على مقربة من حلول رمضان المبارك المبارك، تكثف الأسر المغربية استعداداتها لاستقبال هذا الشهر الفضيل الذى يعظمه المغاربة شأنهم فى ذلك شأن عدد من الشعوب الإسلامية. فأول ما تبدأ به العائلات المغربية طقوس الاستعداد تنظيف المنازل والحرص على تنظيف الأثاث والأوانى وغسل الأغطية التى فى الغالب ما استعملت خلال الشهور الماضية، بل هناك من يسارع فى إعادة صباغة غرف المنزل ومطبخه ليبدو نظيفا خلال شهر الصيام. إنها عادة ارتبطت بالعائلات المغربية منذ سنوات وهى العادة التى تعرف ب"العواشر" وفيها معنى إلى العشر الأواخر من شعبان حيث ترتفع وتيرة الاستعدادات، إلى درجة أن أعدادا من ربات البيوت يحرصن على استقدام مساعدات، مقابل مبالغ مالية قد تتجاوز مئة درهم (حوالى 10 يورو)، للقيام بالأعمال المنزلية وتنظيف الجدران وجميع مرافق المسكن ، على اعتبار أنه فى شهر رمضان، تكثر الزيارات بين الأقارب والأحباب، ويتعذر على ربات البيوت تحمل عناء ومشقة التنظيف العميق خلال فترة الصيام. وليس غريبا أن تجد عائلات تتنافس ليس فقط فى نظافة البيوت قبيل شهر رمضان، بل أيضا تتنافس فى تغيير المفروشات وبعض الأثاث، لأن فى شهر رمضان هناك حرص كبير من قبل المغاربة على التزاور وعلى صلة الرحم. فى هذه الأيام القليلة التى تفصل عن شهر رمضان، تفوح رائحة الأكلات التى يشتهر بها المغاربة، من حلوة "الشباكية" و"السفوف" أو "سلو" وأيضا "البريوات" وغيرها من الحلويات التى لا تخلو أى مائدة إفطار منها. وللمغاربة عدة طقوس خلال شهر رمضان المبارك أبرزها تزيين مائدة الفطور بحلوة "الشباكية"، وهى حلوة مشبكة تصنع بالعجين وتقلى فى الزيت وتوضع فى العسل، شأنها شأن "البريوات" التى يكون شكلها مثلثا، فيما يتم تهيئة "السفوف" أو "سلو" (وهى التسمية التى تختلف باختلاف المناطق) من الطحين المحمر يضاف إليه اللوز وحبوب السمسم ومكونات أخرى تزيد مذاقه لذة وفوائد صحية. وإلى جانب الحلويات، اهتدت النساء المغربيات فى السنوات الأخيرة إلى صنع المملحات على مختلف الأشكال، وأيضا الرغيف الذى يأخذ مكانته فى مائدة الإفطار، بل يعد من الأطباق التى يكثر استهلاكها والإقبال عليها، خصوصا أن النساء تفننت فى إعداد هذه "الرغائف" بالموازاة مع ارتفاع طلب خفض نسبة المأكولات الحلوة وتعويضها بالمملحة. وخارج أسوار البيوت، تصطف المحال التجارية التى تخصصت فى إعداد المأكولات والحلويات الخاصة بالإفطار، ففى وسط المدينة العتيقة وفى كل الأحياء وفى المخابز، ينتعش الرواج لهذه الأطعمة، كما ينتعش بيع التمور بمختلف أصنافها رغم اختلاف أسعارها. وتنتعش الحركة التجارية فى البلاد وقرب حلول شهر رمضان الذى يكون مصدرا للرزق لعدد كبير من الأشخاص يساهمون فى ترويج المأكولات وجنى مبالغ مالية لا يستهان بها. وقبيل شهر رمضان، تنتعش أيضا صناعة الأزياء التقليدية حيث يسجل تسابق كبير على المحلات المتخصصة فى تصميم الملابس التقليدية سواء للنساء أو الرجال أو الأطفال، خصوصا الجلابيب التى يرغبون فى أن تكون جاهزة أيام رمضان للتوجه بها سواء إلى مقرات العمل أو لأداء صلاة التراويح، وهو الأمر الذى يجعل الاكتظاظ على محلات الملابس التقليدية واضحا، كما ترتفع أثمنة الخياطة بفعل كثرة الطلب.