وضعت انتخابات التجديد النصفى لمجلس الشورى جماعة الإخوان المسلمين فى مأزق جديد، فرغم حسم د.محمود عزت نائب المرشد المحبوس احتياطيا على ذمة قضية التنظيم القطبى لموقف الجماعة وتأكيده خوضهم الانتخابات المقبلة بشكل قاطع، إلا أن د.محمد بديع المرشد العام للجماعة فى حيرة من أمره ليس فى حسم القرار، بل فى نسبة المشاركة. النتيجة المبدئية التى خرج بها مجلس شورى الجماعة بعد استطلاع الرأى الذى جرى الأسبوع الماضى، أكدت خوض الجماعة الانتخابات كقرار نهائى، واستقروا على عدد لا يزيد عن15 مرشحا وقد يقل ليصل إلى 12 مرشحا، إلا أنهم لم يستقروا على الأسماء، نتيجة لخطورة القرار فى ظل وجود أكثر من 350 معتقلا للجماعة فى شهرين فقط، منهم 28 قياديا متهمين فى قضية التنظيم السرى رقم 202 حصر أمن دولة، على رأسهم الرجل القوى والعقل المدبر لتحركات الجماعة محمود عزت وأربعة آخرين من مكتب الإرشاد، فما كان من بديع إلا أن يلجأ بعد أن فشل فى حسم القرار خلافا لأعضاء مكتب الإرشاد من أعضاء مجلس الشعب الماضى ومنهم د. محمد مرسى، والحالى د.سعد الكتاتنى وسعد الحسينى. كان المرشد السابق مهدى عاكف ود.عبد المنعم أبو الفتوح عضو مكتب الإرشاد السابق الذى نصح الجماعة بعدم خوض الانتخابات لفترة، وبالفعل تمت مناقشات وجلسات عمل موسعة امتدت على مدار الأسبوعين الماضتين، واستمع بديع لوجهة نظر أبو الفتوح التى أيد فيها عدم خوض الجماعة لانتخابات الشورى لعدم جدواها وعدم وجود ضمانات لنزاهة الانتخابات. بعدها التقى المرشد مع عدد من لهم وجهة نظر فى العمل السياسى بوجه عام داخل الجماعة، ومنهم د. إبراهيم الزعفرانى الذى التقى به مرتين إحداهما منفردا، ثم التقى ولأول مرة مع مختار نوح أحد من جمدوا عضويتهم بالجماعة وعرض نوح على المرشد أسبابا تدعو لضرورة مشاركة الإخوان فى الانتخابات ومنها عرض وجهة نظر الجماعة بشكل أوسع فى الشارع بدون قيود، مع الرد على الاتهامات التى لحقت بالجماعة الفترة الأخيرة بشأن الانغلاق، وإحداث حالة من الحوار حول الاتهامات الموجهة حاليا للدكتور عزت والعريان وغيرهم بشأن التنظيم القطبى. وبعد هذه اللقاءات التى تمت بمعرفة د.محمد مرسى مسئول القسم السياسى وملف القاهرة الكبرى بالجماعة ود.سعد الكتاتنى رئيس الكتلة البرلمانية، كانت الجولة الثانية وهى الإجابة على السؤال الأهم وهو كم عدد المرشحين الذين تدفع بهم الجماعة فى هذه الانتخابات؟ وهنا دخل بديع ومعه مكتب الإرشاد فى حالة قلق وخلاف جديدة، فمنهم من طالب بأن يدفعوا بعدد لا يقل عن 25 مرشحا ليثبتوا للنظام أنهم موجودين ولديهم قوة للمواجهة وأن الإستراتيجية لن تتغير عما كانت عليه أيام المرشد السابق، ومنهم من طالب بالدفع بعدد أقل عن 10 حتى لا يستفزوا النظام ويؤكدوا أنهم ليسوا فى منافسة بقدر ما فى رغبة فى المشاركة فقط. ومع هذا لم يخرج بديع ولا مكتب الإرشاد برؤية حاسمة، فلجأ الأربعاء الماضى إلى أعضاء مجلس شورى الجماعة ليقولوا رأيهم ليس فى قرار المشاركة فقط، بل فى العدد المتقرح، والإمكانيات التى يرى كل عضو من أعضاء مجلس شورى الجماعة تتوافر لدى منطقته أو محافظته لتأمين هذه المشاركة فى حالة موافقته، بالفعل تم جمع هذه الأوراق قبل أيام، وكانت النتيجة حسب قيادات بالجماعة بالمشاركة فى الانتخابات بعدد مرشحين ما بين 12 و15 مرشحا فقط. إلا أن د.محمد مرسى المتحدث الإعلامى والمسئول الأول عن الاستطلاع الذى تم الفترة الماضية بين أعضاء مجلس شورى الجماعة، نفى أن يكونوا توصلوا لقرار نهائى، سواء بحسم قرار المشاركة أو بعدد المرشحين. د. جمال حشمت عضو مجلس شورى الجماعة، أكد أن رأيه أن تكون المشاركة رمزية بقدر الإمكان وفى أضيق الحدود، مبرره فى هذا أن النتيجة ليست هى المطلوبة بقدر المبدأ وهو المشاركة السياسية، مضيفا أن ما يحدث ليس بانتخابات خاصة بالشورى، مضيفا أن الجو العام لا يبشر بانفراجه فى طريقة أداء الحكومة فى إدارة الانتخابات ويصر على تزويره، وقد يتم عدم المشاركة مثلما حدث فى 1990 لانتخابات الشعب. فى حين اعتبر سعد الحسينى عضو مكتب الإرشاد وعضو مجلس الشعب انتخابات الشورى بروفة لتمهيد الطريق أمام انتخابات مجلس الشعب، منها تدريب الكوادر والشباب على الدعاية والانتخابات، واختبار قوة وانتقاء وجوه جديدة يمكن الاعتماد عليها فى خوض الانتخابات، رغم أنه يفضل ادخار الجهد لمجلس الشعب. أما عبد المنعم عبد المقصود محامى الجماعة أحد الذين اعترضوا على خوض الجماعة الانتخابات، فقال "أنا غير مقتنع بهذه الانتخابات ولا المرمطة اللى بتحصل بسببها، وبعدين هو الإخوان كانوا فازوا بأى مقعد من قبل فى الشورى من عشرين سنة". لكن لماذا لجأ بديع لكل هؤلاء لاتخاذ أول قرار سياسى فى تاريخه كمرشد عام للجماعة سيكون مسئولا عنه، فبديع أراد التحصن برؤى الجميع حتى لا يتكرر ما حدث الشهور الماضية، والتى خرج فيها عدد من الإصلاحيين ليقول رأى مخالف لرأى المرشد، ثم يتحمل الجميع النتيجة، خاصة قيادات الجماعة فى المحافظات التى سيشاركون فيها، بجانب إثبات أن قرار الجماعة مؤسسى فعلا خلافا لما كان يطبق فى الماضى وكانت دائرة القرار محدودة وضيقة، أما الهدف الأهم من هذه المشاورات حسب مصدر بمجلس شورى الجماعة هو اختبار جديد لعملية أخذ رأى أعضاء مجلس شورى الجماعة فى القضايا الهامة كما حدث فى انتخابات مكتب الإرشاد طالما أن التجربة أثبتت أن هذا ممكنا.