فقد الاقتصاد الألمانى الكثير من قوة الدفع خلال الشهور القليلة الماضية، بحسب ما أظهرته أحدث سلسلة من البيانات الاقتصادية، مما جدد الدعوات إلى اتخاذ خطوات لتحفيز النمو فى منطقة اليورو المتعثرة. وقال وزير مالية إيطاليا بير كارلو بادوان الذى تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبى منذ بداية الشهر الحالى "بالطبع إذا فقد اقتصاد كبير مثل هذا، بعضا من قوة دفعه، فهذا سبب للقلق ليس فقط بالنسبة لهذا الاقتصاد فقط وإنما بالنسبة لباقى أوروبا أيضا". يذكر أن إيطاليا التى تستمر رئاستها للاتحاد الأوروبى ستة أشهر تقود المعسكر الذى يطالب بضرورة بذل الجهود من أجل تحسين الحظوظ الاقتصادية لمنطقة اليورو من خلال زيادة مرونة قواعد ضبط الميزانية فى دول المنطقة التى تضم 18 دولة من دول الاتحاد الأوروبى. جاءت تصريحات بادوان فى أعقاب صدور بيانات اقتصادية أظهرت تراجع حجم التجارة الخارجية لألمانيا خلال مايو الماضى بأكثر من المتوقع. وقال بادوان بعد ترأسه اجتماعا لوزراء مالية الاتحاد الأوروبى "نحن فى أوروبا نخرج ببطء من الركود العظيم لكننا نفعل ذلك بسرعة بطيئة وبطريقة مضطربة ولذلك نحتاج إلى تعزيز جهودنا من أجل النمو". وأضاف أن هذا هو السبب الرئيسى وراء اقتراحات الرئاسة الإيطالية لتعزيز التكامل فى أوروبا، إلى جانب ضخ المزيد من الاستثمارات والقيام بالمزيد من الإصلاحات الهيكلية كطريقة لتعزيز النمو الاقتصادى. وجاء البيانات الاقتصادية الألمانية الضعيفة بالتزامن مع تباطؤ الاقتصادات الصاعدة، خاصة الصين إلى جانب التداعيات الاقتصادية للأزمة الأوكرانية. وقد أدى ارتفاع قيمة اليورو مؤخرا وضعف الطلب المحلى إلى تراجع أداء الاقتصاد الألمانى. وقال جوناثان ليونيه كبير خبراء الاقتصاد الأوروبى فى مؤسسة كابيتال إيكونوميكس للأبحاث، إن مؤشرات النشاط الاقتصادى فى منطقة اليورو تراجعت مجددا، خلال الشهور القليلة الماضية مع تراجع الناتج الصناعى لألمانيا نتيجة ضعف الطلب وقوة اليورو. وانضم فابريس بريجيه رئيس شركة صناعة الطائرات الأوروبية أيرباص أمس الثلاثاء، إلى قائمة متزايدة من السياسيين وقادة الأعمال الذين يطالبون باتخاذ خطوات، من أجل كبح جماح اليورو الذى وصل إلى "مستوى جنونى"، من أجل المساعدة فى تحفيز اقتصاد منطقة العملة الأوروبية الموحدة. وقال بريجيه فى مقابلة مع صحيفة هاندلسبلات الألمانية "ليس قدرا أن يخترق اليورو السقف فى حين أن الأمريكيين واليابانيين يستخدمون عملاتهم لدعم الصناعة". يذكر أنه جرى تداول اليورو اليوم بسعر 36.1 دولار تقريبا فى أعقاب تحرك البنك المركزى الأوروبى لوقف ارتفاع اليورو وذلك بعد أن وصل إلى 4.1 دولار فى أوائل مايو الماضى، وكان أعلى مستوى له منذ عامين ونصف العام. كانت البيانات الصادرة اليوم قد أظهرت تراجعا حادا فى حجم التجارة الخارجية الألمانية خلال مايو الماضى نتيجة انخفاض بشكل أكثر من المتوقع فى كل من الواردات والصادرات، ما يضيف إشارة جديدة إلى تضرر أكبر اقتصاد فى أوروبا. بالتوترات العالمية. وذكر مكتب الإحصاء الاتحادى الألمانى أن صادرات ألمانيا الشهرية تراجعت خلال مايو الماضى بنسبة 1.1% عن الشهر السابق فى حين تراجعت الواردات بنسبة 4.3%، وهو أكبر تراجع لها منذ 18 شهرا. كان المحللون قد توقعوا تراجع الصادرات خلال مايو الماضى بنسبة 4.0% فقط بعد زيادتها بنسبة 6.2% خلال أبريل الماضى، فى حين كانوا يتوقعون نمو الواردات بنسبة 5.0% انطلاقا من زيادتها بنسبة 2.0% فى أبريل الماضى. وأشار مكتب الإحصاء إلى أن تراجع الواردات خلال مايو الماضى هو الأكبر منذ نوفمبر 2012. كما ألقت البيانات الضوء على تأثير المناخ الاقتصادى العالمى المتشكك على التجارة الألمانية، حيث تراجعت الصادرات إلى الدول غير الأعضاء فى الاتحاد الأوروبى بنسبة 6.0% فى الفترة من يناير إلى مايو مقارنة بالفترة نفسها عام 2013. ويشمل ذلك الصادرات إلى الصين واقتصاديات ناشئة بارزة أخرى عانت من البطء، خلال الجزء الأول من هذا العام، وأيضا روسيا، محور الصراع حول مستقبل أوكرانيا. وزاد حجم الصادرات الألمانية إلى الشركاء التجاريين الرئيسيين فى التكتل الذى يضم 18 دولة بنسبة 7.2%، على أساس سنوى فى الفترة من يناير إلى مايو، كما زاد حجم استيراد ألمانيا من دول منطقة اليورو بنسبة 6.2%. فى الوقت نفسه تراجع مؤشر زد.إى.دبليو لقياس ثقة المستثمرين فى الاقتصاد الألمانى خلال يونيو الماضى، إلى أدنى مستوى له منذ 6 أشهر. وقال هانز فيرنر شين رئيس معهد آيفو للدراسات الاقتصادية ومقره فى ميونخ، إن قطاع الصناعة الألمانى قلق من التداعيات المحتملة للأزمات السياسية فى أوكرانيا والعراق. كان شين يتحدث الشهر الماضى فى أعقاب صدور مؤشر إيفو لقياس ثقة المستهلكين والذى تراجع بأكثر من المتوقع أيضا. كما حذر رئيس البنك المركزى الأوروبى ماريو دراجى الأسبوع الماضى من مخاطر التوترات الحالية فى الشرق الأوسط أوكرانيا على تعافى منطقة اليورو. وقال رئيس البنك المركزى الأوروبى إن مثل هذه المخاطر، وكذلك التطورات فى اقتصاديات الدول الصاعدة والأسواق العالمية يمكن أن تؤثر على ظروف الاقتصاد فى منطقة اليورو بشكل سلبى، مشيرا إلى أن من بين هذه المخاطر "تأثيرات أسعار الطاقة والطلب العالمى على منتجات منطقة اليورو.