ذكر الله تبارك و تعالى كلمة الإصلاح و نحوها فى القرآن مرات كثيرة جدًا ، و من أعظم المواطن التى ذكرت فيها تلك الكلمة قوله تعالى فى قصة نبى الله شعيب عليه السلام ((قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّى وَرَزَقَنِى مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا ۚ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَىٰ مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ ۚ إِنْ أُرِيدُ إِلاّ الإصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ ۚ وَمَا تَوْفِيقِى إِلاّ بِاللَّهِ ۚ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ))هود/88 فأول ما نادى به نبى الله شعيب طريقًا للإصلاح هو الإيمان بالله تعالى و توحيده و إفراده بالعبادة ، فبذلك يستقيم القلب على معانى إيمانية عظيمة من حسن التوكل و اليقين بالله و المحبة و الخوف و الرجاء و التوبة و الإنابة و الاستعانة بالله ، ثم ثنى نبى الله شعيب بالدعوة إلى ترك المعاصى و الذنوب المهلكات و خص دعوته بالتحذير من هذا الذنب الكبير و الداء العضال و المرض الفتاك الذى انتشر فى قومه ألا و هو الظلم بينهم بتطفيف الكيل و الميزان ، فقال تعالى ((وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا ۗ قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ ۖ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ ۖ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلاَ تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلاَ تُفْسِدُوا فِى الأْرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ )) الأعراف/85 ، و بين لهم أن فساد الأرض و هلاك الأمم إنما يكون بالشرك بالله و التجرؤ على محارم الله و محاربته بالذنوب و المعاصى . و قصة نبى الله شعيب عليه السلام و دعوته لإصلاح قومه فى القرآن تشتمل على ثلة من الدروس و العبر العظيمة تصلح بأن تكون نبراسا و أسوة للدعاة و المصلحين ... فتأملوا ! . قضية الإصلاح فى القرآن من أعظم الأمور التى اهتم بها نظرا لتأثيرها المباشر على حياة الناس و استقامة أمرهم فى دينهم و دنياهم فأول خطوات الإصلاح هو إصلاح العلاقة بين العبد و ربه ، و أول ذلك الإصلاح هو إصلاح العقيدة و توحيد القصد لله تبارك و تعالى بعبادته وحده لا شريك له و نبذ ما يُعبد من دونه من حجر أو وثن أو صنم أو قبر أو أى كائن تصرف له كل أو بعض العبادات القلبية من خوف و رجاء وتوكل و استعانة و استغاثة أو عبادات عملية كالذبح و النذر و الدعاء ، كما قال سبحانه ((وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِى كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ۖ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ ۚ فَسِيرُوا فِى الأْرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ )) النحل/36 ، و أى دعوة إصلاح لا تبدأ بالإيمان و التوحيد و عبادة الله تبارك و تعالى لا يمكن أن تستقيم ، و لو زهزهت لمدعى الإصلاح فى بداية الأمر فإن عاقبتها إلى بوار لأنها لم تنبن على أساس متين و أعمدة صلبة . صلاح الطنبولى [email protected]