قال الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات، رئيس مجلس الوزراء وحاكم إمارة دبي، إن "الأزمات الاقتصادية التى يمر بها العالم بين فترة وأخرى، تظهر لنا، مدى الترابط المالى والتجارى بين مختلف دول العالم، وأظهرت لنا أزمة داعش، مدى الترابط الأمنى بين مختلف دول العالم". وأضاف، خلال مقال له بعنوان "داعش.. التى وحّدت العالم"، نشرته صحيفة "البيان" الإماراتية، الأحد: "لا يمكن لأى سياسى يعيش فى أوروبا أو أمريكا أو شرق آسيا أو حتى روسيا وأستراليا، أن يتجاهل ما يحدث فى منطقة الشرق الأوسط، فحتى لو كان بعيداً عن النيران، فستصله حرارتها، لأن الحدود الحقيقية بين دول العالم سقطت، والحواجز ألغيت، وإلا، كيف يمكن أن نفسر قدرة هذا التنظيم الذى لم يتعد عمره العشر سنوات، على استقطاب مقاتلين من 80 دولة حول العالم، وحشد أكثر من 30 ألف مقاتل مستعدين للموت ولارتكاب أبشع أنواع الفظائع والقتل الذى شهدها العالم فى العقود الأخيرة؟". ولفت إلى أن "إحدى حسنات داعش وإيجابياتها، أنها وحدت العالم، وجمعت الأضداد، وجعلت الجميع يضع خلافاته جانباً ليواجه هذا الخطر المتنامى بهذا الاستعجال الإيجابى"، متمنيا أن يستمر العالم بنفس الروح، وبنفس التصميم للتغلب على كافة التحديات المشتركة التى تواجه العالم. وتابع: لقد أثبتت داعش أن العالم أصبح اليوم أكثر عولمة من أى وقت مضىى، مشيرا أن "داعش منظمة إرهابية بربرية وحشية، لا تمثل الإسلام، ولا تمثل أيضاً الحد الأدنى من الإنسانية الحقيقية، ولكن التغلب على هذا التنظيم ليس بالسهولة التى يمكن أن يتوقعها الكثيرون". وأشار إلى أن "البنية العسكرية للتنظيم يمكن هزيمتها خلال الفترة القريبة القادمة بالإمكانات المتوفرة لدى التحالف الدولى الجديد، والإمارات ستكون جزءاً فاعلاً فى هذا التحالف، بالتعاون مع الدول التى يمكنها تحمل مسئوليات هذا الخطر الجديد. ولكن، ماذا عن البنية الفكرية لهذا التنظيم؟ لا يمكن فصل البنية العسكرية عن البنية الفكرية التى قام عليها هذا التنظيم، وأيضاً عن الظروف والبيئة التى تساعده دوماً على الظهور فى مناطق مختلفة من العالم". وشدد نائب رئيس دولة الإمارات، على أن "داعش ليست منظمة إرهابية فقط، بل هى فكرة خبيثة، ولا بد من مواجهة هذا بفكر مستنير، منفتح، يقبل الآخر ويتعايش معه، فكر مستنير من ديننا الإسلامى الحنيف الصحيح الذى يدعو للسلام، ويحرم الدماء، ويحفظ الأعراض، ويعمر الأرض، ويوجه طاقات الإنسان لعمل الخير ولمساعدة أخيه الإنسان". وأوضح أن "الشباب الانتحارى الساعى للموت بسبب إيمانه بفكرة خبيثة، لن يوقفه إلا فكرة أقوى منها ترشده لطريق الصواب، وتمنعه من الانتحار، وتقنعه بأن الله خلقنا لعمارة الأرض، وليس لدمارها، ولعلى هنا أن أشيد بتجربة إخوتنا فى المملكة العربية السعودية فى هذا المجال، وقدرتهم الكبيرة على تغيير قناعات الكثير من الشباب عبر مراكز المناصحة التى أنشأوها، ولعل المملكة بمفكريها وعلمائها، وما تمثله من مكانة روحية وفكرية لدى المسلمين، هى الأقدر والأجدر والأفضل لقيادة هذا التغيير الفكرى". وأشار إلى أن "هناك 200 مليون شاب فى منطقتنا، إما أن نغرس فيهم الأمل، ونوجه طاقاتهم لتغيير حياتهم وحياة من حولهم للأفضل، أو أن نتركهم للفراغ والبطالة والأفكار الخبيثة والمنظمات الإرهابية، مشددا على أن التطور الاقتصادى والتنموى وتوفير فرص العمل ورفع مستوى المعيشة، لا تترك أى مبرر أو معنى لقيام تنظيمات إرهابية قوية، حتى وإن تم تجنيد بعض الشباب هنا وهناك. واختتم مقاله: لا يوجد قوة أكبر من قوة الأمل بحياة ومستقبل أفضل.. قبل فترة، سألنى أحد المسؤولين العرب عن هدف دولة الإمارات من إطلاق أول مسبار عربى للمريخ وفائدته للمنطقة، قلت له، نريد أن نبعث برسالة أمل ل350 مليون عربى. نحن قادرون على استعادة مستقبلنا، ومسابقة العالم من حولنا، إذا أردنا ذلك".