سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
ليلى إسكندر وزيرة التطوير الحضرى ل"اليوم السابع": الهدف من استحداث الوزارة تطوير 300 منطقة عشوائية تضم ملايين الفقراء.. وأستعين بخبرة 35 عاما قضيتها معهم كمتطوعة.. ونعمل بالتنسيق مع الإسكان والبيئة
الدكتورة ليلى إسكندر تلك المرأة التى صنعت حلمها بيدها، بتفاؤلها وإيمانها بالفقراء وحقهم فى الحياة الكريمة تفتح قلبها ل"اليوم السابع"، وتروى حكاية عمرها أكثر من 35 عاما فى العشوائيات والقرى الفقيرة بمصر كمتطوعة حتى أصبحت وزيرة لمرتين. فى البداية قالت الدكتورة ليلى إسكندر "وزيرة الغلابة"، كما وصفها البعض: "لحسن الصدفة أصبحت وزيرة للتطوير الحضرى والعشوائيات، وخبرتى فى هذا المجال تمتد لأكثر من 30 عاما من خلال عملى بالمجتمع المدنى. وأشارت إسكندر إلى أن الهدف من إنشاء هذه الوزارة المستحدثة هو إعطاء دفعة قوية لتطوير المناطق العشوائية والتى تصل إلى أكثر من 300 منطقة وتضم الملايين من فقراء مصر المحرومين من كل سبل الحياة الكريمة وهم الأولى برعاية الحكومة، ويستلزم العمل فى هذه الوزارة التنسيق الكامل مع وزارتى الإسكان والمرافق والبيئة. وأوضحت إسكندر، قائلة "حين عدت من السعودية إلى مصر عام 1981، وجدت أن مفهوم التنمية هنا يختلف هو الآخر عن السعودية، لأنه مرتبط بالفقر، وقررت أن تكون التنمية والتطوير هما هدفى، ولم أجد وظيفة تناسبنى، وبعد فترة وجدت إعلانًا يطلب متطوعين للتدريس فى حى الزبالين بالمقطم، وتحمست للفكرة، وفى أول يوم رأيت مدى الفقر وصعوبات الحياة التى يعيشها الزبالون فى هذا الحى، حيث يسكنون أكشاك من الصفيح والكرتون حول أكوام من الزبالة والحيوانات النافقة". وتضيف إسكندر: "وهناك قررت أن أنقل خبرتى فى جامعة كاليفورنيا إلى حى الزبالين وقوامها التعليم الفردى، حيث ينطلق فى هذا النظام كل طالب فى دراسته وفقًا لقدراته دون انتظار للآخرين، وطبقت النظام بأدوات بسيطة وتمويل وهبات من أهل الخير وتبرعاتهم وأسست نظامًا يعتمد على محو الأمية والتعليم التنموى من خلال القصص والحرف البسيطة، وتزايد عدد الأطفال حتى وصلوا خلال 6 سنوات إلى 300 طفل بعد أن بدأت بعشرة". وتابعت: "وبالتوازى مع هذا العمل التطوعى فى حى الزبالين، طَبَّقَت نفس الأفكار فى بلدى بمحافظة المنيا مع الفلاحين، وحاولت نقل النظريات فى التنمية وطرق التعليم إلى خارج المدرسة من خلال مشروعات يتم الربط بينها وبين التعليم خارج الإطار الرسمى، فأى مشروع مثل مشروعات إقراض المرأة أو الحرف اليدوية تضع له برنامجًا ومنهج عمل يتمركز حوله التعليم". وتضرب ليلى إسكندر مثالًا لذلك بمشروع النول اليدوى للسيدات، حيث يتم وضع برنامج لتعليم الفتاة كيفية العمل على النول مع ربط النظافة الشخصية بحوافز العمل، فتأتى الفتاة بملابس نظيفة لأنها تعلمت أنه إذا اتسخ النسيج الذى تنتجه سينخفض الأجر الذى تحصل عليه، وفى نفس الوقت تتعلم أصول الحساب التى تؤهلها لتفهم كيف تبيع وتشترى وتتعلم القراءة فى إطار أسماء المنتجات وأسعارها، كذلك فى مشروعات تربية الأرانب يتعلم القائم بالمشروع كتابة المواعيد الخاصة بجداول نضج نوعيات الأرانب وطعامها ويتعلم الحساب وعمليات البيع والشراء وهكذا". ولكن كيف تحول الأمر من عمل تطوعى إلى "بيزنس" أسست من خلاله شركة خاصة؟ وهل تحقق الشركة أرباحًا من خلال عملها فى التنمية؟ تجيب ليلى إسكندر قائلة: "هناك عدد كبير من الجمعيات الأهلية بها رجال ونساء يقومون بأعمال تطوعية، وبدأت أتعرف على بعضها، ومع صعود تيار المشروعات الممولة من الجهات المانحة للتنمية، بدأت أقارن بين مشروعات تأخذ ملايين الدولارات ولا تحقق النتائج المرجوة منها". وأضافت إسكندر "هناك مشروعات أخرى تتم بتمويل ذاتى بسيط وتؤدى نتائج أكثر من المتوقع، ومن هنا جاءت فكرة إنشاء الشركة عام 1995 مع مجموعة من أصدقائى من القطاع الخاص وأسسنا الشركة برأسمال 60 ألف جنيه، على أساس أن تُقَدِّم خدمات تقليدية فى البداية مثل الاستشارات والتدريب والدراسات والأبحاث حتى نصل إلى القيام بمشروعات شراكة لتحقيق التنمية دون اللجوء إلى جهات مانحة، وهذا لا يعنى ألا نحقق ربحًا، لكن أن نعمل على أساس كيف نختار المشروعات التى تؤدى إلى تقوية وبناء المؤسسات، وقمنا بالعمل مع ثلاثة قطاعات هى الحكومة والقطاع الخاص والجمعيات الأهلية". وتابعت: "كان من المهم فى الشركة أن نقوم بتنظيم برامج تربط ما بين البزنس والتنمية، وعلى سبيل المثال ساعدنا إحدى شركات الشامبو التى كانت تعانى من مشكلة الغش التجارى للعبوات الفارغة التى تحمل اسمها ويتم إعادة استخدامها، فأسسنا جمعية أهلية فى حى الزبالين، وعلمنا الأولاد أن يشتروا العبوات الفارغة (بأموال الجمعية الأهلية) ويقوموا بتكسير العبوات وإعادة تدوير البلاستيك والزجاج المكسور وبيعه للشركات وتحقيق عائد يعود جزء منه لبناء فصول ومشروعات جديدة للحى. وتشير ليلى إسكندر إلى أن شركتها قامت بتصميم خرائط رقمية لكل ورشة فى حى الزبالين بالمقطم وعدد العمالة بها وحجم استثماراتها، موضحة أنه يوجد 600 مشروع صغير ومتوسط فى مجال إعادة تدوير المخلفات فى حى الزبالين، تورد المخلفات التى يتم تصنيفها إلى خمسين أو ستين مصنعًا على مستوى الجمهورية تعيد استخدام هذه المخلفات. وكانت ليلى إسكندر تحلم بأن ترفع الوعى بأهمية إعادة تدوير المخلفات، موضحة أن إحدى الدراسات التى قامت بها أكدت أنه فى حال فصل المخلفات من المنبع أى فى المنازل والمنشآت سيخلق كل طن من المخلفات 7 فرص عمل. وبعد أن أصبحت وزيرة للبيئة تبنت مبادرة الفصل من المنبع، واليوم يعود الزمن بها لتصبح وزيرة للتطوير الحضرى وهى وزارة عرفها البعض أنها وزارة العشوائيات، لتعيد لإسكندر ذكريات الزمن الجميل والحلم الذى ظلت ترسمه طوال 30 عاما كمتطوعة واليوم وزيرة. والجدير بالذكر أن الدكتورة ليلى إسكندر درست الاقتصاد والعلوم السياسية فى كلية السياسة والاقتصاد بجامعة القاهرة، ودراسات الشرق الأدنى وتطوير التعليم الدولى بجامعة بيركلى فى كاليفورنيا، وجامعة كولومبيا بنيويورك. كانت رئيسة مؤسسة التنمية المجتمعية وشركة استشارات (CID) التى حصلت على جائزة "أفضل ناشط اجتماعى لعام 2006" من منظمة "شواب"، على هامش المنتدى الاقتصادى العالمى. وعملت الدكتورة ليلى إسكندر فى هيئة التحكيم الخاصة بجائزة اليونسكو الدولية لمحو الأميّة، وتمثل المنطقة العربية منذ عام 2005 فى الأممالمتحدة لمحو الأمية (UNLD)، وعقد التعليم من أجل التنمية المستدامة (ESD)، وتعمل كذلك مستشارة لشئون التعليم لدى الوكالة الكندية للتنمية الدولية (CIDA)، ومستشارة لشئون السياسات فى برنامج تحسين الأداء التعليمى للبنات (GILO)، وهو أحد المشاريع التعليمية التى تمولها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية لمساعدة وزارة التربية والتعليم فى مصر على تحسين الأداء التعليمى فى عدد من المدارس المختارة فى المرحلتين الابتدائية والإعدادية، كما دخلت قائمة المبدعين الاجتماعيين الذين يصل عددهم لدى منتدى دافوس إلى 97 مبدعًا فى 40 دولة فى العالم، وتلقت فرق العمل التى تعمل تحت قيادة الدكتورة ليلى إسكندر جوائز فى مشاريع مجتمعية معنية بالنساء والشباب والأطفال.