فى إطار سلسلة مناقشات الأعمال الإبداعية بمعرض الكتاب عقدت ندوةً لمناقشة رواية "ما وراء الفردوس" للكاتبة منصورة عز الدين، والصادرة عن دار العين، شارك فى المناقشة الناقد الدكتور حسين حمودة، والشاعر شعبان يوسف، والدكتور محمد بريرى، وأدار الندوة الدكتورة أمانى فؤاد. أشارت أمانى فؤاد إلى أن الكاتبة قد عبرت عن الشخصية المصرية المعاصرة من خلال فتاتين سلمى وجميلة، ووضعتهما فى منطقة غائمة وملتبسة، حتى أننا نشك فى بعض الفقرات أنهما شخصية واحدة، ووضعت لذلك بعض التقنيات مثل "لعبة الاسم أو الشكل وغيرها"، وضعتهما المؤلفة على طاولة التشريح الاجتماعى ومن خلالها عبرت عن عدد من القضايا التى تسهم فى تشكل هذه النماذج المتقوقعة فى مورثاتها، وما يتيحه ذلك من حضور للإرث الفلكولورى والأغانى الشعبية، وصيغ الإعلانات فى العصر الانفتاحى الذى تحكى عنه الرواية، كما عبرت الروائية عن الطبقة البرجوازية الصاعدة فى مجتمع القرية المصرية، وأضافت أمانى أن هناك قصا دائريا فى هذا النص، فالبداية التى تمثلت فى حرق صندوق والد سلمى هى نقطة النهائية نفسها، ولذلك دلالة على منتج الظرف الثقافى لهذا المجتمع ووقعهِ على الشخوص، وأكدت على أن النص قدم طقسا سحريا وغائما يقربنا من الطقس الثقافى الفرعونى، وتساءلت أمانى عدةَ أسئلة من قبيل: لماذا تلجأ الروائية إلى منطق الحلم؟، ولماذا تلجأ إلى السرد الدائرى؟، وقالت أمانى "إنه لما كانت الموروثات القديمة هى سلاسل وقيود التى لا تزال تتحكم فى الشخصية المصرية المعاصرة إنها بالطبع نتاج ظرف حضارى، يجعلنا نعود دائمًا إلى الوراء ويمنعنا من رؤية تمتد إلى المستقبل". وقال محمد بريرى إن هناك ظواهر نصية وسردية غنية بالرواية، ذات لغة رصينة لا تتفاصح، وأن هذا النص يحتمل القراءة الثانية والثالثة، وذلك للقفزات السردية بين الحاضر والماضى، كما يرى أيضًا أن عالم الرواية لا يمتد إلى المجتمع إلا بنوع من التعسف وتشكل الأحلام والحكايات والأوهام الشعبية واقع حقيقى مكمل للواقع الذى نعيشه بالفعل، واحتوى النص على مجموعة من الحكايات شبه الأسطورية مثل "حكاية لولا أخت ثرية وخالت سلمى" الشخصية المحورية للرواية. أما الشاعر شعبان يوسف فذكر أن هناك عددا من الأعمال الإبداعية الغنية التى تحتمل التأويل ما تكون قراءتها مثل اللوح التشكيلية، وأشار إلى أن الرواية تتمتع بلغة سهلة ورصينة، وذكر خلافًا لدكتور محمد بريرى أن هناك بعدًا أديديولوجيا للرواية يتحدد من خلال مجموعة من الإشارات، وذكر أن الكابتة أبدعت فى تعاملها مع تابوهين وهما الجنس والدين، بشكل غير صادم، واهتمامها برصد الجذور الطبقية فى المجتمع المحكى عنه، وأضاف أن الرواية تفتح مداخل كثيرة متعددة للقراءة مثل المدخل الاجتماعى والأسلوبى، والعلاقة الأبدية بين جدل الشرق والغرب. وقدم حسين حمودة فى كلمته قراءة بنيوية تفصيلة للرواية، ركز فيها على ست محاور رئيسية أولها غناء الرواية، وثانيها تعدد المنظور، وثالثها الحدود التى شكلت عالم الرواية من خلال تيمات الريف والمدينة وطبقات مجتمع القرية والنصارى والمسلمين، ورابعها فكرة التحول التى قدمتها الروائية فى ثنايا السرد من خلال بناء الشخوص والمكان، وخامسها تحولات الزمن داخل النص، وذكر حمودة أن هناك لعبا سرديا بالزمن على مستويات متعددة أضافت أبعادًا فنيه تعمق الرؤية بهذه الرواية، وكان آخر المحاور هى السرد أو الحكى بالرواية وفيها تحدث عن أن سرد الرواية يحتمل أن يكون الرواى أنثى أو راويا مفارقا.