عزيزى القارئ لا تنزعج عندما تقرأ هنا ألفاظاً سيئة ولا تغضب منى ولا تطلب منى أن ألتزم الأدب ولا تغضب من الجريدة التى نشر على صفحاتها هذا المقال، ولا تداعى أن هذه الألفاظ غريبة على أذنيك لأن هذه الألفاظ يردده أطفال لم تتجاوز الخمس سنوات لم تتعلم حتى الآن القراءة والكتابة، ولم تستطع قراءة مقالى، ثم أننى أردد هذه الألفاظ غصبا عنى كطفل لا يستطيع معرفة الخطأ من الصواب، كببغاء يردد دون حرج، كمجنون يتحدث دون عقل، كمسجل يعرض المادة الموجودة على الكاست مهما كانت، أغنية قديمة أغنية جديدة كلام محترم كلام تافه منحل لن يفرق بين هذا وذاك. أنا أعيش فى مجتمع ملىء بتلك الألفاظ، ولو فكرت فى الهرب منه لن أهرب من الألفاظ التى تطاردنى فى كل مكان، فهى سريعة التنقل أسرع منى ومنك ومن الصاروخ، وإصابتها أعمق من إصابة الصواريخ، وحفظها أسرع وأيسر من حفظ اسمى لأنى أسمعها أكثر من سماع اسمى، ولا تستغرب من اعترافى أن هناك "ألفاظا منحلة فى بيتى" لأنها ومع احترامى لك موجودة فى بيتك أيضاً، وأنت سمحت بها أن تقتحم بيتك دون تصدى وتخشى التصدى لهذه الألفاظ خوفاً من أن تتهم بالرجعية والتخلف والتشدد وأشياء كثيرة، وليست فى بيتك فقط بل هى أيضاً فى بيت أصدقائك وأخواتك، وفى كل مكان تجلس فيه لا تحتج على كلامى قبل أن تجيب عن سؤالى. تعرف الآنسة رشا التى تحولت لمدام فى بيتك فى لحظة واحدة؟ تعرف وديع اللى مركب قرون للأستاذ علطول؟ تعرف الراجل اللى جالس فى بيتك على مرأى جميع أسرتك يتحدث مع الآنسة رشا، ويقولها إنتى قنبلة الموسم وكل موسم إنتى كلك مواهب من الشعر لحد..، أوع تقولى أنك ما تعرفشى الراجل الراقص مع الذئب لو متعر فوش يبقى أكيد تعرف الجالس جنبها...، أكيد شفت البنات كان شكلهم عامل إزاى أكيد تعرف أفلام عربى ... أم الأجنبى، وأكيد تعرف قناة "ميلودى أفلام"، ومعظم القنوات الفضائية المليئة بالعرى والرقص والإثارة والأغانى المليئة بالكلمات المنحطة.. حط النقط على الحروف، ليك الواو، الست عوزه راجل، سمعت مطرب الجيل تامر حسنى وهو بقول لحبيبته فيما معناه قولى لحبيبك الجديد إنه صعبان عليه عشان مش هيلاقى حاجة عندك عشان أنا أخذت منك كل حاجة، أقول كمان: أقول عنك كمبيوتر؟ طبعاً عندك كمبيوتر ونت كمان، والنت عليه كل ما تتمناه بمجرد ضغطه زرار تلاقى نفسك على شاطئ أو فى غرف. أظن أننى كنت صادق لما قولت إن فيه "ألفاظ منحلة فى بيتى" وفى بيتك كمان، أوع تغضب منى ولا تحاول تحاسبنى زى ما أنا مش من حقى أحاسبك ولا من حقى أمنعك من مشاهدة التليفزيون، عارف ليه عشان المفروض إن أنا وأنت ضحية الملقن، والمفروض أنا وأنت نحاسب الملقن ونحاسب المسئولين، ونقف ضد الفساد ونطلب حجب كل ما هو مخل للدين والأدب، دون أن نطلب من رجال الدين الوقوف معنا فى هذه الحملة لأن معظمهم كلام بلا أفعال، مجرد دعاية كاذبة مسموعة، ولكنها ليست ملموسة ولا مؤثرة. كل ما ذكرته فى مقالى هذا ذكرته لرجل من رجال الدين، رد عليه وقال "حسبنا الله ونعم الوكيل"، طرحت عليه سؤال لماذا لا تتصدى لتلك المهازل يا شيخنا؟ قال لإنى لم أرها ولا أسمعها لأنى لم أشاهد التليفزيون، قولت له شاهد وحارب هذا الفساد، لكى تنقذ الأمة قال لى "أعوذ بالله حرام.. مش عارف، ونفسى أعرف حرام ينقذ الأمة ولا حرام يشاهد التليفزيون، لأنى على ما أظن وأن بعض الظن ليس إثما أن شيخنا حافظ كل الإعلانات عن ظهر قلب، ولكنه يخشى الناس ويخشانى ويخشى الحكومة، ويخشى الفقر الذى سوف يحل عليه بعد حرمانه من رضا الحكومة والفضائيات.