أعلن المؤتمر العلمى الذى نظمته كلية الإعلام بالجامعة البريطانية دعمه الكامل لأسر شهداء الشرطة فى معركة مصر ضد الإرهاب، كما رفض كافة أشكال الخصخصة المباشرة وغير المباشرة للمؤسسات الصحفية القومية والصحف الصادرة عنها. وانتهى المشاركون فى مؤتمر "واقع الصحافة القومية ومستقبلها"، إلى عدد من التوصيات التى تطرحها الجامعة على الرأى العام، وترفعها للمسئولين للاستفادة منها، حسب بيان إعلامى من الجامعة البريطانية اليوم، الاثنين. وكانت أولى التوصيات إدانة المؤتمر الكاملة لحادث الاعتداء الإرهابى على مجلة "شارلى إبدو" الفرنسية، وإعلان تضامنه مع أسر الضحايا من الصحفيين والمواطنين الفرنسيين الأبرياء، وكذلك أسر ضحايا الصحفيين المصريين والعرب الذين قتلوا على يد الإرهاب، وعدم المساس بحقوق العاملين فى المؤسسات الصحفية القومية، ومنع كافة أشكال التمييز بينهم فى الأجور والمكافآت وسن التقاعد. وطالب المؤتمر بضرورة التفكير والعمل المشترك بين الحكومة والمؤسسات الصحفية، والجامعات ومراكز البحوث، لإيجاد إستراتيجية شاملة لتطوير الصحافة القومية من النواحى المالية والتحريرية، بما يكفل حرية واستقلال الصحافة القومية، ويدعم دورها فى تقديم خدمة عامة، وفى الوقت نفسه حصولها على كافة أشكال الدعم من الدولة، شريطة أن يتم تقديم هذه المساعدات وهذا الدعم من خلال هيئات مستقلة عن السلطة السياسية، وأن يتم تحديد موازنة سنوية مخصصة لهذا الغرض تحتسب من الموازنة العامة للدولة، لضمان عدم استغلال هذه المساعدات فى توجيه سياسات تحرير الصحف وفى التأثير على استقلاليتها، بما يعنى عمليًا الفصل بين الملكية والإدارة والتمويل. وشدد المؤتمر على حق الصحافة القومية فى الحصول على كافة أشكال الدعم من الدولة باعتبارها مؤسسات مملوكة للشعب وليست مملوكة للنظام السياسى، بما يمكنها من أداء أدوارها الرقابية كسلطة رابعة، استنادًا إلى أدوارها الوطنية فى مراحل تاريخية مهمة من تاريخ الوطن، وباعتبارها مهنة وصناعة لا تهدف إلى الربح فى الأساس، مقارنة بصحف وإعلام الشركات الخاصة، وإنما تهدف للدفاع عن مصالح أغلبية الشعب، ولعب دورها كسلطة رابعة تراقب أداء السلطات الثلاث، والمجتمع المدنى، وتكون صوت من لا صوت له من أبناء الوطن. وطالب المؤتمر، الحكومة بسرعة تحرك الدولة لدعم وتطوير الصحافة القومية من خلال حزمة من القوانين والإجراءات غير التقليدية، التى تتفق مع طبيعة كل مؤسسة صحفية وخصوصية مشاكلها، وفى مقدمة ذلك إسقاط الديون، وتقديم قروض ميسرة لتنفيذ حلول سريعة، وأخرى طويلة المدى، لإنقاذ الصحافة القومية من عثرتها، علاوة على منع الازدواج الضريبى، وتخفيض ضريبة التمغة على الإعلانات، وكذلك البحث عن صيغ قانونية جديدة لدعم وتطوير الأنشطة التجارية والاستثمارية التى تقوم بها المؤسسات الصحفية، والتى ترتبط بطبيعة أنشطتها، كالطباعة والإعلان والتوزيع، لضمان توفير مصادر تمويل ذاتية بديلة لهذه المؤسسات، تمكّنها من دعم هياكلها الاقتصادية، ومواجهة تقلبات السوق، ومنافسة وسائل الإعلام الخاص. وأكد المؤتمر، عدم المبالغة فى حساب مديونيات الصحف القومية، والاعتماد على تقديرات واقعية، تقوم على إسقاط الفوائد والمتأخرات، والتى تتحمل مسئوليتها عهود وإدارات سابقة، وتقديم المشورة والدعم الفنى والدراسات الإدارية ودراسات الجدوى الاقتصادية للمؤسسات الصحفية القومية، بشأن كيفية تنشيط المشروعات الاقتصادية لبعض المؤسسات الصحفية القومية، وكيفية تعزيز قدراتها الاستثمارية، وزيادة معدلات الربحية بها، مشيرا إلى أن تقوم الدولة بتسديد مديونياتها والتزاماتها نحو المؤسسات الصحفية القومية، كما تساعد الدولة تلك المؤسسات فى تحصيل ديونها ومستحقاتها لدى الغير. وطالب المؤتمر بضرورة التحقيق فى كافة وقائع الفساد والنهب التى تعرضت لها المؤسسات القومية فى السنوات السابقة، وأن تقوم المؤسسات الصحفية القومية باستحداث إدارات للبحوث والتطوير بها، تساعدها فى إجراء تقييم ذاتى لأدائها المهنى والإدارى بشكل مستمر، والبحث فى سبل وآليات التطوير والتجديد الداخلى، بما يستجيب لمتغيرات العصر وثورة الاتصال والمعلومات، والمنافسة الصحفية. وقدم المؤتمر عددًا من المقترحات من شأنها تحسين أحوال الصحف القومية وهى، تحويل بعض المطبوعات الخاسرة إلى صحف إلكترونية، مع عدم المساس بحقوق العاملين فى تلك المطبوعات، وترشيد الإنفاق وضغط المصروفات، وتعديل هيكل الأجور للصحفيين فى المؤسسات القومية، مع منع قيامهم بالعمل فى مؤسسات إعلامية منافسة إلا بإذن خاص، والفصل الكامل بين التحرير والإعلان، والنص فى التشريعات الصحفية الجديدة على عقوبات مالية ومهنية رادعة للمخالفين، وإعمال مبدأ المحاسبة سنويًا للقيادات الإدارية والتحريرية عن مدى النجاح أو الإخفاق الذى يحققونه فى الإدارة والتحرير والجوانب المالية، لضمان إعمال الرقابة عليهم وإلزامهم بتطبيق مداخل الإدارة بالأهداف والنتائج. وأكدت توصيات المؤتمر استقلال الصحافة القومية كما نص على ذلك الدستور الجديد، وضرورة إشراك نقابة الصحفيين والمجلس الأعلى للصحافة فى عملية إصدار قوانين وتشريعات جديدة تترجم مواد الدستور الخاصة بتنظيم الإعلام وحرية واستقلال الصحافة القومية. واقترح المشاركون فى المؤتمر فى هذا الإطار عدم فرض أى تشريعات ضد إرادة الصحفيين، وضرورة إجراء حوار مجتمعى حول تلك التشريعات باعتبار الصحافة ملكًا للشعب وحرية الصحافة إحدى الحريات العامة، والتأكيد على أن الإعلام يقوم على المسئولية الاجتماعية ويعتمد أساليب التنظيم الذاتى، وضمان الفصل بين الملكية والإدارة فى الصحف القومية، وعدم الجمع بين رئاسة تحرير الصحف ورئاسة مجلس الإدارة، وأن يراعى فى تشكيل الهيئة الوطنية للصحافة تمثيل أعضاء منتخبين من كافة المؤسسات الصحفية القومية، وإلزام الصحف القومية وكذلك الصحف الخاصة بوضع سياسات وأدلة تحرير مكتوبة للصحف تكون محل نقاش والتزام، وأن تعلن ويجرى العمل بها والتحقيق مع المخالفين لها، وتشكيل مجالس تحرير مسئولة لتوسيع وترشيد سلطة قرارات النشر، وأن يتولى الجهاز المركزى للمحاسبات بصفة دورية مراجعة دفاتر مستندات المؤسسة الصحفية، للتحقق من سلامة ومشروعية إجراءاتها المالية والإدارية والقانونية، على أن يعلن الجهاز فى تقرير سنوى نتائج مراجعته لهذه الميزانيات على الرأى العام. وتابعت توصيات المؤتمر، أنه على المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام أن يراعى حرية الصحافة والرأى والتعبير، واستقلال نقابة الصحفيين، مع إنشاء هيئة علمية مستقلة تتولى التدقيق فى أرقام توزيع الصحف، وإعلان تلك الأرقام دوريًا ما يوفر معلومات دقيقة وموثوق بها للقارئ والمعلن، وأنه على الصحف القومية أن تعمل جاهدة على تطوير سياساتها التحريرية وتوجهاتها المهنية، بحيث تصبح منبرًا للجماهير ولكافة القوى السياسية والفكرية السائدة فى المجتمع، وأن تحرص على أن تعكس سياساتها التحريرية أجندة اهتمامات الجماهير وأولوياتها. وطالب المؤتمر بضرورة اهتمام المؤسسات الصحفية بإجراء دراسات السوق والقرائية، للتعرف على أوضاع الصحف المنافسة، ومزاياها وعيوبها، ونقاط الضعف والقوة بها، وعلاقة القراء بالصحف وتفضيلاتهم، والاستفادة من ذلك فى تطوير سياسات الإدارة، وفى صناعة القرارات التحريرية، وضرورة الاهتمام ببرامج التدريب وإعادة التأهيل الموجهة للعاملين فى هذه المؤسسات، لتنمية مهارات وقدرات العنصر البشرى فى كافة قطاعات المؤسسات الصحفية، وضمان قدرته على تلبية متطلبات التغيير والتطوير. وشدد المؤتمر على ضرورة العمل على إعادة الثقة فى الصحف الصادرة عن المؤسسات الصحفية القومية، وذلك من خلال إعادة النظر فى طبيعة الوظائف والأدوار التى تقدمها، ومن خلال تخطيط حملات تسويقية لإدارة سمعة هذه المؤسسات، وتمكينها من المنافسة، وضرورة تطوير أساليب إدارة وتنظيم المؤسسات الصحفية القومية والصحف الصادرة عنها، من خلال تبنى أساليب الإدارة المستحدثة ونظرياتها التى تكتظ بها مؤلفات وبحوث الإدارة، والاستفادة مما تشهده مؤسسات الصحافة والإعلام فى الدول المتقدمة من تطبيقات وتجارب لهذه الأساليب المستحدثة فى أرض الواقع.