، بالإضافة لتعافى الشرطة وتنسيقها مع القوات المسلحة وتعاون المواطنين بتزويد الأجهزة الأمنية بالمعلومات، كل هذه وغيرها من دواعى الاطمئنان بأن مصر تمضى فى طريقها فى الاتجاه الصحيح الذى سيكلل بإجراء الانتخابات البرلمانية لتكتمل خريطة الطريق وتنطلق الجمهورية الجديدة بدعم الأشقاء العرب والأصدقاء الدوليين فضلا عن تكاتف غالبية المصريين ليكون مشروع نجاح على كل الأصعدة السياسية والاقتصادية والحضارية، وهذا ما أتوقعه ليكتب نهاية الإرهابيين فى معركتهم الأخيرة.