شئنا أم أبينا، وافقنا أم رفضنا، ثمة قطاع كبير من الشباب طاقاتهم مهدرة، لا هم لهم فى الحياة إلا «المزاج»، يتعاطون الحشيش، ويدخنون القنب الهندى بأساليب مختلفة، لا نذكرها حتى لا نقدم للقارئ معلومات قد تدفعه لتجربة لا تحمد عقباها، هذا إن كان لا يعلم، مع الشك فى أن أحدًا فى مصر لا يعلم أصول اللف وكيفية التكريس وتقضية المصلحة، خصوصًا فى الأعياد والمناسبات التى حولناها بقدرة قادر إلى مسار بعيد تمامًا عن مسارها. على أن «السكوت عن أشياء إن تبدو لنا تسوءنا» لا يعنى التغاضى عنها، أو دفن الرأس فى الرمال حتى لا نراها، وعبر السطور التالية، نسمع إلى شاب عشرينى له مع «الحشيش» حكايات وروايات، نسمعها منه لا لشىء إلا لمحاولة الدخول إلى دماغ محشش معاصر، لنعرف كيف يفكر بالمقارنة مع الحشاشين العواجيز الذين عاصروا أيام الرخص والصهللة وحفلات الست فى أول خميس من كل شهر، عندما كان الأغلبية يربطون بين سماع أغانيها والدخان الأزرق. يقول «عزت. أ»: قبل أن يلومنى المجتمع على تدخين الحشيش، عليه أن يتقبل حكمى عليه بأنه مجتمع ظالم، يحرمنى من كل حقوقى، وعلى رأسها حقى فى العمل والعيش الكريم، وحقى فى شارع نظيف، وحقى فى مواصلات آدمية. ويمضى الشاب مبررًا إقباله على المخدرات: «يقال إن الشباب فاسدون، ولا يريدون المساهمة فى بناء البلد، دعنى أقول إن هذا الوطن يأكل عياله، وطن العواجيز أعمارًا وأفكارًا.. إذن فليكن الحشيش حتى نرتاح ويرتاح الناس منا.. ندخل شرنقة أفكارنا وأحلامنا، نغيب فى دوائر الدخان، يتسلل الخدر إلى رؤوسنا.. عندئذ لا نرى واقعنا البائس». أنت بتشرب حشيش من إمتى؟ - أنا بأشرب حشيش من حوالى 3 سنين من بعد التخرج، وكنت رافض الفكرة لكن عشان مفيش شغل والحياة ملل اتجهت للحشيش، عشان بقا أسلوب الحياة، وكل الشباب بيشربوه. إزاى حكايتك بدأت مع الحشيش؟ - أصحابى هما اللى علمونى الحشيش لأننا دايما مع بعض، وهما بيشربوا من أيام الجامعة، وكل يوم سهران معاهم فى الشارع والقهوة، وكنت زهقان فى يوم، وطلبت منهم أشرب معاهم، وشربت أول سيجارة. إيه تأثير أول مرة تدخن الحشيش عليك؟ هى كانت سيجارة، وكنت فعلا بأموت، وحسيت إحساس غريب جدًا وزغللة، و دماغى كانت تقيلة، وصممت أشرب معاهم بعدها بيومين أول ما شوفتهم عشان أثبت إنى كنت متضايق بسبب مشاكل فى البيت عشان الشغل. كملت إزاى وليه مع الحشيش؟ اتعودت عليه عشان الصحبة كل ليلة بنتجمع، وكنت شايف دمهم خفيف ونفضل نهزر بكلام لذيذ، وكمان الحشيش لغة تفاهم بينا، وباشرب معاهم فى السهرة وساعات باشرب لوحدى لو استنيت فى البيت بأضرب سيجارتين مع نفسى، وبدأت أشترى وأحب الحوار ونتجمع فى أفراح أصحابنا. الفرق بين حشيش زمان ودلوقتى وبين «الشريبة أصحاب الكيف»؟ بيقولوا إن الحشيش زمان كان أصلى، بس دلوقتى متوفر فى كل منطقة بس «فستك» ومضروب ومخلوط برشام ومش طبيعى زى زيت زمان، وفيه أنواع كتيرة السبعات والتلاتات وبسكوتة والدخانة الطرية والناشفة، ودلوقتى الصحبة والمعرفة كلها «طيارى» على السريع ماشية برتم الزمن والحياة، النهاردة مع أصحابى هنا، وبكرة مع ناس غيرهم فى مكان تانى. إيه الفرق بين أسلوب الشرب زمان ودلوقتى؟ الحشيش زمان كان قعدة وصحبة ودلوقتى بنشرب فى الشارع أو القهوة أو أى مكان وأى وقت، فى العربية، وسيجارتين على السريع «تيك أواى» والاصطباحة بقت أساسية وعلى الريق حتى لو مع نفسى وطريقة الشرب اتغيرت كتير، وأصبح فيه أساليب كتير للشرب فى الكوباية أو الكانشة أو السماسين والمعالق والمعسل البشواتى «شيشة»، وبصراحة بنعمل دماغ رايقة عشان نتكيف ونقدر ننتعامل مع البشر. بتشترى حشيش بكام فى الشهر وإزاى ومنين؟ - الحشيش تمنه غالى دلوقتى، الصباع الواحد بيعدى 100 جنيه وبنعمله 7 سجاير فى السريع، وأنا بأعمل جمعية مع أصحابى كل واحد بيدفع 20 أو 30 جنيه حسب العدد والطلب، أو باشترى لوحدى أحيانًا حوالى 6 مرات فى الشهر حوالى 350 جنيه مثلا فى الشهر حسب الماديات، والحشيش متوفر فى كل منطقة وفيه دولايب فى كل حتة فى مصر والتاجر اللى بيروح أو يتحبس بيبيع مكانه عشرة. أصعب موقف حصلك أنت وأصحابك؟ - واحد صاحبنا قال إنه معزوم فى فرح فى الأرياف، وروحنا معه عشان نعمل واجب، وكانت بعد الثورة يناير، وكان الأهالى عاملين لجان شعيبة فى مدخل البلد اللى كنا رايحنها وشربنا سيجارتين فى العربية، وأول ما وصلنا القرية بالليل متأخر الناس شكت فينا، وصاحبنا اللى عزمنا فى الفرح مش عارف ولا فاكر اسم العريس، وقلنا رايحين فرح هنا، وسألونا بتاع مين، ومش عارفين نرد عليهم والموضوع اتطور وكانوا هيسلمونا للشرطة لولا تدخل أحد أهالى القرية.