كن سلبيا تكن أسعد الناس

بالرغم أننى قررت الابتعاد عن المقالات ذات الطابع السياسى إلا أن "ذلك الخبر" لم يترك لى فرصة للاختيار.. فلقد أعلن مسئولا فى لبنان عن نيته برفع دعوى قضائية ضد العدو الصهيونى إسرائيل.. ليس ذلك فحسب بل وسيعقد مؤتمرا صحفيا فى حضور لفيف من الصحفيين اللبنانيين والعرب بل وعددا ضخما من الفنانين والفنانات من المحيط إلى لخليج من أجل رفع سلم التصعيد ضد إسرائيل لأقصى درجة..
هنا فرجت أسارير وجهى وشعرت وكأن هناك من يقذفنى إلى السماء وقلت قد تكون تلك بداية التوحد العربى "العملى".. وبدأت وأنا مبهج النفس أبحث عن سبب تلك الدعوى القضائية والسبب وراء كل ذلك.. فقلت قد تكون تلك الدعوى سببها الأنفاق الإسرائيلية تحت المسجد الأقصى والبحث عن الهيكل المزعوم.. فقالوا لى:(أنفاق ايه لا سمح الله انت هتخرف.. ) قلت إذن من أجل صد الزحف الإسرائيلى باتجاه الأراضى الفلسطينية ومحاولة لوقف الاستيطان فقالو لى( أنت إنسان سطحى وساذج..) قلت إذن على خلفية فشل محاولة اغتيال مفتى الديار اللبنانية فقالوا ( أنت إنسان تافه جدا.. اغتيال ايه بس ايه التفاهة ده).. فقلت إذن فلماذا تلك الدعوى القضائية وذلك التوحد العربى الفريد؟ .. أجيبونى يا أهل الفن والثقافة والذوق والأدب.. أجيبونى عافاكم الله
إلا أن الخبر لم يمض عليه كثيرا حتى استبان السبب ليزيد بعده كل العجب..
لقد كانت تلك الدعوى القضائية سببها..(والله مكسوف أقلها)..قرص طعمية!..أى والله قرص طعمية
لقد أفاد الخبر أن مسئولا فى الحكومة اللبنانية سيرفع دعوى قضائية ضد إسرائيل بسبب مشاركة إسرائيل فى مسابقة نيو جيرسى الأمريكية المعنية بالغذاء وحصول إسرائيل على جائزة دولية فى "الطعمية".. مما أثار حفيظة ذلك المسئول وقال:
إن الفلافل (أو الطعمية).. أصلها لبنانى وأن إسرائيل سرقت قرص الطعمية منهم وهذه ليست الأولى من نوعها فلقد سبق لإسرائيل سرقة الحمص والتبولة من قبل.. انتهى الخبر
لو كان اللطم مباحا فى ديننا للطمت بدل اللطمة عشرة.. هل وصلت بنا التفاهة واللامسئولية أن نقيم دعوى قضائية ضد إسرائيل من أجل قرص طعمية؟.. أتركتم أمر الأقصى والاستيطان الإسرائيلى لتنشغلوا بأمر قرص طعمية.. كل هذه الضجة من أجل حصول إسرائيل على جائزة لا تغنى ولا تسمن من جوع.. ألم يكن من الأولى أن يكون ذلك التوحد العربى على أمر ذات قدر.. ألا يوجد شيء نفعله حتى نرفع دعوى قضائية من أجل استعادة "القرص".. إن ذلك الخبر خير صورة تعبر عن واقعنا العربى الأليم الذى وصل به الأمر إلى قرص طعمية.
كان يفترض أن يتم نشر أولى مقالات "العالم السرى للشباب".. والتى أتحدث فيها عن المشاكل التى تواجهنا كشباب فى ذلك العصر.. لكن كما قلت مسبقا الخبر "المستفز".. لم يترك لى خيارا
آخر.
لكن أعتقد أن فى مثل تلك المواقف يتوجب علينا الالتزام بمبدأ.. كن سلبيا تكن أسعد الناس
لكن السؤال "اللولبى" الذى يؤرقنى صراحة حتى هذه اللحظة..(بما أنها تفاهة بتفاهة).. هل لبنان هى أول من اخترع الطعمية أم نحن المصريين؟
.. وإلى أن يتم سرقة الفول ويتم قبول الدعوى القضائية اللبنانية نلتقى بعدها بإذن الله.
طالب فى كلية طب جامعة القاهرة