فى العالم المملوءِ أخطاءَ مطالبٌ وحدكَ ألا تخطئا هذه الجملة "الحكيمة" التى تجعلك فى مواجهة العالم المعروف بقسوته وجبروته وقوانينه الخاصة القائمة على أساس أن الأصل فيها هو "الخطأ" هى افتتاحية قصيدة مرثية لاعب سيرك من ديوان "مرثية للعمر الجميل" للشاعر الكبير أحمد عبد المعطى حجازى. وديوان "مرثية للعمر الجميل" نشره "حجازى" 1972، ولهذا التاريخ دلالة مهمة، إنها سنوات الغموض التى عاشها الشعب المصرى بعد نكسة 1967 وقبل نصر 1973، حينها لم يكن يبدو على الرئيس السادات أنه يستعد لحرب تحرير، وبدأ فى تغيير معالم ما تركه الزعيم جمال عبد الناصر لحد وصل لدرجة التشويه كما يرى الناصريون ومحبو ناصر، حينها قدم عبد المعطى حجازى ديوانه "مرثية للعمر الجميل" وكان الديوان يتحرك بكل أريحية ناحية "اليأس". فى هذا الديوان يرى "عبد المعطى حجازى" كل شىء لدرجة أنه يحتوى قصيدة تحت عنوان عبد الناصر"3" تاريخ كتابتها 1965، أى فى زمن عبد الناصر، لكنها قصيدة ممتلئة بالحزن والرثاء المختلط بالحب، فى الديوان أيضا هناك ثلاث قصائد عناوينها تحمل كلمة "مرثية" هى: مرثية لاعب سيرك، مرثية للحلم الجميل، ومرثية لأنطاكية" بالإضافة إلى بكائية لبلاد النوبة، وقصيدة السفر التى هى مرثية لوحيد النقاش. أما قصيدة "مرثية لاعب سيرك" فقد أشار "حجازى" إلى أنه كتبها 1966، أى ما يسبق النكسة بعام وهى تكشف قدرة الشعر على قراءة الواقع وقراءة الشواهد التى تراها لائحة فى الأفق، ربما يخاطب هو الزعيم يريد أن يقول له لحظة الخطأ قائمة تأتى فى أى لحظة: فى أى ليلةٍ تُرى يقبعُ ذلك الخطأْ؟ فى هذه الليلةِ! أو فى غيرها من الليالْ! حين يفيضُ فى مصابيح المكانِ نورُها وتنطفىءْ ويسحبُ الناسُ صياحَهم، على مَقْدَمِكَ المفروشِ أضواءَ! وجاءت لحظة الخطأ فى العام 1967، وكأن "ناصر هو لاعب السيرك الذى يسير على حبل رفيع، كان يسير متوازنا ، هكذا هيئ له، لكن الشاعر كان يرى الثغرة، كان يشاهد الارتخاء الذى سيصيب الحبل، ويرى الوهن الذى بدا ظاهرا على يدى اللاعب، والأصعب أنه كان يرى حال الشعب/ الجمهور: فيجمد الرعب على الوجوه لذة وإشفاقا وإصغاء هكذا كان حال الشعب بعد السقوط المدوى؛ الانقسام بين: الإشفاق على الوطن الجريح والإضغاء للزعيم الحزين، ولم يعدم وجود شامتين مستعدين لبيع الوطن والمتاجرة بأزمته.