رئيس جامعة قناة السويس يهنئ العاملين بعيد الأضحى المبارك    بعد ارتفاع الكيلو.. أسعار الفراخ اليوم الثلاثاء 10 يونيو 2025 في بورصة الدواجن    إزالة حالة تعد على مساحة 100 متر بقرية أبو نجاح في الشرقية    البورصة المصرية تربح 20.4 مليار جنيه في ختام تعاملات الثلاثاء    رئيس الوزراء يستعرض الفرص الاستثمارية بقطاع الكهرباء والطاقة خلال السنوات العشر القادمة    أزمة لوس أنجلوس.. ترامب يفعل قانون التمرد ويزج بالمارينز في مواجهة احتجاجات الهجرة    الأونروا: النظام الذي تديره إسرائيل لتوزيع المساعدات مهين ولا يهدف لمعالجة الجوع في غزة    روسيا: قصفنا منشآت للصناعة العسكرية في كييف بأسلحة عالية الدقة    الداخلية السورية: 450 ألف عنصر كانوا يقاتلون مع نظام الأسد ضد السوريين    قبل مواجهة أستراليا.. ماذا يحتاج منتخب السعودية للتأهل إلى كأس العالم 2026؟    وجبات غذائية خاصة لبعثة الأهلي لمواجهة الرطوبة في ميامي    وكيل تعليم شمال سيناء يتابع أعمال تصحيح امتحانات الشهادة الإعدادية    العظمى تصل 43 جنوب الصعيد.. درجات الحرارة من اليوم الثلاثاء حتى الأحد    ضبط 3 طن ونصف لحوم ودواجن وأسماك غير صالحة ومجهولة المصدر بالغربية    السعودية: أكثر من 94 ألف فرد عملوا ضمن منظومة حج هذا العام    إصابة 20 شخصا باشتباه تسمم غذائي إثر تناول وجبة طعام خلال حفل زفاف بالمنيا    وفاة شخص وإصابة 4 آخرين في حادث على طريق سيوة مطروح    عضوان بفريق «بي تي إس» الغنائي الكوري الجنوبي ينهيان خدمتهما العسكرية    قصور الثقافة تواصل برنامج «فرحة العيد» بالمناطق الجديدة الآمنة    «هنو» يتفقد قصر ثقافة الفيوم للوقوف على مراحل تنفيذ مشروع التطوير ورفع الكفاءة    الحكومة تجهز فرصًا استثمارية في القطاع الصحي للسنوات العشر المقبلة    النمسا: ارتفاع ضحايا حادث إطلاق النار إلى 10 قتلى و28 إصابة    سحب 732 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكتروني خلال 24 ساعة    بعد فيروس سي.. الحكومة تستعد للإعلان عن القضاء على مرض الجذام    السبكي: تقديم 189 ألف خدمة طبية وتوعوية خلال عيد الأضحى بمحافظات "التأمين الشامل"    مستشفى القلب بجامعة أسيوط يستقبل 1856 حالة خلال شهر    وزير الإسكان يتابع مشروعات المرافق الجاري تنفيذها بالعبور الجديدة والأراضي المضافة لها    أسماء جلال تنشر صورا جديدة لها من حفل زفاف أمينة خليل باليونان    3 أبراج كسيبة والتراب بيتحول ذهب فى إيديهم.. الدلو بيفكر برة الصندوق    فنان العرب محمد عبده والمايسترو هاني فرحات يتألقان بحفلين في 48 ساعة    مراسل القاهرة الإخبارية: 55 شهيدا جراء غارات الاحتلال على غزة منذ فجر اليوم    ماجد الكدوانى ضيف "فضفضت أوى" مع معتز التونى على Watch it غداً    «الإفتاء» توضح حكم الزواج من ذوي الهمم وأصحاب القصور الذهني    بعد عيد الأضحى.. قائمة الإجازات الرسمية في 2025    جهود أمنية مكثفة لكشف غموض العثور على جثة شاب مصاب بطلقات نارية بقنا    القنوات الناقلة لمباراة فلسطين وعمان مباشر اليوم في تصفيات كأس العالم 2026    وزير المالية ل الجمارك: العمل على راحة الحجاج.. وأولوية خاصة لكبار السن والحالات المرضية    «التأمين الصحي»: استحداث عدد من الخدمات الطبية النوعية بالمستشفيات    الأطباء: نتابع واقعة عيادة قوص ونناشد تحري الدقة في تناول المعلومات    السيسي يصدَّق على قانونين بشأن مجلسي النواب والشيوخ    محمد السيد: لست متمرداً.. والزمالك بيتي    الحكومة اليابانية تطرح 200 ألف طن إضافية من مخزون الأرز لكبح جماح الأسعار    المأذونين عبر تليفزيون اليوم السابع: زواج شاب "داون" من فتاة يجوز شرعاً    شيكابالا لإدارة الزمالك: لن أعتزل والفريق سيعانى فى غيابى (فيديو)    مباريات اليوم.. ختام المرحلة الثالثة بتصفيات آسيا للمونديال    ارتفاع الأسهم العالمية والدولار مع تقدم المحادثات التجارية بين أمريكا والصين    فتح باب التقديم لوظيفة مدير عام المجازر والصحة العامة بمديرية الطب البيطري بالغربية (الشروط)    حِجر إسماعيل..نصف دائرة في الحرم تسكنها بركة النبوة وذاكرة السماء    وزير الري يشيد بجهود العاملين خلال عطلة عيد الأضحى    وزيرة إسبانية تدين اختطاف السفينة مادلين : يتطلب رد أوروبى حازم    كندا تتعهد برفع الإنفاق الدفاعي إلى 2% من الناتج المحلي استجابة لضغوط "الناتو"    إمام عاشور يكشف عن وجهته التي يتمنى الالتحاق بها    كارفاخال: هدفنا التتويج بمونديال الأندية    حكم توزيع لحوم الأضاحي بعد العيد وأيام التشريق؟.. أمين الفتوى يوضح    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 10-6-2025 في محافظة قنا    يوميات أسبوع نكسة 1967 في حياة طبيب شاب    الخارجية الإيرانية: الجولة المقبلة من المحادثات مع واشنطن تُعقد الأحد في سلطنة عُمان    صحة سوهاج: 560 جلسة علاج طبيعي لمرضى الغسيل الكلوي خلال أيام عيد الأضحى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من هنا نبدأ
نشر في اليوم السابع يوم 22 - 04 - 2014

أن يظهر شيخ مُعمّم، بصحبة قسيس، فى إعلان تلفزيونى، فيحضا الناس على التبرع لبناء دور عبادة، كنائس أو جوامع، فهذه رسالة محبة لا بأس بها، وجميل أن تتصدر الأخبار صدر الصحف بأن الأزهر يهنئ الكنيسة بعيد الميلاد، أو بأن الكنيسة تهنئ المسلمين بالفطر، لكن تلك مظاهر لا يمكن اعتبارها وحدها دليلا على أن العلاقة بين مسلمى ومسيحيى مصر، سمن على عسل، و«حليب يا قشدة».
وليس عقلانيًا أن نهرب من مواجهة واحدة من أخطر أزمات الحاضر، بالسفر إلى حكايات الجدَّات حول سلوكيات تبادل الطعام بين الجيران أقباطًا ومسلمين، فهذه الممارسات صارت نسيًا منسيًا، فى المجتمع إجمالًا، وفى طبقتيه المتوسطة والغنية تحديدًا، إثر تغلغل فتاوى البداوة إلى الوجدان الجمعى المصرى، وتنامى تأثير الخطاب المتشنج لفئة من أقباط المهجر، ممن لا يخلعون أسمال المظلومية من جهة أخرى، ناهيك عما اقترفته أنظمة السادات فمبارك فالإخوان، مع سبق الإصرار من جرائم تفخيخ الأدمغة ببارود الفتنة، ضمن سياسات أخلصت كل الإخلاص للقاعدة الاستعمارية: «فرّق تسد».
هناك احتقان طائفى.. وما يظهر على السطح من مشاهد مسلوقة، لا تعدو إلا أن تكون محاولة يائسة بائسة، لتزويق ملامح امرأة بلغت من العمر أرذله، بمساحيق رخيصة بعد أن تغضنت بشرتها كثمرة طماطم فاسدة، أو هى كطلاء الجدران الخارجية لمنزل عتيق، بينما مياه الصرف الصحى تستعمر الأساس منه، وتنشع من أعمدته.
صحيحٌ أن هناك على الأرض بين الشعب الواحد، مساحات ضوء، ومن تجلياتها العبقرية، تلك السماحة النورانية التى رفرفت فوق ميدان التحرير، وقت كان الفتى النقى الراحل مينا دانيال، يتأبط ذراع أخيه المسلم فيرقصان، على ميعاد من دون ميعاد، وبعفوية سلسة، تجرى على لسانهما أغنية هى أيقونة من أيقونات يناير: «مينا.. محمد.. ليه الثورة جميلة وحلوة وأنت معايا»، لكن مجددًا هذه استثناءات لا يصح تعميمها.
إن التمعن فى قيام مدرس أحمق مؤخرًا، باغتيال صاحب متجر خردة قبطى، عبر طعنه بخسة غادرة فى ظهره، وهو يردد: «الله أكبر.. حلال حلال»، يؤكد أن هكذا جريمة لم تنشأ من العدم، وإنما من فتاوى الجهالة والحماقة، على شاكلة فتوى الشيخ ياسر برهامى، قبل الحادثة بأيام، بأن العلامة التجارية لإحدى شركات السيارات الأمريكية علامة حرام، وربما بنت حرام، لأنها تحاكى شكل الصليب.
وعلى الجانب القبطى، ومع رصد أن المسيحيين لا يرتكبون جرائم عنف طائفية، لأسباب يطول إلى ما لا نهاية شرحها، إلا أن منصفًا لا يستطيع أن ينكر أن ثمة نماذج متطرفة من القساوسة، منهم «فلوباتير» مثلًا الذى استحث ذات ليل جيوش الغرب أن تتدخل لحماية «شعب الكنيسة» المقموع، وطبيعى أن هذا التدخل سيكون ضد «الشعب الثانى"»!
وبعيدًا عن حماقات من يُصنّفون بأنهم قيادات روحية، سيكون من قبيل دفن الرؤوس فى الرمال، أن ننكر أن أنماط التربية صارت تروى بسخاء أزهار الشوك الجهنمية، فثمة مسلمات ينهين أطفالهن عن تناول طعام أقرانهم المسيحيين، ومسيحيات يغضبن لأن صغارهن تربطهم عرى صداقة بمسلمين، وربما يصل بهن الشطط إلى إسداء النصح، أو الأمر، بتخير أصدقاء من «شعب الكنيسة»، هذا فضلًا عن داهية التعليم السوداء، فليس من المدنية وربما من الإنسانية فى شىء أن نرغم طالبًا قبطيًا، على حفظ آيات من القرآن، ضمن مناهج اللغة العربية، ذلك دون أدنى مراعاة لحقيقة أن الأمر ينطوى على قمع فكرى وعقائدى وأيضًا قهر وتطرف رسمى.
لسنا متسامحين شعبًا ونظامًا، وما نتفيهق به من عبارات تتطنع حول وحدة الصف، إنما تخرج من الحناجر لا القلوب، ما يدفعنا دائمًا إلى نفيها، عبر التطبيل والتهليل والتزمير، لمشاهد الأحضان الشمعية المبتسرة بين رمز من هنا، وآخر من هناك، وهو سلوك يدخل ضمن الحيل السيكولوجية للهرب من مواجهة الأنا المعذبة بآثامها أولًا، ومن ثم للرد على اتهامات الغرب الذى يضغط بهذه الورقة المجانية علينا ثانيًا، علينا أن نمارس الاعتراف بالمشكلة أولًا، ومن هنا نبدأ.
والمؤكد أن النجاح أو الفشل، يعتمدان على وجود إرادة سياسية لوقف سياسة «فرق تسد»، ومن ثم وضع ميثاق شرف إعلامى، بعدم تضخيم أحداث الفتن الطائفية «الصغرى»، وأيضًا عدم التغطية عليها، وكذا تعديل مناهج التعليم، لتأسيس جيل من المصريين، أقل طائفية منا.
إن قصة عبقرية عمر أو خالد مثلًا، يمكن أن يصير بديلهما كتابًا كعبقرية المسيح، أو «معًا على الطريق» لخالد محمد خالد، وهو كتاب ليس أقل أهمية من عبقريات العقاد، فعبر اللغة الرشيقة والمنهج البحثى البديع - لمن لم يطالع العمل - يرصد خالد محمد خالد، ملامح التماثل فى سيرتى رسولى الله محمد والمسيح صلى الله عليهما وسلم، إذا اتخذا فى مواقف مشابهة التصرف ذاته، وقالا القول ذاته، بما يرسخ فى وعى النشء لواقع أن الديانتين فرعان من ساق واحد، وقد أورقا أخلاقًا وقيمًا ومبادئ واحدة، بعد أن سقاهما غيث السماء العذب الطهور الواحد.
من هنا نبدأ.. من فصد الدمل المحتقن، كى لا تتلوث خلايا المستقبل المصرى بثقافة التطرف أكثر مما هى ملوثة الآن.. من هنا نبدأ.. من النظر فى التعليم، باعتباره مسألة أمن قومى، لا يجوز التغافل عنها تحت أى مبررات.
من هنا نبدأ.. ذاك عنوان آخر من عناوين خالد محمد خالد، المفكر الذى فهم الإسلام أخلاقًا سمحة وتسامحًا لا تشوبه الطائفية، فلم يغرق فى وحل التفاهات والخيبة الثقيلة والعميقة، كتحريم علامة تجارية، ذلك أن الله شرح قلبه فأحب محمدًا والمسيح، وأحب من خلالهما العالمين، وناجى ربه وهو ساجد: الله محبة، فحاربه الظلاميون.. كل الظلاميين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.