التوحيد فى اللغة هو جعل الشىء واحدًا غير متعدد، وفى الدين هو اعتقاد أن الله عز وجل واحد فى ملكه وتدبيره لا شريك له، وأنه هو وحده المستحق للعبادة. والدين الإلهى وعقيدة التوحيد هما الأصل فى حياة البشر منذ خلق الله آدم وذريته وهذا خلاف ما تدعيه النظريات المادية والفلسفية التى تزعم أن البشرية فى أول أمرها كانت لا تعرف التوحيد وأن الناس كانوا يعبدون ما حولهم من مخلوقات. وهذا زعم خاطئ فالله سبحانه وتعالى خلق الناس حنفاء موحدين، وإنما عبدت الأوثان بعد أن كثر الخبث، وحاد أكثر البشر عن الله وشرعه القويم، فقد ثبت بالقرآن الكريم وصحيح السنة والآثار أن الله خلق الناس حنفاء موحدين مخلصين لله الدين، وفطرهم على التوحيد، وأن الشرك والضلال والانحراف إنما هو شىء طارئ حدث بعد أحقاب من الزمان، ولم تخل أمة ولا زمان طوال التاريخ البشرى من دين ورسل وأنبياء يدعون إلى التوحيد، ويحذرون من الشرك، قال تعالى " إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا ۚ وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ". كما ثبت فى صحيح السنة قوله صلى الله عليه وسلم فى الحديث القدسى يرويه عن ربه تبارك وتعالى، وفيه "خلقت عبادى حنفاء فاجتالتهم الشياطين" رواه مسلم. فالتوحيد والصلاح هما الأصل الذى كانت عليه البشر فى أول وجودها، وأن الشرك والفساد أمور طارئة بما كسبت أيدى الناس وأيضًا فى القرآن "وإذ أخذ ربك من بنى آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم الست بربكم قالوا بلى شهدنا" (الأعراف 172). ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية كان الناس بعد آدم وقبل نوح عليه السلام على التوحيد، كما كان أبوهم آدم حتى ابتدعوا الشرك وعبادة الأوثان، كما أن جميع الأديان السماوية يقولون أن الأصل فى الإنسان هو التوحيد. وللتوحيد ثلاثة أنواع: أولاً: توحيد الربوبية وهو أفراد الله بالخلق والملك والتدبير. ثانيًا: توحيد الإلوهية وهو إفراد الله بالعبادة. ثالثًا: توحيد الأسماء والصفات وهو إفراد الله بما سمى به نفسه وصف به نفسه فى كتاب أو على لسان رسوله. فيا أمه الإسلام أرجعوا إلى دينكم فهو الفطرة السليمة التى فطر الناس عليها، واعبدوه ولا تشركوا به.