جاءت استضافة الصين لاجتماعات قادة الأبيك لعام 2014، والتى عقدت تحت عنوان "صياغة المستقبل عبر شراكة آسيا والمحيط الهادئ"، رغبة منها فى دفع عملية إقامة منطقة للتجارة الحرة لآسيا- الباسيفيك التى تستهدف تقوية التكامل الإقليمى وتحديد الأهداف التنموية طويلة الأمد. وبالرغم من كل الخلافات والتنافسات بين دول "الأبيك" فإن الرغبة فى تحقيق أكبر قدر ممكن من المصالح الاقتصادية هو ما دعا الجميع للجلوس معا وإصدار وثيقتين هامتين هما "منهاج بكين" وهو إعلان قادة أبيك لبناء منطقة آسيا- المحيط الهادئ المتميزة بالاندماج والابتكار والترابط ، و"بيان الذكرى ال25 لتأسيس أبيك لإقامة علاقة الشراكة الموجهة نحو المستقبل فى منطقة آسيا – الباسيفيك". ووصف الرئيس الصينى شى جين بينغ فى مؤتمر صحفى عقد عقب اختتام الاجتماع ال22 للقادة الاقتصاديين لمنتدى التعاون الاقتصادى لمنطقة آسيا- الباسيفيك فى بكين الأسبوع الماضى موافقة الأعضاء بالأبيك على خارطة طريق لتعزيز عملية إقامة منطقة للتجارة الحرة لآسيا- الباسيفيك بالخطوة التاريخية اتخذناها فى اتجاه إقامة منطقة للتجارة الحرة لآسيا- الباسيفيك. ويرى المحللون هنا أنه من المتوقع أن تصبح منطقة التجارة الحرة لآسيا- الباسيفيك إذا ما اكتملت، نموذجا لتجارة حرة عالمية يمكنها تغيير المشهد الاقتصادى ليس لمنطقة آسيا- الباسيفيك فحسب وإنما للعالم أيضا حيث أنها من المنتظر أن تضيف ما يقدر ب2.4 تريليون دولار من ناتجها للاقتصاد العالمى. وبالرغم من أن اجتماعات الأبيك تركزت على الاقتصاد فإن التحديات الأخرى- كما ذكر المحللون- لم تغب عن أذهان الجميع فقد أكد قادة أبيك خلال اجتماعاتهم ببكين أنهم عازمون على العمل معا لمكافحة وباء الإيبولا المتفشى وسيقومون بجهود مشتركة لمساعدة الدول الإفريقية على أن تصبح أكثر قدرة على التعامل بفاعلية مع الوباء والسيطرة عليه وقدموا وعودا بدعم الدور القيادى الذى تلعبه الأممالمتحدة فى مساعدة إفريقيا على محاربة تفشى هذا المرض. وشهدت القمة أيضا التوصل إلى تفاهم حول خفض الرسوم الجمركية على مجموعة كبيرة من المنتجات التكنولوجية كما تقرر إقامة شبكة لمكافحة الفساد وتطبيق القانون عبر الحدود حيث أتفق على إقامة آلية لتبادل المعلومات والتحقيق فى قضايا الفساد والرشوة وغسل الأموال والجرائم التجارية. ولم يكن الحديث عن الإرهاب غائبا عن هذه القمة حيث حث الرئيس الأمريكى باراك أوباما فى حديث له فى بكين على ضرورة التعاون مع بلاده فى محاربة الإرهاب الدولى.. وأكد ضرورة التعاون من أجل وقف تدفق المقاتلين الإرهابيين الأجانب وملاحقة شبكات تمويل الإرهاب. الجدير بالذكر أن منتدى أبيك تأسس عام 1989 بدعوة من أستراليا وعقد أول اجتماع قمة فى كانبيرا حيث تم الاتفاق على تكوين أبيك لتكون نقطة التقاء بين اقتصادات آسيا والمحيط الهادئ والاتفاق على سياسة الانفتاح وتحرير الاقتصاد فى الدول الأعضاء. وقد تكونت المنظمة التى تتخذ من سنغافورة مقرا لها فى البداية من 12 دولة هى أستراليا ونيوزيلاندا والولايات المتحدة الأميركية وكندا واليابان وكوريا الجنوبية وبروناى والفلبين وإندونيسيا وماليزيا وسنغافورة وتايلاند ثم انضمت إليها كل من الصين وهونغ كونغ وتايوان والمكسيك وغينيا الجديدة وشيلى. وفى عام 1998 اتسعت المنظمة أكثر بانضمام كل من روسيا وبيرو وفيتنام لتجمع فى عضويتها أكثر من نصف سكان العالم. وتهدف المنظمة إلى الحفاظ على مستوى نمو المنطقة والمساهمة فى النمو العالمى ودعم التجارة المتعددة الأطراف بالإضافة إلى إزالة الموانع على حركة رأس المال والبضائع بين الدول الأعضاء. المعروف أن المنظمة ليست تكتلا اقتصاديا فليست لديها قرارات ملزمة ولا اتفاقيات رسمية بين أعضائها وتناقش فى اجتماعاتها السياسات وتتخذ إجراءات للعمل على تطوير وتحرير الاقتصاد وإجراءات بالموافقة لكنها ليست ملزمة رسميا للأعضاء. الجدير بالذكر أن حجم التجارة الخارجية الحالى للأعضاء فى أبيك يحتل ثمانية وأربعين بالمائة من حجم التجارة العالمية بينما يحتل حجمها الاقتصادى سبعة وخمسين بالمائة من حجمه العالمى.