تعرف على موعد امتحانات الفصل الدراسي الثاني بمدارس كفر الشيخ    مياه الإسكندرية تستقبل وفد الوكالة الألمانية لبحث خطة التكيف مع التغيرات المناخية    «مدبولي»: ⁠تسهيل الإجراءات الخاصة بإنشاء مشروع «كوفي كاب» لتصنيع الكابلات الكهربائية    استطلاع رأي يكشف ازدهار ريادة الأعمال في مصر: تبني التكنولوجيا بنسبة 93%    عطل ببعض تطبيقات للتداول يهبط بالبورصة المصرية 4.86% فى ختام جلسة اليوم    الفسيخ يتخطى ال300 جنيه.. أسعار الرنجة 2024 في كارفور والمحال التجارية قبل شم النسيم    هبوط جماعي لمؤشرات البورصة في ختام تعاملات الثلاثاء    وزير خارجية أيرلندا يطالب الإعلام الغربي بالذهاب إلى غزة: الأمر يزداد سوءًا    الجامعة العربية تشهد اجتماع لجنة جائزة التميز الإعلام العربي    التشكيل المتوقع لمباراة الهلال والعين في نصف نهائي دوري أبطال آسيا    وزير الشباب والرياضة ومحافظ شمال سيناء يلتقيان مع شباب المحافظة    أصدرت عبوات تحمل شعار النادي.. جماهير الأهلي تطالب بفسخ التعاقد مع كوكاكولا    إحالة اوراق المتهمة بقتل طفلة الستاموني لسرقة حلقها الذهبي إلى مفتي الديار المصرية    وزير العدل: تشكيل لجنة رفيعة المستوى لوضع مشروع قانون ينظم استخدامات الذكاء الاصطناعي    محافظ المنوفية يتابع موقف توريد القمح والاستعدادات النهائية لامتحانات أخر العام    إحالة أوارق المتهم بقتل شاب وسرقة مقتنياته في الشرقية للمفتي    خصومات على إصدارات هيئة الكتاب لمدة أسبوع بمناسبة اليوم العالمي للكتاب    «قصور الثقافة» تعرض مسرحية «القبعة والنبي» لغسان كنفاني في بورسعيد    فيلم "شقو" يحصد 916 ألف جنيه بدور العرض أمس    احتفالا بالدورة العاشرة.. الإسكندرية للفيلم القصير يختار 5 مبدعات للجنة تحكيمه الدولية    احتفالاً بذكرى تحرير سيناء.. متحف السكة الحديد مجاناً للجمهور غدا    محافظ المنيا: تنظيم قافلة طبية مجانية في مركز أبو قرقاص غدا    توقيع اتفاقيتين للمساهمة المجتمعية لقطاع البترول في دعم الرعاية الصحية بمطروح وبورسعيد    من هم اللاعبين الرئيسيين في المحاكمة الجنائية لدونالد ترامب؟    الحكومة: إنشاء منظومة تعليمية متكاملة لأهالي سيناء ومدن القناة    مصرع سائق في حادث تصادم بسوهاج    تعرف على أهم النصائح للتعامل مع عداد الكهرباء مسبق الدفع    محافظ كفر الشيخ ونائبه يتفقدان مشروعات الرصف فى الشوارع | صور    بطولة أبطال الكؤوس الإفريقية.. فريق الزمالك لكرة اليد يواجه الأبيار الجزائري    سيدات سلة الأهلي يواجه مصر للتأمين في الدوري    «نجم عربي إفريقي».. الأهلي يقترب من حسم صفقة جديدة (خاص)    دار الإفتاء: شم النسيم عادة مصرية قديمة والاحتفال به مباح شرعًا    هل يحق للزوج التجسس على زوجته لو شك في سلوكها؟.. أمينة الفتوى تجيب    بقرار من الرئيس.. بدء التوقيت الصيفي الجمعة المقبلة بتقديم الساعة 60 دقيقة    بيلجورود الروسية تكشف عدد الق.تلى المدنيين في هجمات أوكرانيا منذ بدء الحرب    نستورد 25 مليون علبة.. شعبة الأدوية تكشف تفاصيل أزمة نقص لبن الأطفال    هل مكملات الكالسيوم ضرورية للحامل؟- احذري أضرارها    السفير طلال المطيرى: مصر تمتلك منظومة حقوقية ملهمة وذات تجارب رائدة    اللعبة الاخيرة.. مصرع طفلة سقطت من الطابق الرابع في أكتوبر    رئيس شُعبة المصورين الصحفيين: التصوير في المدافن "مرفوض".. وغدًا سنبحث مع النقابة آليات تغطية الجنازات ومراسم العزاء    فرج عامر: الفار تعطل 70 دقيقة في مباراة مازيمبي والأهلي بالكونغو    «النواب» يبدأ الاستماع لبيان وزير المالية حول الموازنة العامة الجديدة    آخر تطورات الحالة الصحية ل الشناوي، وتفاصيل وعد حسام حسن لحارس الأهلي    خلال الاستعدادات لعرض عسكري.. مقتل 10 أشخاص جراء اصطدام مروحيتين ماليزيتين| فيديو    متحدث وزارة العمل: تعيين 14 ألف شخص من ذوي الهمم منذ بداية 2023    «مفاجآت مالية».. توقعات برج الدلو في الأسبوع الأخير من أبريل 2024    جيش الاحتلال الإسرائيلي يقصف مناطق لحزب الله في جنوب لبنان    وزير الأوقاف من الرياض: نرفض أي محاولة لتهجير الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته    البرلمان يحيل 23 تقريرا من لجنة الاقتراحات والشكاوى للحكومة لتنفيذ توصياتها    قطاع الدراسات العليا بجامعة القناة يعلن مواعيد امتحانات نهاية الفصل الدراسي الثاني    سقوط المتهم بالنصب على الطلاب في دورات تعليمية بسوهاج    "ضربها بمزهرية".. تفاصيل مقتل مسنة على يد سباك بالحدائق    تحذيرات هيئة الأرصاد الجوية من ارتفاع درجات الحرارة ونصائح الوقاية في ظل الأجواء الحارة    رئيس الأركان الإيراني: ندرس كل الاحتمالات والسيناريوهات على المستوى العملياتي    الرئيس السيسى يضع إكليلا من الزهور على النصب التذكارى للجندى المجهول    مستدلاً بالخمر ولحم الخنزير.. علي جمعة: هذا ما تميَّز به المسلمون عن سائر الخلق    الإفتاء: التسامح في الإسلام غير مقيد بزمن أو بأشخاص.. والنبي أول من أرسى مبدأ المواطنة    علي جمعة: منتقدو محتوى برنامج نور الدين بيتقهروا أول ما نواجههم بالنقول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حتى يكون الفن فى خدمة المجتمع
نشر في اليوم السابع يوم 12 - 07 - 2014

فى تفسيره الأقرب إلى نفسى عرف أروين أدمان "الفنان" بأنه الإنسان الذى يبنى ويخلق بوسيلة ما كالحرف أو اللون أو الحجر.. وجاءت تلك الأمثلة تابعة لحرف الكاف كأمثلة لنشاطات أخرى قد تندرج تحت المعنى الكبير للفن.. والشرط للفن هنا فى تعريف الكاتب وفى مخيلتى أيضا هو البناء.. أن تكون الوسيلة المستخدمة سواء كانت الحرف أو اللون أو اللحن أو الحجر تهدف إلى خلق شىء جميل ذى فكرة بناءة، وهنا يتميز معنى كلمة فنان بالاتساع والمرونة، فيدخل فى طياته كل إنسان قادر بوسيلة ما على خلق شىء جميل من لا شىء أو من شىء قبيح.
والشىء الجميل قد يكون وظيفيا أو شكليا أو كلاهما.. فتشمل مظلة الفن هنا مثلا الأم التى تغزل كرات الصوف لتصنع منها لباسا جميلا لطفلها وهنا تتلاقى الوظيفة مع الشكل فى الرسالة الجمالية .. وتشمل مظلة الفن المرنة أيضا المهندس صاحب الحس العالى القادر على إنشاء بناء محكم وجذاب فى أن ومخالف لكل من نراه اليوم من قبح دال على تدنى الذوق العام والخاص، وتشمل المدرس الماهر القادر ببراعة على تسلم عقول فارغة وبنائها على مهل والقدرة على دمجها فى منظومة العلم والمعرفة.. والطبيب القادر على مساعدة مرضاه للحصول على حياة أفضل وظيفيا أو شكليا .. وربة المنزل المبتكرة ذات اللمسات المبهرة فى الطعام والأثاث والتربية .. التى تستطيع أن تشم رائحة فنها وعبيره فى كل شىء تطاله يديها فتلمح إحساسها الفنى فى نظام ونظافة بيتها .. فى أسلوب حديثها .. فى سلوك أبنائها .. وتتسع الدائرة أكثر فأكثر وتقدم الفرصة لكل إنسان للاندماج فيها.
وكما تضم دائرة الفن فى معناها الجديد نماذج جديدة تطرد كذلك من دائرتها عناصر دخيلة تعارف المجتمع خطأ على تسميتها بالفنان .. منها الممثل أو المصور أو الشاعر أو الرسام معدوم الموهبة الذى فرضته ظروف ما على ساحة ذلك العمل رغم أنف أصحاب المواهب.. ومنها الراقصة التى لا تملك إلا التعرى لمداعبة شهوات المشاهد وتشويه نفسيته .. والكثير من تلك الأمثلة التى لا حصر لها والتى أصبحت تحسب خطأ على الفن.. وبالمفهوم الجديد يتحرر الفن من دائرة الوظيفة.. فتصبح كلمة "فنان" صفة لا وظيفة ويعود لها رونقها وجمالها ويعود للجميع الحق فى التنافس فيها.
والفنان صفة لا مهنة إنسان تحلو مصاحبته وتستطيب النفس لقياه.. لكنه قد يعانى فى صحبة الناس كما قال "أروين أدمان".. الفنان يعيش فى دائرة صغيرة بقدر ما هى جميلة تسقم نفسه تناقضات الحياة خارجها.. وبقدر ما يسعد هو رفاقه فى الحياة بقدر ما يتجنون عليه ويشقونه.. لذة الفنان دائما فى الوحدة والحياة مع عالمه الخاص الجميل الذى صنعه بنفسه ونقاه من كل شوائب الحياة التى يحتك بها فى دنيا الواقع.. لكن الإفراط فى الانعزال إلى هذه الدنيا قد يكون على درجة شديدة من الخطورة.. إشكالية شديدة الصعوبة على روح الفنان.. الكائن الجميل الذى بناه فى داخله هو عادة كائن رخو لا يقوى على تحمل صدمات الحياة البئيسة.. وكثيرًا ما يضطر الفنان إلى إخراج كائنه الرخو إلى دنيا المتناقضات فلا يلبث أن يتفاعل معها ومع سماجاتها فتتشكل له حراشيف قبيحة.. قد يظنها هو ضرورة للتعايش فى المجتمع لكنها تفقده كل جمال ونقاء .. الإشكالية الصعبة هى "أن تخالط الناس وتصبر على أذاهم".
ليس الهدف أن تخالطهم وتكتسب حراشيف قبيحة تجعلك مخلوقا آخر يضاف إلى قائمة المخلوقات المشوهة التى تملأ الأرض.. ولا أن تظل داخل قوقعتك مكتفيا بعالم الأحلام الوردية منعزلا عن واقع الحياة المرير.
الثقافة ثلاثة أقسام كما عرفها الدكتور فؤاد زكريا.. قسمها الأول هى ثقافة المجتمع التى ننشأ فيه كثقافته مثلا فى أفراحه وأحزانه ومأكله وملبسه.. والقسم الثانى هو الثقافة الجماهيرية مثل بعض المسرحيات والمسلسلات ذات القبول الجماهيرى العريض.. وقسمها الثالث هو الثقافة الرفيعة.. وهى تذوق الإبداع الإنسانى العالى الذى يرهف الشعور وينمى الحس الجمالى كالأنواع الأرقى من الرسم والموسيقى والأدب الرفيع التى تعيد صياغة الروح والسلوك للأفضل.
والخلاصة أن دور الفنان هو الخروج من شرنقته والهبوط إلى الناس فى مستوى ثقافتهم الجماهيرية والنهوض بهم لتذوق الثقافة الرفيعة وخلق مستقبلات جمال جديدة داخلهم تنعكس بالإيجاب على حياتهم وحياة من حولهم.. وهذا الهبوط يستدعى وجود مخزون من الطاقة يسمح له بالصعود مرة أخرى بنفسه وبالآخرين حتى لا يستقر معهم فى القاع.
ودائرة الثقافة الثالثة فى حد ذاتها لا تطلب لنفسها، ولكن كوسيلة لتزكية النفس وتهذيب الشعور الإنسانى.. فالنفس التى ارتقت مستقبلاتها الحسية لتذوق كل ماهو جميل فى الحياة ستنفر من كل ما هو قبيح.. فلن تجد من يستمتع بأعمال موتسارت ورفائييل وشكسبير وغيرهم من نجوم الإبداع الإنسانى الأصيل شرقا وغربا.. لن تجد من يتمتع بتذوق إبداعاتهم يستطيع فى الوقت نفسه أن يلقى قمامته ويبصق فى الشارع.. أو يتلفظ بألفاظ نابية أو يقبل أن يؤدى عمله بقصور يستدعى كارثة تحل بالآخرين، أو تعوق مصالحهم ثم يعود ليتذوق معانى الجمال..
لا تستقيم على تلك الحال نفس سوية، وإذا رأيت من يفعل ذلك أو يقبله، فاعلم أنه دعا وممثل لم تتذوق نفسه معنى الجمال.
ومن هنا بدأت أوروبا طريق نهضتها.. وقد بدأت تلك النهضة بتبنى الموهوبين من الفنانين مثل رفائييل ودافنشى، لتؤصل بذلك لتزكية الذوق العام.. ولا غرابة أن تجد لنفس الفنان مثل ليوناردو دافنشى نشاطات حياتية أخرى تهدف إلى راحة ومتعة المجتمع بخلاف الرسم.. فترى فى تاريخه أنه كان مهندسا يصمم بعض الآلات الحربية والمبانى، وتراه يكلف بتجفيف المستنقعات وغيرها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.