لقد قمت سيادتى بزيارة لمعرض الإسكندرية للكتاب لأتفقد أحواله، ولأننى إسكندرانية فلزامًا علىَّ أن أنتظره حتى يأتى إلى من القاهرة على أرض كوته وقد انكمش حجمه وأصبح محدوداً، لكن نحمد الله، بدايةً ولأنى عاشقة للقراءة، قمت بعمل بحث مسبق على شبكة الإنترنيت لمعرفة الكتب الأكثر مبيعات فى معرض الكتاب بالقاهرة، وعلمت أنها: كتاب "اعمل عبيط" لجمال الشاعر، "كلام أبيح" ليوسف معاطى، "ربع جرام" لعصام يوسف، وكتب أخرى دينية، لكن ما حدث لى بمجرد أن خطت قدماى معرض الكتاب وكأن هناك مغناطيس يجذبنى أو قوة خفية لا أعلمها لركن جمال الغيطانى، قضيت فيه ما لا يقل عن نصف الساعة، ثم إبراهيم عبد المجيد، إلى بهاء طاهر، وأرجع بذاكرتى ثانية لأتسمر أمام يحيى حقى ويوسف إدريس وكأنى أعيش وحدى تلك الدقائق فى عالم افتراضى مفصول تمامًا عن العالم الخارجى، وخرجت من هذا الركن بسلام إلى أنيس منصور وأنا العاشقة لكتاباته منذ صغرى فقد كنت أقوم بقص عمود مواقف يوميًا من جريدة الأهرام بعد أن يفرغ والدى من قراءتها ليرمقنى بابتسامة رقيقة، ولأنى غير منظمة على وجه العموم فكنت أسير فى المعرض بعدم انتظام تارة لدور نشر على اليمين وأخرى إلى اليسار، فوجدت على يسارى بوابة ذات لون أبيض مكتوب عليها بالأخضر المملكة العربية السعودية والعلم الوطنى الخاص بالمملكة والذى أقدسه، فدخلت لأجد كلمة مطبوعة على جميع الأرفف للعرض فقط، ولفت انتباهى رفوف بها المصحف الشريف فتساءلت بينى وبين نفسى لماذا هذا التكرار المبالغ فيه؟ لأجد شيئاً قمة فى الروعة والرقى فى الأداء، وجدت القرآن الكريم مترجماً إلى واحد وأربعين لغة، ومن بينها لغات لأول مرة أسمع عنها، كاللغة الأيغورية، الهوسا، الزولو، البستو، واليوربا، فغمرتنى سعادة بالغة واعتبرت ذلك عملاً عظيماً يسجله التاريخ، وقام بالرد على أسئلتى رجل مصرى فاضل بكل أدب وحينما انتهيت وأنا فى طريقى للخروج قدم لى شاب مصرى هدية "سى دى" قرآن كريم، وصورة للحرم المدنى، وأكملت سيرى لأجد (بوسترات) عليها صور مختلفة لضيوف الندوات المصاحبة للمعرض، ومن ضمنها صورة للشيخ خالد الجندى، ولا أعرف السبب الحقيقى وراء استنكارى لوجود صورة فضيلة الشيخ على وجه الخصوص برغم أننى أقدر علمه، فهل لأن عينى ألفت هذه الصور لأهل الفن فقط؟ أم أننى أرى أنه لا داعى أن يصور لنا الشيخ شكله فيكفى علمه المنسوب لشخصه المقترن باسمه، ولا حاجة أبدًا لأن نتحقق من درجة وسامته، لكنى عزمت حضور الندوة فى قرارة نفسى، وأكملت مسيرتى لأجد أصحاب العروض الإلكترونية ل(للاب توب) وخلافه ينادون المارة وهذا الأسلوب لا يعجبنى على الإطلاق، فيجعلك تبذل مجهود فى السماع ثم الرد بالاعتذار عادة وإن نسيت شيئاً ورجعت مرة ثانية ستقوم بأداء نفس المشهد لأنهم بالقطع سينسون شكلك، ثم مررت بمكتبة الأسرة لأكمل رحلة الشراء الهيستيرية ولكن بنهم هذه المرة لأننى مطمئنة للأسعار فأستطيع أن أشترى خمسة كتب وفى النهاية أدفع تسع أو عشر جنيهات مثلاً، ومن ضمن اختياراتى كتاب دور مصر الإقليمى، تسوية الصراع العربى الإسرائيلى، ورواية حافة الليل لأمين ريان، ورواية محب لعبد الفتاح الجمل، والكثير والكثير. أخيرًا وقد ثقل حمل الكتب على يدى علاوة على زجاجة المياه التى أشرب منها لأنى كثيرة العطش، تذكرت الأعلى مبيعات فذهبت على الفور لأمسك بكتاب "اعمل عبيط"! أتفحصه وجدتنى أرفض العنوان جملة وتفصيلاً ولن أنفذ الطلب لأنى الطبع لا أحب أن أبدو عبيطة، وإن كنت بالفعل فى بعض الأحيان، لكن باحتيال الآخرين، ولأن العنوان لا يتفق مع أفكارى وتوجهاتى فقد حكمت أن مضمون الكتاب سيكون كذلك هو الآخر، إلى جانبه كتاب "ربع جرام" فقد أعجبنى كثيرًا حينما قرأته منذ عامين، و"كلام أبيح"! وجدتنى لا أحتاج كتاب لأعرف الكلام الأبيح لأن المتطوعين فى هذا العلم كثر وشهادة حق لم يبخلوا علينا بأى معلومة، ورغم ذلك سولت لى نفسى وقررت أن اشترى كتابى "اعمل عبيط"، و"كلام أبيح"، وسألت على سعرهما وإذا بى أجد حافظتى فارغة تمامًا من النقود بعد رحلة الغرق بين الكتب، ظننت أن قد يوجد مبلغ منسى فى جيبى، طيب جيب الحقيبة؟! قضى الأمر! ونسيت موضوع الكتب وتذكرت أننى لابد وأن (أرَّوح) أرجع بيتى، لا مفر من الاستعانة بصديق قريب من المعرض، اتصلت بالفعل بأحد أصدقائى وجدته بالقاهرة ووعدنى بأن يرسل لى آخر، لكن هذا الآخر فى عمله الآن، اتصلت بأحد أفراد عائلتى ليصطحبنى بالسيارة إلى بيتى، فكان على أن أنتظر ساعة على أقل تقدير إلى أن يحضر، فوجدت لقاء مع الفنان عمرو فهمى حول فن الكاريكاتير ويدير الندوة الصديق العزيز عمرو شلبى، استمتعت جدًا بحضور هذه الندوة كانت منظمة، وخفة ظل العمرين أضفت عليها روح المرح والدعابة.