إنها كارثة انهيار لغتنا العربية, لغة القرآن الكريم, أمام أعيننا، حيث تشير كل المؤشرات من حولنا الى ذلك ونحن نيام غير مبالين بهذه الكارثة القومية، التى سارت الحروب ضدها وفق مخططات مدروسة وأمام أعيننا لغويين ومتخصصين، بل وشاركنا ولا زلنا نشارك فى تدميرها, حيث فتحنا الباب على مصراعيه للمدارس والهيئات الأجنبية التى أصبحت أعدادها فى تزايد وأنتشار مستمر، ونجحت فى جذب ولى الأمر لإلحاق أبنائه بها، وأصبح الآباء يتباهون بذلك، على الرغم من مخالفتة لقواعد ونظم التعليم، والتى من أساسياتها فى كافة الدول أن تعطى الأهمية القصوى للغة الأم أولا، ثم تأتى بعدها أى لغات أخرى. وبالطبع وجدنا الدارس فى تلك المدارس الأجنبية، يجد كل المناهج التى تخدم تلك اللغات ماعدا العربية، إلى جانب تشويه حضارتنا وبث معلومات خاطئة للأسف الشديد، فإن الذين حشوا بها مناهجنا هم أجانب لا صلة لهم بتراثنا وحقائق أمجادنا، وتدل الإحصائيات العالمية إلى أن هناك أكثر من 300 لغة انقرضت تمامًا فى القرن الماضى، بسبب إهمال أبنائها، وإن القرن الحالى ال21 سيشهد المزيد ومن بينها اللغة العربية، التى تغيبنا جميعًا عنها. وللعلم فإن هناك أكثر من 75 لغة حاليًا تستخدم الحروف العربية فى كتابتها، وقد قام أعداء الأمة العربية بتشجيع اللغة السواحيلية لضرب لغتنا العربية التى يقرأ بها أهلها تراث ما يزيد على 15 قرنًا. لا تتعجبوا يا أهل العربية إذا عرفتم بأن اللغة الفرنسية نفسها التى كانت اللغة الأولى فى العالم فى فترة من الزمن ضربتها اللغة الإنجليزية فى مقتل، واحتلت مكانها والتاريخ خير شاهد على ذلك، كما أن هناك لغات كالعبرية ظل أهلها يحاربون إلى أن أوصلوها للغة قومية معترف بها عالميًا الآن. أننا يا سادة، ولإنقاذ لغتنا العربية، بحاجة إلى اتباع خطة عاجلة ومدروسة تشمل ضرورة الإشراف الكامل من مراكز البحوث لدينا على تلك المدارس الأجنبية والحد من انتشارها، والبعد عن مهانة جعل التعليم سلعة كما يحدث الآن، والاهتمام بتقوية مكانة تعليمنا المحلى بوضع خطط منهجية حقيقية، واستخدام اللغة العربية فى مجال العلوم والطب والهندسة وغيرها كما فعلت بعض الدول العربية , والعمل على تشجيع روح المواطنة الأصيلة لدى المواطنين بالاهتمام بفتح قنوات عربية للقضاء على الأمية الثقافية المنتشرة لدى غالبية أولياء الأمور الذين يهرولون بلا وعى للقضاء على هويتهم وأبنائهم ووطنهم الغالى، فلابد من مشروع قومى لوقف هذا التيار الخفى الماكر، وفضح تلك الأساليب الدنيئة للقضاء على أعز ما يملكه العربى الأصيل لإنقاذ لغتنا العربية الجميلة والحفاظ على هوية وتراث وأمجاد وحضارات عشرات القرون.