بعد فشل "الإسكتلنديين" مؤخرا الانفصال عن المملكة المتحدة البريطانية مؤخرا، يسعى "الكتالونيون" للانفصال عن إسبانيا وإقامة دولتهم الجديدة، حيث وقع رئيس كتالونيا آرتور ماس، على مرسوم يدعو إلى إجراء استفتاء على الاستقلال فى 9 نوفمبر، وذلك على الرغم من تأكيد الحكومة الإسبانية أن التصويت انتهاك للدستور، مما جعلها تتعهد بإعاقته من خلال اللجوء للقضاء. وتسعى كتالونيا إلى الاستفتاء على الاستقلال، على غرار التصويت الذى جرى فى إسكتلندا الخميس قبل الماضى، وتقع كتالونيا فى شمال شرق إسبانيا، وتتمتع بحكم ذاتى، كما أن لها لغة وثقافة خاصة، وتشهد منذ فترة طويلة حركة منادية بالاستقلال. وبدأ استياء الكتالونيين فى الآونة الأخيرة مع الخصومات الضريبية المتأرجحة التى كانت حكومة ماريانو راخوى، تفرضها عليهم، وهى تعمل على تطبيق إجراءات التقشف التى طالب الاتحاد الأوروبى الحكومات الأوروبية باتخاذها، ما أدى إلى تعزيز النزعة الانفصالية لدى اليمينيين واليساريين، وقد عبر 57% من سكان الإقليم عن دعمهم للاستقلال التام عن إسبانيا. وحصل إقليم كتالونيا على الحكم الذاتى عام 1931 خلال الجمهورية الثانية الإسبانية، وقد تميزت هذه الفترة بالاضطرابات السياسية ثم علق العمل به بعد تسلم الجنرال "فرانسيسكو فرانكو" الحكم فى عام 1936 وحتى وفاته عام 1975. قمع نظام فرانسيسكو أى نوع من أنواع الأنشطة العامة المرتبطة بالقومية الكتالونية، والأناركية، والاشتراكية، والشيوعية أو حتى الديمقراطية، بما فى ذلك نشر الكتب عن هذه المواضيع أو ببساطة مناقشتها فى جلسات مفتوحة. وكجزء من هذا القمع، تم حظر استخدام اللغة "الكتالونية" فى المؤسسات التى تديرها الحكومة وخلال المناسبات العامة، كما أن رئيس كتالونيا تعرض للتعذيب فى ذلك الوقت، وأعدم لجريمة "التمرد العسكرى" من قبل نظام فرانكو. وأعيد العمل بقانون الحكم الذاتى فى كتالونيا فى عام 1979، وبعد الانقلاب العسكرى فى 1981 أقرت الحكومة بوجود 17 إقليما مع خصوصية لإقليمى الباسك ونافارا فى تحصيل ضرائبهما، واستثناء كتالونيا من هذا الحق. ويعود العداء بين كتالونيا وإسبانيا لفترة طويلة، حيث إن الكتالونيين استمروا فى نضالهم ضد الجنرال فرانسيسكو فرانكو منذ عام 1936 حتى عام 1975، ومنذ ذلك الحين، ازدهرت كتالونيا فى كل شىء، وأصبحت المنطقة الاقتصادية الرائدة فى إسبانيا مع ما يقرب من 20٪ من الناتج القومى الإجمالى لهذه المنطقة التى تشكل 6٪ فقط من مساحة اليابسة فى اسبانيا و15٪ من السكان. وأدى سوء الحالة الاقتصادية فى إسبانيا واستغلال الإقليم اقتصاديا إلى تعميق الأزمة، فسكان كتالونيا يشعرون بالإحباط، فهم يؤكدون أن كتالونيا تقوم بتحويل 20 مليار يورو إلى الحكومة المركزية، وأن هذه التحويلات أدت إلى إفلاس المنطقة ما أجبر حكومة كتالونيا على وضع خطة إنقاذ ففرضت سياسة تقشف، وهذا ما أدى إلى تدنى فى الرعاية الصحية، والتعليم، وغيرها من الخدمات. ويعتقد الكتالونيون المطالبون بالاستقلال أن كتالونيا هى أمة لديها تاريخ ولغة وثقافة، وقد أسهم اضطهاد الجنرال فرانكو لشعب كتالونيا فى بداية القرن العشرين بزيادة النزعة الانفصالية لشعب لهذا الإقليم، حيث يرى الكتالونيون أن اقتصاد كتالونيا تضرر كثيرا بسبب سياسات الحكومة الإسبانية، حيث إن هذه الأخيرة فرضت ضريبة تقدر ب10٪ من الناتج المحلى الإجمالى لتصل إلى 20 مليار يورو فى المقابل ليست هناك استثمارات أو خدمات اجتماعية توازى هذه الضريبة الباهظة، كما هناك عجز فى الاستثمار فى البنية التحتية، لأن الحكومة الإسبانية لا تريد أن تكون برشلونة أفضل من مدريد. ويعتقد رئيس مركز الدراسات الاقتصادية فى معهد الحركات الاجتماعية والعولمة، فاسيلى كولتاشوف، أن الانفصال هو جزء من الأزمة العامة فى الاتحاد الأوروبى، مضيفا "فى الواقع، سياسة كتالونيا هى سياسة مساوية لألمانيا، فألمانيا لا تريد المشاركة فى التعامل مع الصعوبات الاقتصادية. بفرلين تقول إنه من الضرورى إيجاد وسيلة لتحقيق الاستقرار المالى، مما اضطر البلدان إلى تنفيذ سياسات تضر اقتصاداتها الوطنية، هذا هو ما نراه فى اليونان والبرتغال وإسبانيا وإيطاليا. ونتيجة لهذه الأحداث بدأت كتالونيا فى البحث عن الاستقلال". وفى نهاية سبتمبر صوت إقليم كتالونيا لصالح إجراء استفتاء الاستقلال، وقد طالب آرتور ماس بنظام ضرائبى مستقل عن إسبانيا إلا أن رئيس الحكومة الإسبانية ماريانو راخوى رفض ذلك بحجة أنه يتناقض مع الدستور، وصوت البرلمان الإسبانى فى 9 أكتوبر لمنع كتالونيا من إجراء استفتاء على الاستقلال واستطاع القوميون الكتالونيون، برئاسة ماس، الذى يدعو إلى جعل إقليم كتالونيا "دولة ذات سيادة الفوز دون تحقيق الأكثرية المطلقة. وفجر جوردى ترياس، عمدة مدينة برشلونة مفاجأة من العيار الثقيل جدا عندما قال إن برشلونة قد ينتقل للمنافسة فى الدورى الفرنسى فى حالة انفصال إقليم كتالونيا عن إسبانيا". أما راخوى فقد أكد بشكل قاطع بعد توقيع المرسوم أن الاستفتاء لن يجرى. وقالت نائبة رئيس الحكومة، ثوريا ساينس دى سانتا ماريا، للصحفيين "هذا الاستفتاء لن يجرى لأنه مخالف للدستور"، وأضافت "الإسبان جميعهم يقررون ما هى إسبانيا وكيفية تنظيمها، وما من أحد فوق الإرادة السيادية لشعب إسبانيا"، مضيفة "وفى حال أصرت كتالونيا على تنظيم الاستفتاء بعد صدور قرار عن المحكمة الدستورية، فإنها ستكون خرجت على القانون، ولكن أرتور ماس وعد بأنه لن يفعل ذلك. ولكن أكدت صحيفة "إيه بى سى" الإسبانية أن هناك 10 أسباب تدل على أن إقليم كتالونيا إسبانى ويصعب أن يستقل عن الدولة المركزية، وهذا الأسباب هى اللغة، والتاريخ المشترك، والمساهمة الإسبانية فى اقتصاد كتالونيا، والتجارة مع إسبانيا، والثقافة، والعلم، والعادات والتقاليد، والرياضة، وامتزاج السكان، والشرطة والحرس المدنى. وأوضحت أنه رغم أن الحركة الوطنية الكتالونية التى حكمت الإقليم خلال ثلاثة عقود حاولت تصوير كتالونيا وكأنها أرض لا ترتبط بعلاقات مشتركة مع سائر أقاليم إسبانيا، وأنها بعيدة كل البعد عن مقومات الهوية الإسبانية، إلا أن الروح الكتالونية فى الحقيقة روح إسبانية، حيث يكاد يكون من المستحيل اقتلاع جذور لغوية وتجارية وثقافية مشتركة ظلت قائمة طوال قرون. موضوعات متعلقة حكومة كتالونيا تحدد 9 نوفمبر موعدا للاستفتاء حول الانفصال عن أسبانيا