أتأمل كثيرًا فيما أنا أفكر فيه بين أمسى وغدى، وآخذ وممسك بقلمى بين أناملى، وفى صدرى حزن قليل، وأسأل نفسي: هل قلمى سوف يبلغ مداه ويحقق غرضه، أم ينكب دون غاية أو هدف، ولكنى أستطيع أن أتمم رسالتى نحو وطنى وشباب وطنى الغائب الحاضر. يقول رسولنا العظيم-صلى الله عليه وسلم- حب الوطن من الإيمان، وأقول لشبابنا المنجرف وراء أعمال التخريب والترهيب، أين أنت من قول رسولنا صلى الله عليه وسلم. شباب مصر المبتكر المبدع المثقف الأزهرى وغير الأزهرى، ماذا أنت فاعل بوطنك؟ ألاّ ترى ما يجرى من حولك من جيرانك الذين يخربون أوطانهم، وأصبحوا الآن بلا وطن، فيجب عليك أن تنظر إلى هؤلاء وتعتبر وتقارن بين وطنك الذى أنعم الله عليك به وبين أوطان جيرانك. أيها الشباب.. تعتقدون أنكم وحدكم فى الحياة، لا.. إن أفكاركم التخريبية التى تحطمون بها جنبات وطنكم وأسوار جامعاتكم، ليست أفعال شباب مصر الذى خرج فى ثورته ينادى بالعدالة والعيش الكريم. إن الأعمال التخريبية التى تقومون بها داخل حرم الجامعات لا تنم عن شباب درس وتثقف وتعلم، ووجب عليه رد الجميل والوفاء لأساتذته وجامعاته. إن المال لا ينفع، إنما يضر أصحابه.. وهو حرام عليك لأنك تأخذه مقابل أن تخرب وترهب وتهين مؤسسات بلدك ووطنك. أقول لك أين انتماؤك لوطنك، إنه مثل أمك تمامًا هل تحرق أمك أو تهين أمك أو تتلفظ بألفاظ خارجة عن نطاق الأخلاق. إن سُعار المادة الذى تجرى وراءه، ما هو إلا سُعار للفح الوجه. إنكم تجرون وراء فجاج الحياة وتتوغلون بمتاهات أنفسكم دون راعى أو مرعى، دون نصير، أنكم إن دعوتم بالقوة فإنكم ضعاف. يا كل أب وأم خرج ابنك ليخرب ويرهب، علمه إن فضيلة الإنسان لوطنه هى أفضل السبل.. وهى أحرى به، علموهم تربية النفس على معاناة الحياة، وأن يستعينوا بالله على معاناتهم حتى يزدادوا قوة ونشاط، وسوف يلقوا بأحسن النتائج علينا وعليهم. أيها الشباب.. صلحوا مفاهيمكم وعقائدكم حتى لا تضلّوا فى فهم وطنيتكم. إن الأدب والأخلاق هى مثل الشجر المثمر، يمكنكم أن تحتموا بظله وتشموا رائحة ثمارها الجميلة. يا شباب مصر أنظروا إلى حاضركم، وتنقلوا إلى ماضيكم بأنظاركم، كى تتعلموا من شباب الماضى، ماذا قدم، وماذا فعل وماذا ترك؟ وتعلموا أن الماضى هو أساس الحاضر ومنبع الوجود والمستقبل. إن احترام الوطن ومقدساته حق وآثاره فى النفوس والجماعات حق. واعلموا أن تحقق الأمانى والآمال كلها لن يتحقق إلاّ أن تكون هناك صلة قوية ورابطة لا تنفك ولا تنفصل يومًا ما. أيها الشباب الثائر.. حب وطنك بحق وحقيقى، وحافظ على وطنك، كما حافظ عليه من قبلكم إخوانكم، واعلموا أنه سيأتى يومًا ما، إما أن تكرهون من قبل أبنائكم أو أحفادكم، وإما أن تنالوا البر والشكر والجميل من أبنائكم وأحفادكم. أيها الشباب الثائر والمنفعل وراء الأحداث والتخريب، أنكم جزء من الوطن، ولا يستطيع أحد أن ينكر عليكم شبابكم، فهو أعظم قوة ونشاطًا تفيد الوطن ولا تخرب ولا ترهب، إنكم أكثر همة وعزيمة، وآراؤكم وأفكاركم وتصوراتكم وآمالكم يجب أن تخدم الوطن وتبنى الوطن وتحافظ على الوطن، فأنتم أبناء الوطن الواحد، أكرر.. انظروا من حولكم ماذا جرى لإخواننا فى البلدان والأوطان الأخرى، فاحمدوا الله على ما أنتم فيه، والهثوا وراء مستقبلكم متلهفين عليه بين الحين والآخر. فهذا هو مسلككم وغايتكم. الوطن غال وأنتم أغلى ما فى الوطن، فكونوا حريصين على وطنكم ولا تخربوا ولا ترهبوا وتقتلوا وتهدموا.. راعوا الله فى وطنكم وعودوا إلى صوابكم.. الوطن فى احتياج للجميع.. الوطن يجمع ولا يفرق يا شباب الأزهر ويا شباب الجامعات. حماك الله يا مصر...