يوم جاء (سيد) يخطبنى لم تسعنى الفرحة رقصت عيناى اهتز جسدى طرباً على وقع كلماته المرتبة المخلوطة بشقاوة متناهية اللذة، سنة كاملة انتظرت تلك اللحظات المؤثرة أراقب بياض أسنانه كلما انفرجت شفتيه ليهيل ابتسامته العذبة على، كل شىء فيه كما تصورته.. حذاؤه البنى اللميع بنطلونه الكحلى المفرود بعناية والجاكت البيج المبهج يتيح للقميص الأزرق المقلم أن يطل بوجهه فى مساحة ضيقة ما بين ضفتى الجاكت، يخلو جسده الممشوق من أى أثر لكرش ينغص هيئته السينمائية البديعية، كل شىء تم سريعاً، شهور معدودة وتزوجنا. كنت أصحو رغبة فى إطلالة وجهه المشرقة، طلاوة لسانه بكلمات لم تسمعها أذنى من قبل أنستنى وقع الكلام السيئ كيف يكون؟! عام مر كهبوب الرياح المتنسمة على شعر العذارى، فلا هو مل منى ولا أنا شعرت بعمرى يسرق الزمن منه سوى لحظات فى يوم عاد من عمله تملأ الأفكار رأسه، فتطفو على ملامحه آثار تلك الهواجس، لماذا لم ننجب حتى الآن؟ قلت فى صوت خفيض «أمر الله» لا أعرف لماذا شعرت بانقباضة روحى، وكأن أحدا قد شق صدرى بسكين كبير، لم أدر بنفسى إلا وأنا ممددة على سريرى، وسيد إلى جوارى، وقد امتلأت عينيه بحنية ممزوجة بخوف حقيقى، لم أتكلم ليلتها وقررت الذهاب للطبيب ليضع حدا لحيرتى ويمنحنى صك النجاة أو الغرق. حملت كلمات الطبيب الخنجر القاتل لكل أحلامى فى الأمومة إلى الأبد، عدت إلى البيت والحسرة تأكلنى، ولم أستطع مواجهة زوجى بالحقيقة وقررت أن أجعله يعيش الأمل فى الإنجاب منى، انتظرته حتى ذهب لعمله واستسلمت لطوفان بكائى عله يغسل المرارة التى امتلكت جسدى ولوثته. كنت بحاجة للبوح بسرى لأحد، فلم أجد إلا «هالة» الطفلة، كنت أثق فى ذكائها كثقتى فى حب سيد لى، شجعتنى بعدم الاعتراف لزوجى بأننى عاقر لأن طلاقى سيصبح أمراً لا مفر منه، لم أنم ليلتها بعد أن رسمت هالة الخطة، حاولت إبعاد تلك الخطة الشريرة عن خاطرى لكن كوابيس صوت سيد وهو يلقى على يمين الطلاق ويصفنى بالعاقر جعلتنى ابتلع كل شرور العالم، ولا تكون نهايتى هكذا، جرجرتنى هالة إلى مجهول لا أعرف نهايته بعد أن كذبت على زوجى أننى حامل فى شهرى الثالث، كم كانت سعادته لمحت فى عينيه لهفة متفجرة وشوقا لا نظير له انتظاراً لمولودنا القادم، تنكرت أنا وهالة فى زى سيدة منتقبة وذهبنا لمقابلة الست زكية، عملها الظاهرى فى أحد المستشفيات الحكومية، أما عملها الفعلى فهو التجارة، تبيع وتشترى كل شىء حتى البشر، الثمن عشرون ألف جنيه، عشرة مقدم والبقية عند الاستلام.. مرت الشهور ثقيلة حتى جاء يوم اللقاء، يومها أقنعت زوجى أننى سابقى عند أهلى حتى الولادة، فلم يمانع، قابلت زكية، سلمتها باقى المبلغ فسلمتنى ضنايا المزيف، نظرت لملامحه، مازال مغمض العين، أمه ماتت فور ولادته بثلاثة أيام، وأبوه مجهول، احتضنته وبكيت حسرة عليه وعلى نفسى، كلانا يحتاج إلى حضن الآخر، مشيت كثيراً وأنا أحمله أقبض عليه حتى لا يفر منى، كم أعجبنى استسلامه فى صدرى، وأنا أعبر الشارع أطاحت بنا سيارة مسرعة.. مات ولدى.