تعيش مصر منذ زمن بعيد، أزمة خطيرة تعبر عن قنبلة موقوتة، قد تنفجر فى أى وقت.. تتمثل تلك الأزمة فى ظاهرة أطفال الشوارع، والتى باتت مغلقة بعد تزايد أعدادهم بشكل كبير خلال ال4 سنوات الأخيرة نتيجة الوضع الأمنى غير المستقر منذ ثورة يناير، حيث يستغلون أسوأ استغلال. كما أن أطفال الشوارع أصبحوا يشكلون خلايا عنقودية فى كل المدن والمحافظات. دراسة جديدة أعلنتها وزارة التضامن الاجتماعى اعتبرت أن أطفال الشوارع فى مصر يبلغ عددهم 16 ألف فقط.. وهذا الرقم صادم ويفجر انتقادات واسعة حول قضية أطفال الشوارع وكيفية التعامل الحكومى معها. وبالرغم من اتفاق معظم الخبراء أن التفكك الأسرى وعمل الأطفال والإهمال هى السبب الرئيسى فى المشكلة. واستخدام بعض أطفال الشوارع من قبل الجماعات الإرهابية والدفع بهم فى التظاهرات وأعمال العنف والشغب، يرجع إلى سهولة السيطرة عليهم من خلال الإغراء المادى. وأطفال الشوارع هم أحد صور التعرض للانحراف والضياع، ويعانون من وهن فى علاقاتهم الأسرية، ولا يتصلون بأسرهم بصفة منتظمة، ويتخذون من الشارع مأوى ومحلا لإقامتهم الدائمة، ومصدرا لمعيشتهم، وينقصهم الحماية والإشراف والتوجيه من قبل أشخاص راشدين أو مؤسسات ترعاهم. ولقد نمت هذه المشكلة فى العديد من الدول العربية، مع تفاوت درجاتها وأسبابها وحجمها من دولة عربية إلى أخرى، وبصفة عامة ترجع الأسباب إلى الزيادة السكانية، وازدياد معدلات الهجرة من الريف إلى المدن الكبرى والعواصم، السكن فى العشوائيات، والصراعات الداخلية، بالإضافة إلى مشكلات التفكك والعنف الأسرى، وارتفاع معدلات الفقر، والتسرب من التعليم، والكوارث الطبيعية. وينتمى أطفال الشوارع إلى عدة فئات فمنهم من يعمل فى الشوارع لكسب لقمة العيش ومنهم من يتخذ من الشارع ملاذاً له فى النهار قبل أن يرجع فى الليل إلى مجموعة تشبه الأسرة ومنهم من يعيش بشكل دائم فى الشارع من دون أن يكون منتمياً إلى أى شبكة عائلية لكن، أياً تكن الفئة التى ينتمون إليها، فهم معرضون للاستغلال وللمجموعات الخارجة على القانون أو لعنف رجال الشرطة، إلا أن الأطفال الأكثر ضعفاً هم الذين ينامون ويعيشون فى الشارع، مختبئين تحت الجسور وفى مجارى المياه ومحطات القطارات. ومع أنهم قد يمارسون مهناً بسيطة كتلميع الأحذية أو البيع فى السوق ليتدبروا أمرهم، إلا أن العديد منهم يموتون على حافة الطرقات أو يقعون ضحية للمخدرات وصراع العصابات والأوبئة . وهناك خلط بين أطفال الشوارع والأطفال العاملين، حيث يكمن الحل فى تكاتف جهود الدولة والمجتمع المدنى لحل هذه الأزمة.. خاصة أن لدينا وزارات معنية بمشكلة أطفال الشوارع إضافة إلى لجان الحماية الموجودة فى كل محافظة.. نتمنى أن نتعامل مع مشكلة أطفال الشوارع بشكل مغاير فهى قنبلة نخشى انفجارها بالفعل، بعد أن أعد هؤلاء الأطفال ليكونوا عناصر هدم فهل من معيل يحولهم إلى طاقة بناء؟.