رئيس الوزراء يشهد افتتاح المؤتمر الدولي للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة    الكيلو ب76 جنيها.. أسعار الدجاج الأبيض تواصل الاستقرار في مزارع ومحال دمياط    المالية والسياحة: 6 أشهر مهلة إضافية لمبادرة التسهيلات التمويلية لزيادة الطاقة الفندقية    تحليل: 21% من السيارات الجديدة في العالم كهربائية بالكامل    تطبيق التوقيت الشتوي رسميًا في مصر غدًا.. الساعة تتأخر 60 دقيقة    بن غفير يجدد تهديده بإسقاط حكومة نتنياهو إذا تخلّت عن تفكيك حماس    تقرير- محمد صلاح في اختبار الحقيقة.. بين انتكاسة ليفربول وتراجع المستوى    سيد عبد الحفيظ: لا أفكر في رئاسة الأهلي مستقبلا    القبض على 8 سيدات بتهمة ممارسة الأعمال المنافية للآداب بالدقهلية    مصر تستعد لإطلاق المنصة الوطنية للسياحة الصحية    افتتاح المتحف المصرى الكبير.. صرح عالمى يعزز مكانة مصر الدولية    الأقصر تزين ميادينها وتجهز شاشات عرض لمتابعة افتتاح المتحف المصري    وزير الثقافة ومحافظ سوهاج يفتتحان قصر ثقافة الطفل بمدينة سوهاج بعد تطويره    أبرزها موعد وحكام المباراة.. 5 معلومات عن مواجهة بتروجيت أمام الأهلي قبل موقعة الليلة    البورصة توقف التداول على سهم بلتون القابضة.. والشركة تؤكد التزامها بالشفافية واستقرار مركزها المالي    وزير الشئون النيابية: الرئيس السيسي أولى ملف مكافحة الفساد أولوية قصوى    تشكيل الزمالك المتوقع ضد البنك الأهلي في الدوري    وزير الخارجية يستقبل نظيره السوداني لبحث أحداث العنف الفاشر    إصابة 5 أشخاص في تصادم سيارتين ملاكي وربع نقل بسيدي حنيش    الأرصاد الجوية: طقس خريفي معتدل نهارًا ومائل للبرودة ليلًا على أغلب الأنحاء    السيطرة على حريق محدود داخل معرض فى التجمع    سيدة تحاول إشعال النيران في نفسها بالمحلة الكبرى    الأحزاب السياسية في ميانمار تطلق حملتها الانتخابية قبل الانتخابات العامة في ديسمبر    كوريا الجنوبية تستقبل ترامب بتاج ذهبى وحلوى صانع السلام وكركديه.. صور    إعصار ميليسا يصل الساحل الجنوبي لشرقى كوبا كعاصفة من الفئة الثالثة    دعوة فى تابوت فرعونى ذهبى.. عالم يابانى شهير يتلقى دعوة لحفل افتتاح المتحف الكبير.. البروفيسور يوشيمورا: الدعوة رمز للتقدير المتبادل بين مصر واليابان.. والمتحف الكبير أعظم الصروح التى رأيتها حول العالم    سفير تركيا لدى مصر: المتحف المصرى الكبير تجسيد حى لعظمة التاريخ المصرى    شمس البارودي تنشر السيرة الذاتية لزوجها حسن يوسف في ذكرى وفاته    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 29-10-2025 في محافظة الأقصر    الدكتور أحمد نعينع يكتفى بكلمتين للرد على أزمة الخطأين    اختفاء ظاهرة السحابة السوداء بمدن وقري الغربية.. تعرف علي السبب    التعامل مع الطفل العنيد أثناء المذاكرة: بين الصبر والذكاء التربوي    كيف تساعد ساعتك البيولوجية على التأقلم مع التوقيت الشتوي؟    استمرار دخول المساعدات إلى غزة رغم الخروقات الإسرائيلية    الخارجية تشكر الرئيس السيسى على ضم شهدائها للمستفيدين من صندوق تكريم الشهداء    نجاح المؤتمر السادس لمجلس الكنائس العالمي، السيسي: مصر ستظل دوما أرض السلام والتسامح    تحصين 421 ألف رأس ماشية ضد الحُمّى القلاعية و الوادى المتصدع فى 3 أيام    الأمين العام للإنتوساي تشيد بدور مصر في تعزيز التعاون الدولي ومواجهة الأزمات    ننشر مواعيد تشغيل مترو الأنفاق والقطار الكهربائي في التوقيت الشتوي    شاب مدمن للمخدرات يعتدى على والدته بسكين لرفضها منحه أموالا فى الفيوم    رعم الفوز على النصر.. مدرب اتحاد جدة: الحكم لم يوفق في إدارة اللقاء    صمت الأهلي يثير التساؤلات.. إمام عاشور يتعافى من فيروس A ومروان عطية يعلن الخبر قبل النادي    طريقة عمل طاجن البطاطا بالمكسرات.. تحلية سريعة في 20 دقيقة    بالدموع والإيمان.. ربى حبشي تعلن عودة مرض السرطان على الهواء مباشرة    بلد السلام    قصائد تتغنى بالشارقة والذات في بيت الشعر بالشارقة    ناجي حكما لمباراة الزمالك والبنك في الدوري    سوزي الأردنية تواجه أول حكم من المحكمة الاقتصادية    اليوم.. الأهلى يتحدى بتروجت من أجل "صدارة" الدوري    أسعار الذهب فى أسيوط اليوم الاربعاء 29102025    د.حماد عبدالله يكتب: ومن الحب ما قتل !!    الدفاعات الجوية الروسية تدمر 4 مسيرات أوكرانية كانت متجهة نحو موسكو    دعاء الفجر | اللهم اجعل لي نصيبًا من الخير واصرف عني كل شر    «زي النهارده».. حل جماعة الإخوان المسلمين 29 أكتوبر 1954    في الشغل محبوبين ودمهم خفيف.. 3 أبراج عندهم ذكاء اجتماعي    رسميًا.. موعد امتحان 4474 وظيفة معلم مساعد رياض أطفال بالأزهر الشريف (الرابط المباشر)    تدريب طلاب إعلام المنصورة داخل مبنى ماسبيرو لمدة شهر كامل    أذكار المساء: أدعية تمحو الذنوب وتغفر لك (اغتنمها الآن)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد والمسيح.. الحب الخالد
نشر في اليوم السابع يوم 01 - 01 - 2015

تلتقى هذه الأيام ذكرى مولد محمد والمسيح عليهما السلام، ومن قبل التقت أرواحهما وجمعت بينهما النبوة والرسالة، ومحبة الله، وعبوديته وتوحيده سبحانه، والتقاه فى رحلة الإسراء مع النبيين الذين قدموا محمدًا لإمامتهم فى الصلاة، والتقاه كذلك فى المعراج، ووصفه لأصحابه حتى كأنهم يرونه رأى العين.
لقد عاش الرسول وأمته كلها مع عيسى وأمه العذراء مريم وأسرته الكبرى «آل عمران» من خلال سور كثيرة، منها سورة «آل عمران» ثانى أكبر سورة فى القرآن، وتحكى عن صلاحهم وعبادتهم وتبتلهم وصيامهم وقيامهم وزهدهم وعفتهم. وهذه سورة «مريم» الرائعة التى يتغنى بها القراء، ويشرحها المفسرون، مادحة هذه الأسرة الكريمة. إن ما بين محمد والمسيح عليهما السلام من الحب والود والنصرة أكبر من أن يكتب عنه مثلى، أو أى كاتب، ويكفى أن الرسول قال: «أنا أولى الناس بعيسى بن مريم فى الأولى – أى الدنيا - والآخرة».
ويمكننى القول إن محمدًا هو أعظم من تحدث عن المسيح، وأعطاه حقه، والقرآن كذلك، فمن ذا الذى يستطيع أن يرد على القرآن أو الرسول، وقد تشابه الرسولان فى كثير من مضامين الرسالة، ويمكننى اختصارها على النحو التالى:
1 - أرسل الله عيسى ليؤدب بنى إسرائيل الذين قتلوا بعض الأنبياء، وكذبوا بعضهم، وتحايلوا على الشريعة، وأصاب الجفاء قلوبهم ونفوسهم حتى أصبحت كالأرض البور المجدبة.
وأرسل الله محمدًا إلى أمة العرب التى ملأتها العصبية والقبلية والتقاتل وحب الذات، والفخر بالدنيا، وعبادة الأوثان والأصنام من دون الله، وطواف النساء والرجال عرايا حول البيت الحرام يصفقون ويغنون ويصدون عن سبيل الله.
2 - جاء كل منهما يوجه خطابًا دعويًا قويًا وحازمًا ورقيقًا فى الوقت نفسه إلى قومه، فهذا المسيح يصدح فى بنى إسرائيل «قد كمل الزمان واقترب ملكوت الله– أى القيامة- فتوبوا وآمنوا بالبشرى».
وفى نفس النهج يهتف محمد فى قومه «إن الرائد لا يكذب أهله والله لو كذبت على الناس جميعًا ما كذبتكم.. إنى رسول الله لكم بين يدى عذاب شديد».
3 - وكلاهما دعا إلى العمل، وعدم الاتكال على النسب الصالح، فهذا نبى الله عيسى يهتف فى عصاة بنى إسرائيل الذين يعتقدون أن نسبهم إلى إبراهيم سيشفع لهم دون عمل أو طاعة، «يا أولاد الأفاعى لا تقولوا لنا إبراهيم أبًا، لأنى أقول لكم إن الله قادر على أن يقيم من هذه الحجارة أولادًا لإبراهيم، فكل شجرة لا تصنع ثمرًا جيدًا تقطع وتلقى فى النار»، وكأنه يقول لهم إن انتسابكم لإبراهيم لن يغنى عنكم من الله شيئًا، وإن الدين والهداية ليست بالوراثة، ولكن بالعمل والطاعة. وها هو محمد يصيح فى قومه نفس الصيحة وبنفس المعانى: «يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ، لاَ أُغْنِى عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، يَا بَنِى عَبْدِ مَنَافٍ لاَ أُغْنِى عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، يَا عَبَّاسُ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لاَ أُغْنِى عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، وَيَا صَفِيَّةُ عَمَّةَ رَسُولِ اللَّهِ لاَ أُغْنِى عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، وَيَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَلِينِى مَا شِئْتِ مِنْ مَالِى لاَ أُغْنِى عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا».
4 - وكلاهما كان يدعو للسلام ويحض عليه، فهذا عيسى يدعو للسلام قائلاً: «طوبى لصانعى السلام»، أما شقيقه محمد فيقول: «أفضل الأعمال بذل السلام للعالم، ويقول آمرًا: «أفشوا السلام بينكم»، ويقول: «« أَيُّهَا النَّاسُ لَا تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ، وَسَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا، وَاعْلَمُوا أَنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ»، أى التى بسببها يسقط الشهداء دفاعًا عن الإسلام والأوطان.
5 - وكلاهما كان يدعو للحب، وهى السلعة الغالية التى إن غابت عن دنيا البشر فإن الدنيا تصبح موحشة قاتمة كئيبة، فالحب هو الرباط الجميل بين القلوب، والذى يجعلها تتكاتف وتتآلف وتتغافر وتتسامح وتتراحم، وبغيابه تغيب كل الفضائل. ويؤسفنى أنه غائب اليوم عن مصرنا، وعن معظم الدول العربية التى ملأتها الكراهية والأحقاد، فهذا المسيح يهتف فى قلوب بنى إسرائيل الصخرية مختصرًا رسالته فى كلمتين «الله محبة»، ويتابعه ويؤيده محمد الذى يصدح بنفس الشعار الرائع «أفضل الأعمال الحب فى الله»، ويذكر من السبعة الذين يظلهم الله بظله يوم لا ظل إلا ظله «رجلان تحابا فى الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه»، وكان العرب فيهم من الأنفة والجفاء ما يمنع الرجل أن يقول لأخيه «إنى أحبك فى الله» مهما كان حبه إياه، فعلمهم الرسول ذلك، فمن لا يعرف المحبة لن يصل إلى الله، لأن الله هو الحبيب الأعظم، ومن لا يحبه سبحانه لن يحب الناس ولن يحبه الناس، وكل المحاب، مثل محبة الوالدين والزوجة والأولاد والأصدقاء والناس تنبع أساسًا من محبة المحبوب الأعظم، وهو الله، ويعد الأنبياء جميعًا أكثر الخلق حبًا لله وحبًا للناس.
6 - وكلاهما جاء لتزكية النفوس والقلوب، فلن ينفع علم ولا فقه إلا فى قلب تمت تزكيته وتهذيبه وتطهيره حتى لا يستخدم العلم فى المكر والكيد، أو التحايل على تعاليم الشريعة. فهذا عيسى يقول لأصحاب القلوب الخربة رغم امتلاكهم المال والجاه والسلطان بالباطل والظلم والبغى «ماذا ينفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه»، ليطابق قول الله « قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا»، وهذا محمد [ يهتف فى الناس: «دع ما يرييك إلى ما لا يريبك فإن الصدق طمأنينة والكذب ريبة»، ويهتف: «الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الأمانى».
7 - وهذا عيسى يرحم المذنب والعاصى ويحنو عليه حتى يتخلص من ذنبه وإثمه، فيقول: «أنا ما جئت لأدعو أبرارًا للتوبة بل خطائين»، ويقول: «ما جئت لأهلك أنفس الناس بل لأخلص»، وهذا محمد يفتح باب التوبة لكل العصاة حتى آخر لحظة من حياتهم، ولا يقنطهم من رحمة الله، بل يحكى لأصحابه قصة الذى قتل 99 نفسًا ثم أراد التوبة الصادقة فتاب الله عليه، ويهتف محمد فى المذنبين فى كل العصور: «يا أيها الناس توبوا إلى الله واستغفروه»، ويشجعهم على ذلك بأنه وهو المعصوم يستغفر الله ويتوب إليه فى اليوم سبعين مرة، وهو كناية عن الكثرة.
8 - وكلاهما دعا إلى الرحمة، فهذا عيسى يدعو إلى الرحمة، فيقول: «طوبى للرحماء فإنهم يرحمون»، ومحمد يردد نفس النداء: «الراحمون يرحمهم الرحمن»، فمن لا يعرف الرحمة فلا خير فيه، ومن لا يعرف الرحمة فلن يعرف الرحمن، ولن يعرفه الرحمن.
9 - وكلاهما يدعو للتواضع، فهذا عيسى يهتف فى موعظة الجبل وهى أعظم مواعظه: «طوبى للمنكسرة قلوبهم»، أما محمد فيدعو: «اللهم أحينى مسكينًا وأمتنى مسكينًا واحشرنى فى زمرة المساكين»، ويحذر الذين يزدرون الفقراء والمساكين والغلابة قائلاً: «ربّ أشعث أغبر مدفوع بالأبواب– أى يرفض الأكابر دخوله عليهم- لو أقسم على الله لأبره»، فهذا الذى ترفض مكاتب ودواوين الكبار والوزراء والمديرين دخوله عليهم لعله أفضل منهم عند الله، ولعله لو أقسم على الله بشىء لحقق الله قسمه لمكانته عند الله.
10 - وكلاهما يرفض تكفير الخلائق، أو إغلاق أبواب الجنة أو التوبة أمامهم، فيصيح عيسى : «ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون لأنكم تغلقون ملكوت السموات والأرض قدام الناس فلا تدخلون أنتم ولا تدعون الداخلين يدخلون»، وهذا يطابق قوله تعالى «قُل لَّوْ أَنتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّى إِذاً لَّأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الإِنفَاقِ وَكَانَ الإنسَانُ قَتُوراً».. إن البعض من ذوى الأفق الضيق لا يدرك مدى سعة رحمة الله بعباده وشفقته عليهم، ولذلك هتف محمد فى الدنيا عبر أبى ذر الذى كرر عليه السؤال ثلاث مرات: «وإن زنى وإن سرق رغم أنف أبى ذر».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.