منطقة «شق التعبان» بالبساتين من أشهر مناطق صناعة الرخام ليس فى مصر وحدها ولكن على مستوى العالم، حيث تحتل المركز الرابع عالميا فى تصنيع الرخام، وتضم ألفا وثلاثمائة مصنع وورشة لصناعات الرخام التكميلية.. هذه المنطقة فى قلب القاهرة باتت تواجه خطر الغزو الصينى، بعد أن تحول مستثمرون صينيون من مستوردين للرخام المصرى إلى مستأجرين لمصانع الرخام بتلك المنطقة، وذلك عقب قرار وزارة الصناعة والتجارة خفض قيمة رسوم الصادر على خام الرخام من 280 جنيها إلى 80 جنيها للطن فى صورة بلوك كتجربة تحت التقييم لمدة 6 أشهر، وتم تمديدها إلى 6 أشهر أخرى لتحديد نسبة المصنع من الرخام. ولأن القانون المصرى يمنع استخراج تصريح المحاجر لغير المصريين، أصبح الصينيون أصحاب التصاريح من الباطن، خاصة أن المحاجر المصرية تتميز بإنتاج اللون «البيج» من الرخام الذى يتهافت عليه الصينيون لسهولة تشكيله وتغيير لونه وإضافة مواصفات جديدة له، بالإضافة إلى رخص ثمنه، وعدم إجادة المصريين للتسويق، ما فتح المجال أمام الصينيين للدخول فى هذا المجال بقوة، واستئجار العديد من المصانع فى منطقة شق الثعبان، حيث يسعى صاحب المصنع للتهرب من مشكلات الضرائب والعمالة والبعد عن المخالفات مستفيدا من الحد الأدنى للتصنيع الذى يعطيه له الصينى، وفى هذه الحالات يكون شرط المستأجر الصينى إخلاء المصنع من العمال، فهو يحتاج إلى المصنع فقط، وهو الأمر الذى ينذر بكارثة بعد أن شهدت المنطقة بالفعل وبحسب شهود عيان الاستغناء عما يقرب من 2000 عامل مصرى واستبدالهم ب1000عامل صينى. إسماعيل محمود صاحب مصنع رخام، يتحدث بداية عن تاريخ منطقة «شق التعبان»، مشيرا إلى أن سبب تلك التسمية يرجع لجغرافية المنطقة التى تأخذ شكل الثعبان المنحنى، وهى عبارة عن ورش وأحواش لمحاجر الرخام والجرانيت، وأسسها أهالى البساتين، فيما يؤكد أن الصينيين نجحوا فى إجبار عدد كبير من المصانع على الإغلاق، من خلال بيع متر الرخام بسعر منخفض، موضحا أنهم يهدفون إلى التحكم فى السوقين المحلى والعالمى بلا منافس. وأضاف أن السبب وراء تأجير المصانع للصينيين، يرجع إلى تخلى الحكومة ووزارة الصناعة عن تقديم الدعم لأصحابها فى الوقت الذى دعمت فيه الصين أكثر من 300 ورشة ومصنع بالمنطقة، مطالبا الدولة بضرورة إيجاد حل لحماية صناعة الرخام المصرية من التوغل الصينى. وبدوره يقول «جمال فاروق»، صاحب مصنع لتصنيع الرخام، إنه أوشك على الإفلاس؛ لعدم قدرته على منافسة الصينيين فى التصدير، لافتا إلى أنهم يبيعون متر الجرانيت ب«70 جنيها» لسعر المصنع، رغم أن تكلفته الحقيقية «90 جنيها»، فيما يقول «خالد محمود»، صاحب محجر، إنه يفضل التعامل مع الصينيين الذين يشترون «البلوكات» بسعر أعلى من المصريين، موضحا أن معظم خامات الدرجة الأولى من الرخام تذهب إليهم، ولا يتبقى للمصريين سوى خامات من الدرجتين الثانية والثالثة. ويكشف «محمد مصطفى»، صاحب محاجر ومصانع للجرانيت، أنه أغلق 5 محاجر من أصل 7، وذلك لعدم توافر السولار الكافى لنقل الطعام للعاملين فى الجبال وشحن الخامات، مشيرا إلى أن سائقى الشاحنات يتعرضون لمخاطر قطع الطريق، بجانب المخالفات المرورية الباهظة التى يدفعونها يوميا. ويؤكد «كريم عبدالوهاب»، الذى يعمل فى تلك الصناعة منذ 15 عاما على خطورة العمل بالمحاجر ومصانع الجرانيت، لافتا إلى أنها أحيانا تصل بالعاملين فى هذا المجال إلى الموت، ورغم ذلك لا توجد أية تأمينات أو رعاية اجتماعية لهم، فيما يشير «عماد برعى» عامل بمحجر إلى أن فترة العمل تبلغ 8 ساعات يوميا، ويتقاضى العمال عنها أجورا زهيدة لا تتناسب مع حجم الجهد المبذول، محذرا من أن صناعة الرخام تنهار على يد الصينيين الذين يشردون العمالة المصرية، ويستبدلونها بالتكنولوجيا الحديثة والعمالة الصينية الرخيصة. «ياسر راشد» رئيس شعبة صناعة المحاجر يشير إلى أن هناك حملات على منطقة شق الشعبان وإجراءات لإغلاق العديد من مصانع الرخام والجرانيت بحجة عدم مطابقتها للشروط البيئية، موضحا أنه تم إغلاق %60 من المحاجر بسبب عدم توافر مدخلات الإنتاج، كما انخفضت صناعة الرخام بنسبة %16 طبقا لإحصاء مجلس الوزراء مقابل زيادة من 20 إلى %30 على أسعار مدخلات الإنتاج فى مجال الرخام ما زاد من البطالة فى المحاجر والمصانع، موضحا أن ذلك أدى إلى إحباط صناع الرخام والجرانيت وجعلهم يهربون من المنطقة ويتركونها للعمالة الصينية ويضيف «راشد» أن المستثمر الصينى استغل حالة الركود الاقتصادى التى أصابت الدولة المصرية بعد ثورتى 25 يناير و30 يونيو واستطاع أن يسيطر على المصانع، مشيرا إلى أن الصينيين استأجروا %30 من مصانع المنطقة، وأمدوها بمعدات متطورة تكنولوجيا، ما أدى لتشريد آلاف العمال، لافتا إلى أن الصينيين يستأجرون المصانع بواقع 100 ألف جنيه شهريا، لمدة تصل فى بعض الأحيان إلى 5 سنوات، ويدفعون الإيجار مقدماً لأصحابها. ويرى راشد أن الوجود الصينى فى مجال الرخام المصرى أصبح أمرا واقعا، مطالبا بضرورة تقنين العمالة الصينية فى هذا المجال، موضحا أن المستأجر الصينى هو المستفيد الأول من رسم الصادر للرخام والمتمثل فى 80 جنيها للبلوك بالإضافة إلى %8 توفير دعم صادرات على الرخام نصف المصنع. يكشف «محمد مصطفى»، صاحب محاجر ومصانع للجرانيت، أنه أغلق 5 محاجر من أصل 7، وذلك لعدم توافر السولار