عقارب الساعة تشير إلى الحادية عشرة مساء، (خالد) ينهى عمله فى المكتب كل يوم فى هذا التوقيت. أشتاق لرؤيته حتى وأنا بين يديه. أمى لا تشعر بما يحمله قلبى لخالد، لا تفهم!! لغه واحدة تقرؤها أمى، تحفظها عن ظهر قلب، لا يكفى مداد كل الأقلام لكتابتها، خاصة إذا تجاوزت طموحاتها عشرات الأصفار يمينا.. (ربنا يجعلنا من أهل اليمين) هذه هى القاعدة الاولى التى تربيت عليها، خالد لا يملك ولا حتى صفرين على بعض. انطفأت كل أحلامى برفض أمى الزواج من خالد، تحولت الألوان إلى اللون الأسود أضربت عن الطعام فلم تفلح حيلتى وتركتنى حتى أوشكت على الموت، التهمت علبة كاملة من المهدئات فأنقذتنى فى آخر لحظة بعد أن جرجرتنى إلى أقرب مستشفى لأتجرع جالونا من الماء المذاب بالملح ليفرغ ما فى بطنى وأخرج من المستشفى زى الحصان لأتلقى عقابى من أمى، سأتزوج من صفوت بيه عمره يتجاوز الخمسين بقليل كرشه يغنى عنه موافقتى لا تقدم ولا تؤخر. أمى قالت نعم، قررت الاعتراف لصفوت خطيبى بأننى على علاقة برجل غيره فلم يهتم، ادعيت أننى لست بعذراء. فابتسم ابتسامة صفراء وكأن الأمر لا يعنيه. لا أعرف ماذا قالت له أمى؟ لكننى أشعر ببرودته تسرى فى أطراف جسدى تمزق آدميتى تلف مشاعرى البكر بغلاف سميك من البلادة، معه أشعر أن دمى تجمد، قلبى بلا شرايين.. لزوجة ابتسامته تفترس ما تبقى من روحى البريئة، كلما تخيلت أنه سيجمعنا فراش واحد أنتفض.. حاولت الاتصال بحبيبى كثيراً لكن رقمه تغير، أرسلت له مع صديقة لى خطابا يستحلفه أن ينتشلنى ويعيد روحى إلى صدرى فجاءنى رده: لامفر من الهرب، سأنتظرك غداً نتزوج ونسافر بعيداً عن بطش أمك وسطوة صفوت بيه.. بت أحلم بمرور الساعات حتى تصل ساعة حريتى.. رسمت السعادة حروفها على وجهى فعدت أنا صفية أجمل فتيات الحى.. اليوم آخر أيام سجنى، سأعلق مشنقة لكل من يقف فى طريقى، سأشهر سكيناً لمن تسول له نفسه أن يحرمنى حقى فى الحب والزواج حتى ولو كانت أمى؟!. انتظرت منتصف الليل لأتأكد من نوم كل من فى البيت، أبوابه شبابيكه، حوائطه، أشعر أن أمى قد جندت كل أركان البيت لمراقبتى، لكننى سأهرب مهما حدث.. تليفونى المحمول يهتز فى جيبى، جعلته صامتا حتى لا يخترق صوته أذنها المهووسة بالتنصت علىّ، إنه خالد يستعجلنى للرحيل، لملمت ما تبقى من حاجاتى، لم أنس دميتى، أول هدية قدمها لى خالد فى عيد ميلادى منذ عامين.. خطوات وأصبح خارج سجنى إلى الأبد، لن تعرف عنى شيئاً، ستذرف الدمع هى وصفوت بيه بحثا عنى أتخيلها، وقد ازداد سواد بشرتها الخمرية وجحظت عيناها بعد علمها برحيلى، أتحسس بأطراف أصابعى الأرض لكن قدرى أظهر عفريتى يمسك بتلابيب ملابسى، يشدنى من شعرى، يطرحنى أرضا، تضربنى بكل قوتها، لا تنتظر ردى. أفلتّ نفسى منها، انتفضت جريا فى أنحاء البيت، لا أعرف ما دفعنى لدخول المطبخ، شددت سكينا، وجدتها خلفى، تريد استكمال ما بدأته لكنى سأسكت صراخها إلى الأبد، غسلت جبروتها بدماء قلبها الذى أغرق كل مكان.