مجلة كلية التجارة بجامعة حلوان ضمن أفضل المجلات العربية    13 نوفمبر 2025.. أسعار الذهب تصعد 90 جنيها وعيار 21 يسجل 5600 جينها    تركيا: قوة الاستقرار الدولية المزمعة في غزة يجب أن تضمن وقفاً دائماً لإطلاق النار    تأهل تاريخي ومنافس صلاح وبطل العالم.. أبرز 5 معلومات عن منتخب أوزبكستان قبل مواجهة مصر الودية    يوفنتوس يحدد 100 مليون يورو لبيع يلدز وسط اهتمام ريال مدريد وتشيلسي    التعليم: بدء التسجيل لامتحانات الطلاب المصريين في الخارج    بورفؤاد تدفع ب7 سيارات كسح لمواجهة أزمة غرق الشوارع بمياه الأمطار    خلال 24 ساعة.. تحرير 150 ألف مخالفة مرورية متنوعة    حسين فهمي يشارك في حلقة نقاشية عن "الترميم الرقمي" بمهرجان القاهرة السينمائي    الوزير: مصر مستعدة للتعاون مع الهند بمجالات الموانئ والنقل البحري والمناطق اللوجستية    اسعار الفراخ البيضا والبلدى اليوم الخميس 13نوفمبر 2025 فى بورصة الدواجن.    الأهلي يجهز محمد شريف لقيادة الهجوم أمام شبيبة القبائل    خبير لوائح يكشف سر لجوء اتحاد الكرة للجنة المسابقات لإصدار عقوبات السوبر    رونالدو يقود هجوم البرتغال أمام أيرلندا.. تشكيل المنتخب المتوقع في تصفيات كأس العالم    بشير التابعي: شكوى الزمالك ضد زيزو "شخصية".. وطاهر لا يستحق الانضمام للمنتخب    وزير المالية: النشاط الاقتصادي يسير فى اتجاه إيجابي.. والاستثمارات الخاصة تنمو بنسبة 73٪    الكهرباء: مستمرون في التنسيق مع البيئة لتنفيذ الاستراتيجية الوطنية للطاقة والتحول نحو الطاقات المتجددة    «التحديات النفسية والاجتماعية لظاهرة التنمر في ظل الرقمنة».. ندوة بآداب بنها    الاستعانة ب 12 سيارة لسحب تراكمات مياه الأمطار من شوارع بورسعيد    منخفض جوى يضرب لبنان اليوم والذروة غداً    ضبط 5 أشخاص أثناء التنقيب عن الآثار داخل عقار بالمطرية    الداخلية تلاحق مروجى السموم.. مقتل مسجلين وضبط أسلحة ومخدرات بالملايين    مئات الشاحنات تعبر رفح محمّلة بالمساعدات في طريقها إلى كرم أبو سالم لتسليمها للجانب الفلسطيني    الأعلى للثقافة: مدونة السلوك خطوة مهمة لضمان احترام الآثار المصرية وتعزيز الوعي الحضاري    وزير المالية يقرر زيادة العملات التذكارية للمتحف المصرى الكبير لتلبية الإقبال المتزايد على اقتنائها    وزير الصحة يُطلق الاستراتيجية الوطنية للأمراض النادرة    مخاطر وأضرار مشروبات الطاقة على طلبة المدارس.. استشاري تغذية توضح    اعتراف إسرائيلى نادر.. هرتسوج: عنف المستوطنين فى الضفة الغربية يجب أن ينتهى    وزير الخارجية ونظيره التركي يؤكدان دعمهما القوي للشعب الفلسطيني وتخفيف معاناة قطاع غزة    المجلس التصديرى للملابس يوقع مذكرة تعاون مع "الجمعية التشيكية"    التعليم تعلن شروط التقدم والفئات المسموح لها أداء امتحانات الطلاب المصريين بالخارج    اعتماد نادي اليونسكو للتنمية المستدامة بجامعة القاهرة ضمن الشبكة العالمية    الرئيس يوافق على إصدار قانون الإجراءات الجنائية الجديد    تشييع جثمان زوجته أُنهي حياتها خنقا علي يد زوجها بالمنوفية    المصرية للاتصالات: تحسن التدفقات النقدية الحرة يعكس قوة الأداء المالى    دوري المحترفين، 5 مباريات اليوم في الجولة ال 12    جوتيريش يدعو للانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة    إعلام فلسطيني: غارات وقصف مدفعي إسرائيلي على غزة وخان يونس    سعر الدينار الكويتى اليوم الخميس 13 نوفمبر 2025 أمام الجنيه    طريقة عمل البطاطا بالكاسترد بمذاق لا يقاوم    من عثرات الملاخ وتمرد عادل إمام إلى عالمية حسين فهمي، قصة مهرجان القاهرة السينمائي    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 13نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا    استمرار امتحانات منتصف الفصل الدراسي الأول بهندسة جنوب الوادي الأهلية    أديل تخوض أولى تجاربها التمثيلية في "Cry to Heaven" للمخرج الشهير توم فورد    إنهاء أطول إغلاق حكومى بتاريخ أمريكا بتوقيع ترامب على قانون تمويل الحكومة    زلزال بقوة 4.6 درجات يضرب شمال شرقي الصومال    الصحة: خلو مصر من التراخوما إنجاز عالمي جديد.. ورؤية الدولة هي الاستثمار في الإنسان    10 صيغ لطلب الرزق وصلاح الأحوال| فيديو    صاحب السيارة تنازل.. سعد الصغير يعلن انتهاء أزمة حادث إسماعيل الليثي (فيديو)    استخراج الشهادات بالمحافظات.. تسهيلات «التجنيد والتعبئة» تربط أصحاب الهمم بالوطن    الولايات المتحدة تُنهي سك عملة "السنت" رسميًا بعد أكثر من قرنين من التداول    «سحابة صيف».. مدحت شلبي يعلق على تصرف زيزو مع هشام نصر    احسب إجازاتك.. تعرف على موعد العطلات الدينية والرسمية في 2026    غضب واسع بعد إعلان فرقة إسرائيلية إقامة حفلات لأم كلثوم.. والأسرة تتحرك قانونيا    فيفي عبده تبارك ل مي عز الدين زواجها.. والأخيرة ترد: «الله يبارك فيكي يا ماما»    قصر صلاة الظهر مع الفجر أثناء السفر؟.. أمين الفتوى يجيب    رئيس الإدارة المركزية لمنطقة شمال سيناء يتفقد مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن الكريم بالعريش    انطلاق اختبارات «مدرسة التلاوة المصرية» بالأزهر لاكتشاف جيل جديد من قراء القرآن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



3 حكايات تعيد تشكيل العالم فى "اسمى أحمر" لأورهان باموق

فى إحدى رواياته ذكر الروائى العالمى "جوزيه سراماجو" أن الأشياء العظيمة هى التى يكون لها ثلاثة أسباب، أما الكاتب التركى - العالمى أيضا - أورهان باموق فى روايته "اسمى أحمر" فيقول لك بأن "العالم تشكل من ثلاث حكايات".
حصل أورهان باموق على نوبل 2006 تتويجا لإبداعاته المتعددة التى بدأها بروايته الأولى "جودت بك وأولاده" 1982 والتى تركت صدى طيبا، ثم جاءت كتابته بعد ذلك "المنزل الهادئ" 1991، و"القلعة البيضاء" 1995، و"الكتاب الأسود" 1997، و"ورد فى دمشق" 2000، و"الحياة الجديدة" 2001، و"اسمى أحمر"، و"ثلج"، ولكن رواية "اسمى أحمر" احتلت قمة إنتاجه من حيث الفرادة والإبداع والكتابة المتميزة، حيث ترجمت إلى أكثر من عشرين لغة، وكان من نصيب العربية أن ترجمها عبد القادر عبد اللى لدار المدى فى ترجمة رائعة بلغة متمكنة وانسيابية واضحة.
ورواية "اسمى أحمر" إطارها العام محير بعض الشىء، فلا تعرف هل هى إبراز لجمال زمن معين من حكم العثمانيين الذين كانوا يسيطرون على العالم، أم هى إدانة لهذا العصر الذى بدأت تنبت فيه طحالب وأعشاب التقليد للغرب الذى بدأ ينخر فى أصول الفن الإسلامى ويقسم العالم ويعيد استعماره من جديد، وذلك على مشارف العام الألف الهجرى.
لكن الملاحظ أن "عالم الرواية" المثير يقوم على الاختلاف والتباين والإدانة، فكل الشخصيات فى الرواية مشوهة ومأزومة ف"شكورة" الجميلة الماكرة ضائعة بين أحلام كثيرة متناقضة، فقط هى تملك كابوسا مؤرقا يتكون من ولدين شقيين، وأب عجوز معتزل تقريبا، وزوج أخ طامع لا يتورع عن كسر بابها، وزوج غاب منذ أربع سنوات فى حرب لم نعرف اسمها كى نمجدها، وعاشق غاب اثنتى عشرة سنة لم يتمكن من روحها تماما.
ومن ناحية أخرى "قرة" العاشق الذى قضى اثنى عشر عاما مثل درويش جوال يدفع ضريبة الحب، لم نعرف أين قضاها ولا كيف مرت عليه، كل الذى كان يؤرقه أنه لا يحمل فى جيبه طوال هذا الترحال رسما لحبيبته "شكورة" حتى نسى ملامحها تقريبا وتداخلت مع خيالاته عنها، وهو الآن بعد عودته لا يتورع عن التحايل وارتكاب الموبقات والتآمر بل والموت من أجل من يحب ، وأن يصير فى الوقت ذاته طيعا يأتمر بما تأمره به فى طاعة عمياء.
والنقاشون الثلاثة (زيتون وفراشة ولقلق) وأستاذهم "عثمان" نماذج للتناقض الذى يعيشه المجتمع فى تلك الفترة، حيث يتراوحون بين حدى الحب والعنف والقتل والصوفية والطمع والزهد والبخل والإسراف، بما يعكس طريقة تفكير نخبة مسئولة عن صناعة الجمال فى حياة الآخرين، لذا فالتشويه الذى اعتراهم كان طبيعيا أن ينتج جمالا مشوها ومتناقضا.
"اسمى أحمر" رواية فى نعومة الحرير ووخز سن خنجر مسموم، تتشكل من الثنائية القاتلة فى العالم؛ حيث الجريمة والحب، الوردة والسيف، العشق والكراهية، الألوان والدم، والإنسان يتشكل من كل هذه الثنائيات فهو واقع بينها متمثلة فى روحه، فكل شخصيات الرواية محصورة داخل دائرة من اللون الأحمر من الرومانسية والجرح، ربما لهذا التداخل نجد أن القاتل لم يكن يكره أيا ممن قتلهما، فلم تكن علاقته ب"ظريف أفندى" أو "زوج الخالة" قائمة على موقف شخصى مادى، إنما كان لاختلاف وجهات نظر، بل الموضوع يصل حد التناقض فى دافع القتل، فقد قتل "زيتون" ظريف أفندى المذهب، لأنه قال إن النقاشين سيذهبون إلى الجحيم لأنهم يقلدون الغرب ويصورون الوجوه ويعلقونها كأصنام على حيطانهم، وقتل "زوج الخالة" لأنه يدافع عن الفن الغربى وقرر أن يرسم بهذه الطريقة الغربية التى يقوم بها البندقيون كتابه السرى الذى جاء بطلب من السلطان.
"اسمى أحمر" تخبرك بأن الله خلق العالم من ثلاث حكايات، وبالتالى الشىء الذى يملك ثلاث حكايات هو حقيقة، حدثت بشكل ما أو بطريقة معينة، لأنها تدخل فى إطار التواتر، فهى رواية تبحث عن فلسفة لوجود الإنسان وفهمه للأشياء وفهم جمالياته المتناقضة.
وإسطنبول فى هذه الرواية متفسخة تماما وضائعة فى ندف الثلج والظلام المحيط والبيوت المهجورة، جميعها يشبه بيت اليهودى المشنوق، لذا "اسمى أحمر" هى رواية مكان، وأورهان باموق عاشق إسطنبول كما صورها فى كتابه "إسطنبول"، وهو هنا يحولها إلى مسرح لمحاكمة الإنسان والعالم، حيث السلاطين فى قصورهم المتداخلة بخزاناتها التى تحوى العالم، وحيث "إستر" ب"عدسها" الذى يكاد يلتصق بقاع إنائها و"صرتها" المهانة دائما على أيدى الصبية والنساء وبقدرتها الفائقة على قراءة رسائل العشق عندما تنظر فى وجه المحبين، و"المداح" بحكاياته التى تؤلب أكثر مما تسلى وتشرّح النفوس الخربة، والشيخ الأرضرومى بعبثه ورجاله المبثوثين كالعسس فى كل مكان، والنقاشين بتيههم العظيم وضياع نفوسهم بين المدارس المتعددة التى لا تحفظ لواحد منهم أسلوبا محددا ولا طريقة معينة وبحقدهم الذى توارثوه مع فرشاتهم وأقلامهم وألوانهم، وحيث الجريمة منتشرة فى سهولة الحياة وقسوتها، وإسطنبول شاهدة ممتدة على كل هذا العبث الإنسانى الأزلى.
"اسمى أحمر" حيث يتحمل كل واحد شهادته كأنما أؤتى كتابه الآن، فطريقة بناء الرواية المعتمدة فى كل فصل على اسم شخصية من الرواية والتى تبدأ ب"أنا..." تعمل على بث اليقين فى الحكايات، لأنها بلغة المتكلم، لذا فالأفعال التى تمت لا سبيل إلى إنكارها لأنها بمثابة اعترافات، وبهذا تكون لحظات الضعف الإنسانى التى تشهدها الرواية مصحوبة بتبريرات واهنة أو قوية هى لحظات كاملة من الصدق الإنسانى.
وتظل "اسمى أحمر" تجمع بين صوفية الوجد ومادية الحياة، ويظل أورهان باموق يملك أسلوبا خاصا وصوتا مميزا فى تشكيل كتابته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.