تمر هذه الأيام ذكرى ميلاد سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، بالتزامن مع ميلاد السيح المسيح، فى مشهد عظيم لتعانق الأديان، إلا أنه على النقيض من ذلك تأتى الذكرتان فى عالم يسوده العنف، والصراعات، وهو يجعل الديانتين الإسلام والمسيحية تنشدان الخلاص من هذه الأجواء المشحونة والمضطربة، ويحلمان بعودة السلام مجددًا، وهذا ما يحققه عودة السيد المسيح فى آخر الزمان، ليملأ الأرض بالسلام ثانية. قال الدكتور أحمد محمود كُريمة، أستاذ الفقه المقارن بكلية الدراسات الإسلامية والعربية، بجامعة الأزهر، إننا هذه الأيام نشهد تعانق مولد النبى محمد، مع ميلاد السيد المسيح، ولاسيما أن بين الرسولين الكريمين، وهو ما يؤكد زمالة الشرائع، والإخاء الدينى، والمصطفى قال «الأنبياء إخوة من علات.. أمهاتهم شتى ودينهم واحد». وأضاف الدكتور أحمد كُريمة، أن نبى الإسلام محمد، أخبرنا بنزول السيد المسيح فى أواخر الزمان حكمًا مقسطًا، وهذا الاعتقاد هو من القواسم المشتركة بين المسيحيين والمسلمين. وأوضح الدكتور أحمد كُريمة، أن من القواسم المشتركة بين الإسلام والمسيحية هو الإيمان بالمسيح عليه السلام، وكذلك الإيمان برفع المسيح إلى السماء عند المسلمين، وقيامته عند المسيحيين، وفى الاثنين الغرض واحد. وأكد الدكتور أحمد كُريمة، أن القاسم المشترك، الذى نعنيه فى حديثنا هو نزول المسيح آخر الزمان، وهو ما يعتقده المسلمون والمسيحيون معًا. وأشار الدكتور أحمد محمود كُريمة، إلى أن هذه القواسم المشتركة تعد أرضية طيبة، ومناخا جيدا لقبول الآخر، والإخاء الدينى والزمالة، دون الدخول فى تفاصيل الغرض من عودة المسيح عليه السلام فى آخر الزمان. وعن فكرة عودة المهدى المنتظر، قال الدكتور أحمد كرُيمة، عودة المهدى المنتظر ليملأ الأرض عدلا بعد أن امتلأت جورًا، هى فكرة ليست محل إجماع عند المسلمين، فالمذهب الشيعى كله يؤمن به، أما أهل السنة ففى خلاف عليها. وقال الدكتور محمود أبوالفيض، عضو المجلس الأعلى للطرق الصوفية، إن تلاقى ميلاد المسيح مع ميلاد سيدنا محمد، من الأمور الجيدة التى تشير لتعانق الأديان، ولقائها. والرسول الكريم سيدنا محمد، أشار فى أحاديثه إلى مجىء السيد المسيح فى آخر الزمان، ليحرر البشر من المسيح الدجال، الذى يدعى بأنه سيدنا المسيح المنتظر، وبالتالى سيقلته سيدنا عيسى، ويخلص البشرية منه، ومن شروره، موضحًا أنه ليس لديه أمنيات محددة من مجىء المسيح، لأن سبب عودته حدده الرسول الكريم كما أشارت، فى نشر السلام وقتل الفتنة. وأوضح الدكتور محمود أبوالفيض، أنه بعد قتل سيدنا عيسى، للمسيح الدجال، سوف يظهر المهدى المنتظر، الذى أخبرنا عنه الإسلام أيضًا، وهو من نسل سيدنا محمد، ليملأ الأرض بالعدل، بعدما امتلأت جورًا وفسادًا وظلمًا، كما يقوم بتحرير القدس، وبعدها يصلى خلفه السيد المسيح فى القدس، حتى ينتهى الأمر بموت المسيح عليه السلام. وأضاف أن عودة السيد المسيح فى آخر الزمان، هى من الأمور المشتركة بين الإسلام والمسيحية، تأكيدًا على فكرة أن الأديان تتلاقى، وتتعانق، وأصلها واحد. وقال الأب أنجيليوس إسحق، سكرتير البابا تواضرس، إن أكثر الأشياء التى ننتظرها من عودة السيد المسيح مرة أخرى، هو أن يملأ الأرض بالسلام، والمحبة، فهو كان محبًا للسلام ويدعو إليه، ويقول «طوبى لصانعى السلام، لأنهم أبناء الله يدعون». وأضاف الأب أنجيليوس، أنه يقال على السيد المسيح أنه رئيس السلام، وكان عندما يذهب أى مكان يقول سلام لكم، وهذا ما نرجوه، وننشده من عودته، وما نحتاجه أيضًا هذه الأيام التى سادت فيها الصراعات والعنف. فصناعة السلام صعبة وليست سهلة، ونرجو من كل أحبائنا فى مصر، وكل العالم أن يخلقوا السلام فى بيوتهم، وأسرهم، ودائرة عملهم، لأن السلام يجعل النفوس ترتقى، ويجعل العلاقات الإنسانية أعمق، فهو يؤدى لحالة من الحب. كما أن السيد المسيح كان يحث من خلال تعاليمه السامية على عدم انتهاج مبدأ العداوة حتى مع الأعداء، وألا نقابل الشر بالشر، فكان يحض دائمًا على أن نقابل الشر بالخير. وقال المفكر القبطى الدكتور كمال زاخر، إن أولى أمنياتنا من عودة السيد المسيح عليه السلام، هو أن يملأ الأرض بالسلام، بعد أن امتلأ العالم بالكثير من الصراعات، والتناحرات، والكراهية، حتى اختفى السلام. وأن أنشودة الملائكة يوم ميلاد السيد المسيح كانت «المجد لله فى الأعالى.. وعلى الأرض السلام.. وبالناس المسرة»، ولذا فإن أول نداء صاحب ميلاده كان السلام فى الأرض، وسرور الناس، ونحن نأمل أن يعود هذا السلام مجددًا، لأننا فى احتياج كبير إليه.