أبدى مساعد وزير الخارجية الإيرانى للشؤون العربية والأفريقية الدكتور «حسين أمير عبداللهيان» اندهاشه من عدم إحراز تقدم فى العلاقات بين القاهرةوطهران نحو مستوى مطلوب وجدير بمكانتهما فى معادلات المنطقة والعالم، وأكد فى حواره ل«اليوم السابع» عبر البريد الإلكترونى، على دور الخارج فى عدم تقدم العلاقات، لافتا إلى أن العلاقات بين البلدين يجب ألا تتأثر بتغيرات المرحلة، وأيضا يجب أن تتحرر من العوامل الخارجية لتصبح فى صالح المنطقة كلها. الكثيرون فى مصر يرون غموضا فى موقف طهران من 30 یونیو.. كيف تنظرون إليها؟ وما تقييمكم لخارطة الطريق؟ - ما بدأ فى مصر منذ 25 يناير حركة شعبية قيّمة، ويمكن تفسيرها بثورة حقيقية وحركة شعبية عظيمة وواسعة، وكانت لها مطالب واضحة فى بعدين داخلى وخارجى، وعلى أساسها تشكلت حكومة وفقا للانتخابات، وقيل إن هذه الحكومة كان لديها أخطاء فى الداخل وفى السياسة الخارجية خاصة بشأن علاقاتها مع أمريكا و«الكيان الصهيونى». ومن البديهى أن تستجيب الحكومة لمطالب الشعب، وهناك آليات قانونية، فى حالة عدم التزام الحكومة بتعهداتها يمكن عزلها عن طريق هذه الآليات القانونية بطريقة سلمية وديمقراطية، وقد شاهدنا فى مصر شيئين، الأول: تطورات فى عمق صحوة الشعب والمطالبات الشعبية، وهذه التطورات لم تتوقف حتى وقتنا هذا، ومستمرة. أما الثانى فهى التغييرات وهى عادة تغييرات شكلية ويمكن تفسيرها بتغيير أماكن أو تنقل، ومن وجهة نظرنا تكمن أهمية وقيمة التطورات التى حدثت بمصر فى تشكيل حراك ووعى شعبى فى العمق، وهو ما لا ترغب فيه أمريكا و«الكيان الصهيونى». ونحن نتعجب من إصدار إحكام الإعدام الواسعة الأخيرة فى مصر ولا نعتبرها فى صالح هذا البلد، فالشعب المصرى الثورى قال لا لديكتاتورية حسنى مبارك ومصر لن تعود إلى الخلف. هل كانت إيران تفضل استمرار حكم الإخوان بكل ما فيه من أخطاء ارتكبها الرئيس السابق محمد مرسى؟ - ليس الأمر هكذا، من نرجح لحكم مصر، فالشعب المصرى واع ومتفهم أنه هو من يحدد فى المقام الأول، والحكومة هى التى تعرف المطالب الحقيقية لشعبها، ووفقا لهذه المطالب تنظم القضايا الداخلية والعلاقات الخارجية، والشعب المصرى يولى أهمية لإيران، والشعب الإيرانى أيضا تربطه صداقة وارتباط كبير بمصر وشعبها. ولا يمكن إنكار الموقف المشترك الذى يجمع الشعبين المصرى والإيرانى فى مناهضته سياسات الاحتلال من «الكيان الصهيونى». كيف ترون العلاقة بين مصر وإيران على مدى 3 مراحل، بعد ثورة 25 يناير وخلع مبارك، وخلال حكم الإخوان، وبعد 30 يونيو؟ بشكل مجمل مصر وإيران تتمتعان بعلاقات طبيعية، لكن عدم استقرار الأوضاع فى مصر تسببت فى ألا نشهد تحركا حقيقيا إلى الأمام من ناحية مصر رغم الإشارات الإيجابية من إيران، ونحن لا نرى أى مانع فى رفع مستوى العلاقات بين البلدين. ونتمنى بعودة الديمقراطية واستقرار الأوضاع فى مصر أن نشهد تحركا جديدا فى العلاقات بين البلدين لأنه فى مصلحة البلدين والمنطقة كلها، وتعزيز العلاقات بين مصر وإيران لن يضر أى بلد فى المنطقة. هل قلقكم من أحداث 30 يونيو نابع من التقارب المصرى مع دول الخليج وتنامى التيار السلفى فى مصر؟ - ليس لدينا أية مخاوف أو قلق تجاه مصر أو بشأن علاقاتها مع دول المنطقة، بل على العكس من ذلك تعزيز العلاقات بين مصر ودول المنطقة سيعود بالنفع وفى صالح المنطقة بأكملها، ومنها الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ونحن نعتبر أمن مصر من أمن المنطقة. وتعزيز هذه العلاقات سيساهم فى استقرار وأمن المنطقة وسيكون فى مصلحة الجميع. وبالتأكيد نحن نعتقد فى أنه يجب أن تتشكل وتنمو تلك العلاقات فى أجواء عادية. وألا تتأثر بتغيرات المرحلة، وإذا أصبحت معرضة للتغيير لن يكون فى صالح أحد. كيف ترون العلاقات بين مصر وأمريكا والتقارب المصرى الروسى بعد 30 يونيو؟ - هذه العلاقات متعلقة فقط بالشعب المصرى، نحن لا نتدخل فى نوع العلاقات بين الدول. كيف كان رد فعل طهران على استدعاء الخارجية المصرية للسفير الإيرانىبالقاهرة؟ هل أثر ذلك على العلاقات؟ - سفيرنا بالقاهرة على اتصال دائم بالمسؤولين بوزارة الخارجية، واللقاءات الدبلوماسية لا تعنى دائما استدعاء، بل يمكن اعتبارها أيضا مشاورات. هل ستطرحون موضوع السياحة الإيرانية مرة أخرى على المسؤولين المصريين بعد استقرار الوضع فى مصر؟ - السياحة المصرية تجذب الإيرانيين بشكل كبير، لذا طبيعى أن تتم فى جو مستقر فى مصر، ونحن نرحب بذلك، وأيضا الجذب السياحى بإيران من الممكن أن يثير اهتمام الشعب المصرى. ونأمل أن تصل مستوى العلاقات بين البلدين إلى مكانة نشهد فيها نموا كبيرا فى العلاقات على كل الأبعاد. هل هناك تفكير فى تعاون مصرى إيرانى لمكافحة الإرهاب؟ - للأسف منذ سنوات انتشر فى المنطقة خطر الإرهاب والتكفير، الذى لا يعرف حدودا ولا دينا ولا طائفة ومذهبا. أى شخص يخالف عقيدته يستهدفه.. الإرهابيون التكفيريون ليست كائنات مستقلة تشكلت فى فضاء متجرد، بل يمتلكون مصادر فكرية ومالية، ويجب أن تجف جذورهم. ومصر بلد يتمتع بثقافة معتدلة والوحدة والتقريب تحترم الثقافات والمذاهب الأخرى، ونادى الأزهر على مدى التاريخ بالوحدة والفكر المعتدل، ومصر على مدى التاريخ كانت مأمنا للأنبياء والصالحين. وإيران أيضا بلد ذو ثقافة إسلامية غنية، ولا يوجد مكان للتطرف فى المنطق الدينى والسياسى فى البلدين، وقادرون على نشر ثقافة التقريب بجناحى مصر وإيران فى العالم الإسلامى، وأن نعرض صورة صحيحة عن العالم الإسلامى للمنطقة والعالم كله. فى رأيكم ما هو سبب وجود خلاف بين بلدين مسلمين بحجم مصر وإيران؟ ولماذا تأخر حل الخلاف بين البلدين؟ - نحن نعتقد أنه لا يوجد أى خلاف استراتيجى بين إيران ومصر، فإيران ومصر بلدان مسلمان يمتلكان أعدادا كبيرة من السكان، وشعبان يمتلكان ثقافة وحضارة غنية وتاريخا قديما، حيث يمكنا ذلك من أن نؤثر فى المعادلات الإقليمية والعالمية حال وجود علاقات قوية. نحن بذلنا كل جهودنا خلال هذه السنوات لتنمية العلاقات، وليس لدينا أية ملاحظة أو تحفظ. لذا نحن أيضا نندهش لماذا لا تتقدم العلاقات بين البلدين نحو مستوى مطلوب وجدير بمكانة كلا البلدين فى معادلات المنطقة والعالم، ولا نرى دور اللاعبين الأجانب غير مؤثر فى عدم تقدم هذه العلاقات، وأعتقد أن العلاقات الثنائية بين إيران ومصر يجب أن تتحرر من العناصر الخارجية «الأجنبية» كى تتمكن من أن تسير وتنمو بشكل طبيعى. رأيكم فى مستقبل بشار الأسد فى سوريا؟ وتقييمكم لموقف مصر من سوريا بعد انتهاء حكم الإخوان فى مصر؟ - مستقبل بشار الأسد يحدده الشعب السورى، بشار هو رئيس الجمهورية المنتخب من الشعب، ويتمتع بشرعية، وشرعية رئيس الجمهورية لا تحددها مواقف الدول الأجنبية ولا السلاح ولا المسلحون بل الشعب هو من يحددها. وفى المجمل مصر انتهجت سياسة منطقية بشأن التطورات التى تشهدها سوريا. عدم التدخل فى الشؤون الداخلية لسوريا، والتأكيد على استقرار وسيادة أراضى هذا البلد، والتأكيد على حق الشعب السورى فى تحديد مصيره... ثوابت نشاهدها فى مصر إزاء التطورات التى تحدث فى سوريا وهو ما يتطابق أيضا مع ثوابتنا.